برلين:يشعر كثير من الأوروبيين بتعاطف وتضامن كبيرين مع أحداث الربيع العربي في العام الماضي، لكن المنطقة تفصلها مسافة طويلة عن نقطة عودة السياحة إلي طبيعتها في الوقت الذي يميل فيه السائحون إلي التوجه الواضح ويفضلون زيارة الأماكن والمناطق ذات الاجواء الهادئة والآمنة . وسواء في منتجعات الغوص الرائعة بطول ساحل البحر الأحمر أو مقابر الفراعنة بطول نهر النيل، أو عجائب الدنيا السبع القديمة أو الشواطئ المشمسة في تونس، فإن هناك وفرة من المناطق السياحية الشاغرة. وألغى كثير من السائحين رحلاتهم جراء ورود تقارير عن الاضطرابات على الرغم من أن الوضع في مناطق قضاء الإجازات سلمي وليس هناك ثمة حاجة لخوف السائحين من الحد من حرية تنقلهم. وتجد شركات تعرض جولات دراسة أو جولات ذهاب وإياب في عدد من المقاصد السياحية شعورا بالعصبية بين الزبائن المحتملين، حيث أشارت نتائج شركة ألمانية كبرى في عام 2011 إلى انخفاض السائحين القاصدين مصر إلي أكثر من النصف في عام 2011 مقارنة بالعام الذي سبقه.


وألغت عدة شركات طيران رحلاتها إلى القاهرة في الأسابيع التي تسبق الذكرى السنوية لتنحي حسني مارك نتيجة لضعف الطلب. وخفضت المخاوف الأمنية الطلب بصورة كبيرة. كما أنه من المرجح أن تزيد أعمال العنف التي شهدتها مباراة كرة قدم في مدينة بورسعيد وأسفرت عن مقتل أكثر من 70 شخصا من مخاوف السائحين. كما يشعر كثير من السائحين الأوروبيين بالقلق جراء الفوز الأخير لأحزاب إسلامية في مصر وتونس، وهو ما لم يستطيعوا تقييمه. وقال خبير السياحة الألماني كارل بون 'لا يتعين أن نظل هكذا' ، لكنه لا يتوقع أن تعود الأعداد لمستوياتها القديمة خلال عام 2012 . وانخفضت أعداد السائحين الذين يزورون مصر بأكثر من الثلث في العام الماضي، وفقا لبيانات وزارة السياحة بالبلاد . فبينما زار مصر 15 مليون سائح أجنبي في عام 2010 ، وصل العدد العام الماضي لنحو تسعة ملايين سائح.


وقال محمد جمال، وهو مسئول قنصلي مصري بارز في ألمانيا، إن السياحة تساهم بحصة تبلغ 11.6' في الناتج المحلي الإجمالي وبحصة في سوق العمل تبلغ 12'، لذا فهي أحدى أعمدة الاقتصاد المصري، واضاف انه متفائل للغاية بان السياحة في مصر ستستعيد خلال عام 2012 مستويات ما قبل الثورة. وتقول مجموعة توي السياحية الأوروبية الشهيرة إن السياحة التونسية تتعافى بشكل أكثر بطئا. كما ذكرت الشركة في مقرها بهانوفر أنها تتوقع تباطؤ الطلب هذا العام وأنها قامت بتوفيق حزماتها تبعا لذلك. وقالت متحدثة باسم توي 'في الوقت الحالي لم نصل للمستويات التي كنا عليها قبل الثورة لكننا نتكيف بمرونة مع حجم الطلب'.


وقدرت منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة انخفاض السياحة في شمال أفريقيا في العام الماضي بنسبة 12'، على الرغم من أن هذه النسبة لا تشمل كل البلدان في المنطقة. لكن الإحصائيات لا تشير إلى أن شمال أفريقيا والشرق الأوسط هما فقط اللذين يسجلان انخفاضا في السياحة. ففي العالم بأسره، ارتفعت أعداد السائحين بنسبة 4.4' لتسجل رقما قياسيا بلغ 980 مليون سائح ، ويتوقع أن ترتفع النسبة لما بين 3 و4' في العام الجاري. وتعتقد المنظمة أن البلدان العربية ستتمكن من تعويض جزء من خسائرها، لكنها قالت إنه من الصعب وضع توقعات دقيقة نظرا للريبة بشأن التطورات السياسية في تلك البلدان.