أجرت مجلة (فوربس- الشرق الأوسط) دراسةً موسعةً حول حجم وأداء البنوك المدرجة في أسواق المال العربية حسب بياناتها المالية عن الفترة المنتهية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2011، حيث شمل المسح 19 دولةً عربيةً، 12 منها كانت حاضرةً في الدراسة، وذلك بعد استبعاد كلٍّ من ليبيا والعراق وتونس وموريتانيا واليمن والجزائر والسودان لعدم توفر أي بياناتٍ ماليةٍ أو إفصاحٍ في بنوك هذه الدول.


دبي: استندت دراسة المجلة الى عدة معايير مالية وفنية تخصُّ البيانات المالية للبنوك واللازمة للوصول إلى إنشاء قائمة (أكبر 75 بنكاً في الأسواق المالية العربية)، و(أسرع 75 بنكاً نمواً في الأسواق المالية العربية)، شملت الدراسة 75 بنكاً من أصل 110، وذلك بعد استبعاد الدول المذكورة مسبقاً إلى جانب سوريا لعدم استقرارها سياسياً واقتصادياً، ولضبابية المعلومات الواردة منها، وبالإضافة إلى البنوك الاستثمارية التي تنشط في مجال الاستثمار المتعدد، ولا تقدم أي خدماتٍ تجارية.

وبلغ إجمالي أصول البنوك الـ75بنكاً ( 1.394 تريليون دولار)، ومثلت الموجودات العنصر الأساسي في تقييم حجم البنوك، الأمر الذي مكّن بنك (قطر الوطني- QNB) أن يكون على صدارة القائمة بأصولٍ بلغت 82.995 مليار دولار، يليه مصرف (الراجحي) السعودي بأصول بلغت58.940 مليار دولار. واستطاعت بنوك ومصارف دول مجلس التعاون الخليجي أن تفرض سيطرتها على قائمة (فوربس- الشرق الأوسط) لـ(أكبر 75 بنكاً في الأسواق المالية العربية) حيث تمثلت من خلال 57 بنكاً، بنسبة %76 وبأجمالي أصول بلغت 1.158 تريليون دولار.

واظهرت الدراسة مدى أهمية قطاع الخدمات البنكية، حيث استطاعت البنوك والمصارف تحقيق إيراداتٍ تشغيلية وصلت الى 60.6 مليار دولار، نتجت عنها أرباح صافية بلغت 22.7 مليار دولار، بفضل تكوين مراكز جديدة في المحافظ الائتمانية التي وصلت للبنوك مجتمعة الى855.7 مليار دولار، حيث كان بنك (الإمارات دبي الوطني) أكثر البنوك إقراضاً بمحفظة ائتمانية وصلت الى55.3 مليار دولار. أما في ما يخص الودائع التي تعتبر المشغل الرئيسي للبنوك، وهي شريان المحافظ الائتمانية النابض بالسيولة، فقد بلغت للبنوك التي شاركت في القائمة 979.7 مليار دولار، تمركز منها 780.3 مليار دولار في بنوك دول مجلس التعاون الخليجي.

أسرع 75 بنكاً نمواً في الأسواق المالية العربية

متابعة حركة البنوك من عامٍ إلى آخرضرورية ومهمة لمعرفة أداء المصرف أو البنك، وما يسهم فيه هذا القطاع في اقتصاد الدول العربية، وتبنى عليها قرارات استثمارية حاسمة من قبل المستثمرين، لذلك قمنا بدراسة نمو البنوك المدرجة في أسواق المال العربية حسب بياناتها المالية عن الفترة المنتهية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2011 ومقارنتها بالبيانات الماليةللفترة نفسهامن العام 2010. مثلت نسبة النمو في الأرباح العنصرَ الأساسيَّ والأكثر أهمية من بين المعايير، لما له من أهميةٍ في قياس واحتساب مدى نشاط البنك وقدرته على خلق التوازن الإيجابي بين الموجودات والمطلوبات، وبيان كفاءة فريق البنك في المحافظة على أموال المساهمين، وتحقيق أفضل العوائد لهم. ومثالٌ على ذلك حقق مصرف (الإنماء) أرباحاً صافية للعام 2011 بلغت 115 مليون دولار وبنسبة نمو 2،737.7 %، يليه بنك (قطر الوطني) القطري في مرتبة الوصيف بأرباح صافية بلغت 2.064 مليار دولار وبنسبة نمو وصلت إلى 31.6 %.

واستطاعت بنوك ومصارف دول مجلس التعاون الخليجي مرة أخرى أن تفرض سيطرتها على قائمة (فوربس- الشرق الأوسط) لـ(أسرع 75 بنكاً نمواً في الأسواق المالية العربية) حيث مثّلت %100 من قائمة الـ10 الأوائل كل من قطر (بنكان) ثم السعودية (2) وعمان (2) والكويت والإمارات والبحرين.أما في ما يخص نمو الودائع التي تعد من أهم المعايير للبنوك أيضاً والعامل الأساسي الذي من شأنه أن يدفع نمو أرباح البنوك إلى الأمام بالإضافة إلى ارتفاع عمليات الإقراض وانخفاض المخصصات، فقد كان البنك الأكثر نمواً من حيث الودائع، (البنك الإسلامي العربي) من فلسطين حيث حقق البنك نمو أرباح بنسبة 232.0 % ومن ثم مصرف الإنماء من السعودية بنسبة نمو ودائع وصلت الـى 113.8%.

