المقر المركزي لمجموعة أوراسكوم تيليكوم في الجزائر

بعد مدّ وجزر استمرا 26 شهرًا، أعلنت الجزائر رسميًا عن تأهبها لشراء 51% من رأسمال المجموعة المصرية quot;أوراسكوم تيليكوم الجزائرquot; وعلامتها التجارية quot;جازيquot;، في تطور يؤذن بإنقلاب موازين سوق الاتصالات، في سوق تستوعب ما يربو عن 35 مليون مشترك.


الجزائر: أكّدت مصادر حكومية جزائرية لــquot;إيلافquot;، اقتراب ترسيم شراء فرع مجموعة أوراسكوم في الجزائر قبل نهاية آذار/مارس 2012.

في هذا الصدد، يفيد موسى بن حمادي وزير الاتصالات الجزائري أنّ بلاده ستأخذ غالبية رأسمال رائد سوق الهاتف الخلوي في الجزائر، مباشرة بعد توقيع اتفاقين يحددان شروط التنازل مع المتعامل الروسي quot;فيمبلكومquot;، الذي اشترى 51.7% من أسهم أوراسكوم، بموجب اتفاق اندماج بين الشركتين في آذار/مارس 2011.

في المقابل، لا يريد وزير المال الجزائري كريم جودي استباق الأحداث، إذ أرجأ إتمام الصفقة إلى ما بعد انتهاء المباحثات مع الطرف الروسي. وإلى جانب عدم استبعاده شراء الجزائر لفرع أوراسكوم بكامله، أو أكثر من 51 % من الأسهم، فإنّ جودي يصرّ على أنّ العملية لا تزال في شوط تقويم قيمة شركة أوراسكوم تيليكوم الجزائر، ولن يتم اتخاذ أي إجراء إلاّ بعد الانتهاء من التقويم إياه، الذي سيقود إلى ضبط ما سمّاه quot;عقد المساهمينquot;، غداة ما نجم من تلكؤ آل ساوريس في دفع ما يقارب 665 مليون دولار كمستحقات ضريبية للدولة الجزائرية، إلى جانب تحويل الملاّك السابقين لأوراسكوم لـ190 مليون دولار، ما ألقى بظلاله على مؤدى التقويم الجاري.

نصّت مذكرة التفاهم المبرمة أخيرًا بين السلطات الجزائرية ومجموعة فيمبلكوم الروسية على أنّ تسيير وسائل مراقبة أوراسكوم الجزائر ستوزّع بين أوراسكوم تيليكوم هولدينغ والدولة الجزائرية طبقًا للترتيبات، التي سيجري الاتفاق عليها بين الطرفين، في وقت أشارت مصادر مطلعة على الملف إلى إمكانية شراء الجزائر كل رأسمال فرع أوراسكوم في الجزائر، إلاّ أنّ ذلك قد يصطدم برفض الروس، الذين ينووون الحفاظ على جزء من الرأسمال، بعدما سبق لهم أن وافقوا على التنازل عنه لقاء 7.8 مليار دولار، وهي قيمة رفضتها السلطات الجزائرية.

إلى ذلك، يشير المتخصص أنيس نواري إلى غموض يكتنف مضامين مفاوضات استمرت 26 شهرًا، وكذا حيثيات الاتفاقين المزمع ترسيمهما، إذ يبقى التساؤل قائمًا بشأن تعاطي الدولة الجزائرية مع نسبة 51 % المترتبة عن هذه الصفقة، ويتكهن نواري بسيناريوهين، الأول ينص على احتفاظ الطرف الجزائري من خلال المتعامل العمومي اتصالات الجزائر بـ51 %. أما السيناريو الثاني فيتعلق ببيع جزئي لأسهم أوراسكوم في السوق الداخلية.

هذا الغموض بدّده كريم جودي جزئيًا بكشفه عن دخول مجموعة جزائرية مملوكة للحكومة ndash; لم يكشف عن اسمها - في رأسمال أوراسكوم، على أن تتولى هذه المجموعة بتسيير هذا الرأسمال، لكنه لم يعط تفاصيل أكثر حول ما إذا كانت هذه المؤسسة ستكون المشتري الجزائري الوحيد، أم مجرد شريك مع الدولة الجزائرية لفرع أوراسكوم، الذي اشترته فيمبيلكوم سنة 2011.

وعزا جودي إحجامه عن منح معلومات أكثر إلى التزام كل من الطرفين الجزائري والروسي بواجب التحفظ، الذي يفرضه اتفاق السرية الموّقع في كانون الأول/ديسمبر 2011 بين الجانبين، علمًا أنّ القوانين الجزائرية السارية التي تمنح المستثمرين الأجانب الحق في تسيير مؤسسات في إطار الشراكة، ما يمكّن فيمبلكوم الروسية من حق التسيير، حتى وإن كانت تملك أقلية الحصص.

من زاوية احتمالات الربح والخسارة وتداعيات ذلك على الاستثمارات العربية في الجزائر، يرى المحلل سليم لعجايليةأن الاستثمارات بشقيها العربي والغربي تأثرت وستبقى متأثرة بتذبذب التشريعات في الجزائر، بحكم إقدام السلطات على تغييرها في كل مرة، وليس شراء أو بيع أوراسكوم هو من سيصنع الفارق.

إلى جانب ذلك، يؤكد لعجايلية أنّ ما حصل لأوراسكوم منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2009، انعكس سلبًَا على وضعها في السوق، وهو ما يبرزه تراجعها عن استقطاب أكثر من 63.7% من مشتركي المحمول في الجزائر، إلى 46.81 %، حيث فضّل الكثير من مشتركيها التحوّل إلى الوطنية الكويتية وعلامتها التجارية نجمة، وبدرجة أقل الجزائرية للاتصالات وعلامتها التجارية quot;موبيليسquot;.

يبدي لعجايلية تحفظًا بشأن طبيعة مستقبل أوراسكوم، في ظل غموض الاتفاق المزمع إتمامه في غضون الشهرين المقبلين، وما يلفّ حكاية quot;البند السريquot;، ما يجعل أفق المجموعة، التي كان يمتلكها سابقًا آل ساوريس، مشرّعًا على كل الاحتمالات.

ويجزم مراقبون أنّ تحوّل ملكية أوراسكوم يعني أفولها بشكل كبير، خصوصًا وأنّ مجموعة أوراسكوم خسرت مكانتها، ويتوقع أن تخسر مكانتها وصدقيتها لدى الزبون الجزائري، سيما مع رداءة خدماتها، وما تردد عن مضايقات واستغلال قد تترك انعكاسات.

يُشار إلى أنّ مجموعة أوراسكوم استثمرت منذ دخولها إلى السوق الجزائرية في العام 2001 ما لا يقلّ عن 4 مليارات دولار، وظلت جازي إحدى العلامات التجارية الأكثر دخلاً على مدار السنوات العشر المنقضية، قبل أن ينقلب وضعها من النقيض إلى النقيض، مباشرة بعد إقدام إدارة أوراسكوم سنة 2008، على بيع مصنعها للأسمنت في ولاية المسيلة (330 كلم شرق) إلى المجموعة الفرنسية ''لافارج''، من دون استشارة السلطات الجزائرية، وهو قرار أغضب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ووزيره الأول أحمد أويحيى، وجعل الجزائر تشهر quot;حق الشفعةquot; ضدّ كل مستثمر أجنبي يريد تحويل أو التخلي عن استثماراته في الجزائر.