تختلف الآراء عادة في ظل انخفاضات السوق المتكررة بين المتعاملين والمحللين ذوي الخبرة العملية وكذلك الأكاديمية، الذين عادة ما يرجعون أسباب الانخفاض إلى تحليلات اقتصادية وسياسية منطقية، يجب أن تتواكب مع التحليل الواقعي لأداء السوق والاقتصاد السعودي على حد سواء.


متعامل في السوق السعودية

حسن الأحمري من الرياض: في بداية العام 2012 استبشر عدد كبير من المتعاملين في السوق الراغبين في الربح السريع بانتفاضة السوق وعودتها إلى الاخضرار بشكل متواصل لأسابيع عدة، مسجلة أرقامًا قياسية في أحجام التعاملات وحجم السيولة المتدفقة، وبدأت البنوك في إظهار محفزاتها وعروضها البيعية، وفي المقابل اتجهت الصحف الاقتصادية إلى تحليلات السوق بعدما هجرتها لسنوات عدة في أعقاب أزمة 2006 المحلية، وأزمة 2008 العالمية.

إلا أن عددًا لا بأس به من المحللين الاقتصاديين، وخاصة الأكاديميين منهم، نشروا مقالات عدة رسمية وغير رسمية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، جاء فيها أن الوضع الحالي للسوق غير مطمئن، ومن الخطأ الاندفاع كما حصل في 2006 وما قبل، وأن السوق مقبلة على مرحلة تصحيح، قد تكون قاسية، خلال الأيام المقبلة، بعد الارتفاع الكبير، الذي تجاوز حاجز الـ7000 نقطة النفسي، والذي لم ينجح المؤشر في أكثر من مناسبة في اختراقه خلال الأعوام الماضية، حتى بات رقمًا بعيد المنال نوعًا ما في فترة من الفترات.

خطاب مسرّب للملك عبدالله يدعو إلى المساواة
وخلال الأيام الماضية، انتشر خطاب مسرّب موجّه من الملك عبدالله إلى هيئة السوق المالية بضرورة معاملة جميع المستثمرين، سواء كانوا أمراء أو مواطنين المعاملة نفسها، خاصة في ما يتعلق بالعقوبات التي تفرضها الهيئة على المخالفين من غرامات مالية وإيقاف التداول، إضافة إلى إيقاف بعض الشركات بسبب عدم التقيد بتعليمات ولوائح الهيئة. وأثار هذا الخطاب تساؤلات كبيرة حوله، وما إذا كان سيؤثر بشكل إيجابي أو سلبيفي المؤشر خلال الأيام المقبلة.

يقول المحلل الفني للسوق سعود العامر، إن التراجع الذي نشاهده حاليًا طبيعي جدًا، بل وصحي للغاية، حيث إنه تمت الإشارة عبر عدد من المحللين خلال الأيام الماضية إلى أن السوق ستتراجع على الأقل 300 نقطة حتى تستعيد التوازن مرة أخرى، لغربة المستثمرين في جني الأرباح وإعادة ترتيب المحافظ، إضافة إلى أن نتائج الربع الأول ndash; التي تعتبر عادة مؤشرًا لأداء الشركات إلى نهاية العام ndash; على وشك الإعلان إن لم تعلن بعض الشركات قوائمها المالية خلال اليومين الماضيين، ما سيجعل السوق تشهد ركودًا نوعًا ما وتراجعًا في قيمة المؤشر، يصاحبه تراجع في الطلب على الشراء ورغبة أكبر في البيع بعد تحقيق نسب أرباح جيدة للمستثمرين قصيري ومتوسطي الأجل.

يضيف سعود أن خطاب الملك يعتبر مهمًا جدًا، وهو يدعو إلى التنظيم ومكافحة الفساد داخل السوق، والمساواة بين المستثمرين وعدم المحاباة، وهو الأمر الذي يطالب به المستثمرون والاقتصاديون منذ فترة طويلة لإضفاء المزيد من الشفافية على التعاملات في السوق، والطمأنينة لدى المستثمر بعدم وجود تلاعبات، ولكن المشكلة تكمن في التطبيق لمثل هذه القرارات ومتابعتها.

معدل السيولة ونقاط المؤشر
يلاحظ المراقبون لأداء السوق خلال الأيام الماضية أن التوقعات التي انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي وبعض التحليلات لم تكن صحيحة في ما يتعلق بانسحاب عدد كبير من المستثمرين، ما يؤدي إلى انخفاض في معدلات السيولة وعودة السوق مرة أخرى إلى منطقة الركود، وذلك بعد نشر الخطاب، حيث إن معدل السيولة ليوم أمس الثلاثاء بلغ 12 مليار ريال، ومثلها تقريبًا في تداولات الأربعاء، وبالتالي يرجعون مسألة الانخفاض إلى الناحية الفنية البحتة دون تحميل القرارات السياسية والإدارية التنظيمية مسؤولية ذلك، بل على العكس يفترض أن تكون مساعدة للسوق في الفترة المقبلة، خاصة بعد إعلان الشركات نتائجها للربع الأول، التي من المتوقع أن تكون في مستوى طموحات المستثمرين والمساهمين.