البنزين ينضم إلى قافلة الأزمات السورية

تتصاعد حدة الأزمات المعيشية في سوريا يومياً، ما ينذر بإنفجار شعبي احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية، حيث أصبح وجود مادتي المازوت والبنزين نادراً جداً. البعض يرجع الأسباب إلى عدم وصولها إلى المحطات في حين أكد مصدر سياسي أن السبب هو سوء الأحوال الجوية.


دمشق: بينما تنشغل الحكومة السورية التي توكل إليها مهمة إدارة المسائل المعيشية والخدماتية للمواطنين السوريين، وعدم الاضطلاع بقضايا السياسة أو الدفاع أو الأمن الوطني، كما جرت العادة لحكومات سوريا المتعاقبة، في ظل نظام سياسي رئاسي يجمع السلطات في يد شخص الرئيس والدائرة الضيقة المحيطة به، فإن تصاعد حدة الأزمات المعيشية اليومية التي تعاني منها المدن السورية تباعاً، ينذر بانفجار شعبي وشيك احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية.
شتاء سوريا القارس هذه السنة كلّف السوريين مشقة البحث عن مادة التدفئة الأولى في البلاد ساعات طويلة كل يوم، ثم انضم إليها الغاز المنزلي، ولاحقاً الكهرباء، وفي كل مرة كانت الحكومة السورية تبرر تناسل الأزمات بالأحداث الجارية في البلاد واستهداف quot;المجموعات المسلحةquot; لهذه المواد للضغط شعبياً عليها.
وأخيراً لحق البنزين بالمازوت في قائمة الأزمات التي بات المواطن السوري يعاني منها، إذ أصبحت مادة نادرة في بعض محطات الوقود في محافظة ريف دمشق، واتخذ أصحاب السيارات طوابيرهم الخاصة على المحطات سعياً منهم للحصول عليها.

وبينما راوحت أزمة المازوت مكانها، على الرغم من توفير كميات إضافية من مخصصات المحطات من المشتق النفطي، بحسب زعم مصادر حكومية، شكا بعض أصحاب المحطات من عدم صحة ذلك، قائلين إن مادة المازوت لم تصل إليهم منذ ثلاثة أسابيع.

وتنتشر قصص المعاناة للحصول على البنزين انتشار النار في الهشيم، فأحد سائقي السيارات العمومية يقول إنه جال على أكثر من أربع محطات من معضمية الشام وحتى داريا، حتى وجد محطة تبيع البنزين على اوتستراد درعا،فانتظر ساعة كاملة حتى تمكن من تعبئة خزان سيارته، ويكثر الحديث بين السائقين عن أن هذا الشح في المادة يأتي تمهيداً حكومياً لرفع سعره من جديد.
وفي إحدى المحطات قرب الحجر الأسود، يصطف أكثر من 200 شخص ينتظرون قبل ساعتين من وصول صهريج كبير معبأ بالمازوت لضمان حصولهم على المادة، وفي الوقت الذي يصطف هؤلاء للحصول على البنزين يقتنع النصف الباقي بترك غالوناتهم إلى الساعة ذاتها من اليوم التالي.

السبب الرئيسي لنقص مادة البنزين، بحسب أصحاب المحطات، يعود إلى عدم وصول المادة إلى محطات التوزيع، وتكمن المشكلة في أن الحصول على المخصصات من هذه المادة يتطلب quot;إكرامياتquot; توزع على سائقي الشاحنات مقابل إيصالها، الأمر الذي يساهم في رفع سعر ليتر البنزين، ناهيك عن الإشاعات باحتمال ارتفاع جديد للأسعار.
من جهته، أعاد مصدر مطلع في فرع محروقات الريف السبب الرئيسي لعدم توفر المازوت ولاحقاً البنزين إلى عدم توفر المادة في مستودعات عدرا التي تغذي العاصمة وريفها وصولاً إلى مدن الجنوب السوري، ما يضطر أصحاب المحطات لاستجرار المادتين من مستودعات حمص وبانياس عن طريق صهاريج المديرية، بعد أن يقوم صاحب المحطة بدفع إكرامية قد تصل في بعض الأحيان إلى 30 ألف ليرة، على اعتبار أن استجرار المادة من حمص وبانياس أمر غاية في الصعوبة نتيجة التخوف من الطريق، نافياً وجود أية نية لزيادة سعر البنزين ولكن من المحتمل رفع سعر مادة المازوت خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أنه يتم تزويد المحطات حسب مخصصاتها ومحاضر لجان المحروقات.

في المقابل، نفى وزير النفط والثروة المعدنية، المهندس سفيان العلاو، بشكل قاطع أن تكون لدى الحكومة نية برفع سعر البنزين، مشيراً إلى أنه عدم وجود أفكار بهذا الصدد لدى الحكومة حالياً أو مستقبلاً.
وأرجع الوزير سبب النقص في مادة البنزين خلال الأيام القليلة الماضية إلى تساقط الثلوج بشكل كثيف على المحاور الطرقية التي تستخدمها الصهاريج لنقل المادة من حمص إلى دمشق، مشيراً إلى أن الاعتماد الكلي على نقل البنزين برياً إلى المنطقة الجنوبية تم عقب استهداف خط الأنابيب الإستراتيجي الذي يضخ البنزين من حمص إلى دمشق بفعل quot;الأعمال الإرهابيةquot;.

وكشف عن أن ورش الصيانة تعكف على إصلاح خطوط وأنابيب النفط التي ضربها quot;الإرهابيونquot; في حي laquo;بابا عمروraquo; في حمص مؤخراً، منوهاً بعمل الورش الذي بدأ عقب quot;تحريرquot; الحي المذكور من quot;العصابات المسلحة الإرهابيةquot; وإزالة الجيش العربي السوري لجميع العوائق.
وقال العلاو: quot;إن الحديث عن نقص في مادة البنزين خضع للإشاعات والتضخيم من قبل أصحاب المحطات على وجه الخصوص، وذلك على الرغم من أن محطة وقود واحدة لم تتوقف عن العمل والتزويدquot;. أما بالنسبة إلى مادة المازوت، فأكد الوزير أن الضرر الذي لحق بأنبوب الضخ يتم العمل على إصلاحه أيضاً لضخه إلى المنطقة الجنوبية.