الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين أمر لا مفر منه

على أثر زيارة رئيس الوزراء الصيني لعدد من دول الخليج، من بينها الإمارات، أعلن البنك المركزي الصيني عن توقيع الصين والإمارات إتفاقية مقايضة للعملات، بما قيمته 35 مليار يوان، حيث تدور تخمينات حول إستبدال الدولار باليوان في المبادلات النفطية بين البلدين.


مهدي بن رجب: لم تكن حرب العملات يوماً أكثر احتداماً مما هي عليه اليوم. وقد صار من نافل القول الإشارة إلى أن الصراع حول النفوذ المالي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين يقعفي قلب المعركة الهادفة إلى توسيع مناطق النفوذ إلى أقصى تخومها.

وقد تناقلت بعض وسائل الإعلام أخباراً غير مؤكدة عن إتفاق تم توقعيه بين الصين والإمارات، يقضي بإستبدال الدولار باليوان في المعاملات النفطية بين البلدين. المسؤولون في دولة الإمارات، من وزارة الطاقة ووزارة التجارة الخارجية ومصرف الإمارات المركزي، جميعهم صرّحوا لـquot;إيلافquot; أنه quot;لا علم لهم بالخبر، وبالتالي لا يمكنهم إثباته أو نفيهquot;.

في الأثناء، صرّح الخبير الاقتصادي سليم أحمد بدران لـquot;إيلافquot; أن هذه الاتفاقية إن ثبتت فإنها تندرج في إطار سياسة نقدية صينية متكاملة، تقضي ببسط اليوان كعملة مرجعية عالمية، فسياسيًا سيكون الأمر أشبه بتأكيد دور الصين كقوة ذات بعد عالمي. أما اقتصادياً فستتمكن الصين شيئاً فشيئاً من التخلص من التبعية المفرطة للدولار، التي تظل عملتها الاحتياطية وعملة استثماراتها.

اليوان الصيني يزاحم الدولار في مجال نفوذه

ثم يضيف الدكتور بدران أن quot;الصين تعتمد إستراتيجية الخطوة بخطوة لبسط نفوذ عملتها، وذلك عبر تعزيز تداول اليوان في الأسواق المالية العالميةمن خلالمراكز quot;الأوفشورquot;، التي تتبعها، مثل هونغ كونغ مثلاً أو عبر اتفاقيات مقايضة مع بنوك أجنبية تتبع أهم شركائها الاقتصاديينquot;.

يقدر الخبير الاقتصادي أنه من الطبيعي البحث عن تنويع الاحتياطات النقدية كإجراء وقائي لأية تعقيدات قد تطرأ على عُملة بعينها، وأن دول مجلس التعاون الخليج باتت تنظر إلى الشريك الصيني بطريقة أكثر براغماتية: quot;من الوارد جدًا أن تحتل الصين المرتبة الثانية في ترتيب الدول الأكثر استهلاكاً للطاقة في العالم، وهي تستورد أكثر من نصف وارداتها النفطية من دول الخليج، لذلك من الطبيعي أن ينظر إلى الصين كشريك اقتصادي بالغ الأهمية، وما المقايضة المالية الأخيرة إلا خطوة ستتبعها خطوات أخرى نحو تسهيل العمليات التجارية بين الطرفينquot;.

يُذكر أن التجارة بين الصين والإمارات كانت قد سجلت نمواً بلغ 32 مليار دولار في الـ11 شهرًا الأولى من العام الماضي، بارتفاع يقدر بنحو 38.2% خلال الفترة نفسهامن عام 2010. في حين بلغت قيمة الصادرات الصينية إلى الإمارات نحو 24.3 مليار دولار.

وعن سؤال إن كانت الدول الخليجية ستحذو حذو الخطوة الإماراتية، إن صحّت طبعاً، يرى الدكتور بدران أن الدولار الأميركي أصبح يشكل خطرًا على الاحتياطيات النقدية لدول الفوائض المالية، لذلك فإن هذه الدول صارت تبحث عن سلاّت عملات لمبادلاتهاالنفطية، لافتاً النظر إلى أن فترة الكساد الاقتصادي الذي يعانيه الإتحاد الأوروبي، والتي من المتوقع أن تطول، إضافةإلى تنبؤات بتحقيق الولايات المتحدة الأميركية لاكتفاء ذاتي في مجال الطاقة على مدى بعيد بفضل تطوير تقنيات استخراج النفط، كلها عوامل تدفع بالدول الخليجية إلى الاتجاه شرقًا نحو الصين والهند واليابان وغيرها لتسويق النفط.

ويشير الخبير الاقتصادي في سياق متصل إلى أن الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين quot;أمر لا مفرّ منهquot;، وهي أساساً صراع على مناطق النفوذ، خاصة وأن الصين في الجانب الاقتصادي، ستعتمد تدريجيًا على مواد quot;طاقيةquot; أكثر من الولايات المتحدة الأميركية نفسها. ثم يضيف أن الذهب يمكن أن يعوّض الدولار في الفترة الانتقالية ما بين التخلي عن العملة الأميركية وإستعمال الصينية.