إحدى أسواق بغداد

في العراق يلجأ التجار إلى تصريف بضائعهم المكدّسة في المخازن عبر إغراء المستهلكين بالدفع لآجل، ما من شأنه محاربة التضخم الذي ارتفع خلال العام الماضي بنسبة 7.6%، نتيجة لارتفاع أسعار المواد الغذائية والملابس.


بغداد: في متجر اكتظّ بأنواع الأجهزة الكهربائية من ثلاجات ومجمّدات وتلفزيونات ومستلزمات منزلية أخرى في منطقة ( جميلة ) في بغداد ، تتجول عشرات الأسر ، كخطوة أولى نحو قرار شراء جهاز.

وبدت أمينة حسن (معلمة) راغبة في شراء ثلاجة وتلفزيون لكنها عرضت على صاحب المتجر الدفع بالأقساط، وبحسب أمينة فان الارتفاع المفرط في مستوى الأسعار ، لا يتناسب مع الدخول النقدية للفرد، وتتابع: كلما زادت الرواتب ارتفعت الأسعار لاسيما الأجهزة الكهربائية، وبعد ان استكملت أمينة أوراق الاتفاق ، اصطحبت الثلاجة والتلفزيون معها ، لكنها قلقت فيما اذا كانت تستطيع دفع نحو مائة الف دينار عراقي كبدل قسط شهري.

وتتراوح أسعار تلفزيونات ( قيثارة ) العراقي ، بين (400) ألف دينار و (900) ألف دينار ، حيث يمكن تقسيط المبلغ . لكن الأجهزة الأجنبية تتجاوز هذه الأرقام بأضعاف مضاعفة.

تكدس البضائع

ونظام التقسيط تعمل به اليوم، الكثير من الشركات والمتاجر، حيث يرى عبد الصاحب سعيد ( تاجر) انه من دون أسلوب الدفع الآجل ستتكدس البضائع بلا أدنى شك.

ويتابع: لجأت إلى هذه الطريقة رغم الكثير من المشاكل التي تصاحبها، ويضيف: بعض هذه المشاكل ، هو اختفاء الزبون بعد ان يكون دفع قسطين او ثلاثة ، لأنه لم يعد قادرا على الاستمرار بالدفع كما يسوقها الكثير من الزبائن على شاكلته.

ومثل سعيد، يلجأ الكثير من التجار وأرباب المصالح الى تصريف بضاعتهم المتكدسة في المخازن عبر إغراء المستهلك بالدفع الآجل ، وبأقل الأقساط الممكنة.

ومنذ العام 2003 فتح باب الاستيراد لجميع السلع دون قيود الا قيود الجودة والسلامة .وهي قيود يمكن غض النظر عنها عبر رشوة الموظف المختص في بعض الأحيان.

وغالبا ما تحتل المعارض التجارية مراكز المدن وتمتد عروضها إلى ساعات متأخرة من الليل في مدن كردستان وبغداد والمدن الأخرى ، في فعاليات تجارية تحاول كسب الزبائن.

وفي نهاية عام 2011 ارتفع معدل التضخم السنوي في العراق إلى 7.6 بالمائة بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والملابس.

أسعار النفط

ويقول رحيم الخالدي (مدرس) : أعدت ترميم منزلي واشتريت سيارة حديثة ، وبعض العدد المنزلية ، بطريقة الإقساط تصاحبها (الفائدة) التي يحددها البائع على كل بضاعة.

ورغم أن السوق العراقية تشهد انتعاشا بفضل ارتفاع أسعار النفط وانتعاش مستوى رواتب الموظفين اضافة الى تصاعد وتيرة الإنفاق الحكومي ، فان هناك كسادا واضحا في الأسواق بحسب لؤي امين (صاحب متجر).

ويقول الخبير الاقتصادي أمين حسين انه في ظل ناتج إجمالي في بلد يعد مصدراً رئيساً للنفط في العالم فان من المفترض ان ينعكس النمو على الحركة الاقتصادية.

عطش استهلاكي

ويعتقد حسين أن هناك ( عطشا ) استهلاكيا يسود الشارع العراقي بسبب سنوات من الحصار الاقتصادي غابت فيه الكثير من الأجهزة المنزلية حيث ادى انخفاض قيمة العملة مقابل أسعار السلع والخدمات، الى افتقار الكثير من بيوت العراقيين على الجاهزة الكهربائية الضرورية للمنزل.

وفي مدينة النجف (160 كم جنوبي بغداد) ، يروج بشكل لافت البيع بالتقسيط بل ان سيارات تجوب الأحياء وتعرض البيع بهذه الطريقة.

لكن المشكلة بحسب حسين ان الاقتصاد العراقي يعتمد على النفط بالدرجة الأولى ،بينما يغيب دور الإنتاج الوطني ويضمحل القطاع الخاص مما يوجد وضعا اقتصاديا غير موثوق به.

ويتابع: اغلب العراقيين يرون في التحسن الاقتصادي مرحلة عابرة، حيث سرعان ما سيتلاشى بسبب غياب البنية التحتية لبناء اقتصاد متين. لكن ذلك لا يمنع من اقبال الجمهور على شراء السلع . ويتابع: الشباب هم الفئة الأقل قدرة على تلبية متطلبات الاستهلاك بسبب انتشار البطالة بينهم ، حيث بلغت نسبة تثير قلق الاقتصاديين والسياسيين في البلاد.

فرص العمل

ويرى حسين ان توفير فرص العمل في السنوات المقبلة يفتح أبواب الاستثمار الأجنبي ، ليوفر فرص عمل كثيرة لاسيما بين الشباب ما يمكنهم من توفير مستلزمات الحياة.

من جانبه يرى سلام راضي ( صاحب معرض سيارات )، أنّ البيع بالتقسيط يعد الحل المناسب لمشكلات يسببها التضخم.

ويرى الخبير الاقتصادي سعد حسن الناشط في سوق بغداد للأوراق المالية ان اعتماد العراق على النفط فحسب، يجعل احتمالية حصول عجز مالي متوقعا في أي لحظة اذا ما انخفض سعر البرميل.

وبحسب حسن، فان المواطن العراقي يحتاج الى قروض تمويلية تساعده في تجاوز مرحلة انتقالية بين زمن عانى فيه من اقتصاد الحرب والحصار الى اقتصاد السوق.