أكبر البنوك من حيث الودائع


بلغ إجمالي الودائع للبنوك الـ75 المشاركة في قائمة (أكبر 75 بنكاً في الأسواق المالية العربية) 979.7 مليار دولار، كانت حصة دول الخليج 780.3مليار دولار، أي بنسبة %80، حيث تمكن قطاع الودائع القطري من تحقيق نسبة نمو بلغت %25، بقيادة بنك (قطر الوطني) بودائع وصلت إلى 54،922 مليون دولار.


البنوك الأكثر إقراضاً

بلغ إجمالي القروض التي منحتها البنوك العربية المساهمة 855.7 مليار دولار في العام 2011، وكان صاحب أعلى محفظة ائتمانية البنك الإماراتي (الإمارات دبي الوطني) حيث بلغت 55.304 مليار دولار، ويليه بنك (قطر الوطني) بإجمالي قروض وصلت إلى 53.226 مليار دولار للعام نفسه.

المصارف الإسلامية

(الراجحي) في صدارة المصارف الإسلامية بإجمالي أصول بلغت 58.9 مليار دولار، من الواضح أن الصيرفة الإسلامية تنمو وتتوسع في المنطقة، لازدياد حاجة الأنظمة المالية لها، كونها تشكل نظاماً محافظاً حيال الأزمات المالية، وبلغ عدد البنوك الإسلامية المدرجة بالأسواق المالية 18 مصرفاً إسلامياً بإجمالي أصول بلغت 293 مليار دولار. وقد احتضنت السعودية 5 بنوك متخصصة في تقديم الخدمات المصرفية و البنكية التي تتوافق ونظام الشريعة الإسلامية بشكلٍ كاملٍ، على رأسها مصرف (الراجحي) بأصولٍ بلغت 58.9 مليار دولار.

جودة الائتمان في طريقها السليم

quot;البعض يسميها الديون المتعثّرة، والبعض الآخر يطلق عليها الديون غير العاملة أو غير المنتظمةquot;؛ هكذا يعرّف جاب ماير، المدير والباحث المالي في شركة (أرقام كابيتال-Arqaam Capital ) مفهوم هذه الديون، والتي تُعرف اختصاراً بـ(NPLs)، حيث يرى أنها أصبحت أكثر صحيةً في الدول العربية، ولكنّها لا تزال مرتفعةً بعض الشيء، خصوصاً في بلدان مجلس التعاون الخليجي، بدءاً بالبحرين التي تصدّرت تصنيف (البنوك المساهمة الأكثر ارتفاعاً من حيث معدل الديون المتعثرة). حيث لم تكن وحدها على متن قارب الائتمان؛ فالإمارات والسعودية والكويت تجاورها من حيث المعدّلات. أما مراد أنصاري، كبير المحللين الماليين في (المجموعة المالية هيرميسndash; EFG Hermes) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيرى أن مفهوم الديون غير العاملة أو المتعثرة غير محددٍ بعد لاختلاف تطبيقه من دولة إلى أخرى. في رأيه أي قرضٍ يمنح للأفراد (من خلال الخدمات المصرفية للأفراد) يُعتبر غير عاملٍ إذا مضى على استحقاق أي من أقساطه مـدة تزيـد على (90) يوماً بغض النظر عن قيمة القرض.


البنك الأول والأعلى في المعدل؛ فكان مصرف (البحرين الإسلامي) والذي وصل إلى %34 وقد جاء في صدارة القائمة، فيرى كلّ من ماير والأنصاري أنّ وضع المصرف ضبابي إلى حدٍ ما، معزين السبب في ذلك إلى عدم استقرار البلد سياسياً واقتصادياً والذي يدفع بعجلة المعدّل ليتعدى الـ%20. بعد أن قارن ماير نسب الديون المتعثّرة وأسبابها، أوضح أن لديها معايير مطبّقةً تُحدد عملية السداد بفترةٍ معيّنةٍ، لافتاً إلى أن البنوك على الرغم من ارتفاع نسبة ديونها غير العاملة، إلا أنها لا تزال تحافظ على مستوياتٍ جيدةٍ من الربحية، ولديها مخصصات معقولة لهذه الديون.

وعزا أسباب ارتفاع تلك النسب عند بعض البنوك وتدنيها لدى أخرى الى المخصصات المأخوذة من قبلها، والتي لا تنسجم نوعاً ما مع المستويات الدولية، إضافة إلى معظم الديون الكبيرة التي تأثرت بالأزمة المالية العالمية، الأمر الذي أدى إلى ظهورها في ميزانية البنوك ديوناً غير عاملة. على سبيل المثال تقف قروض الإمارات عند %4.6 مقارنةً بـ%1.6 للعام 2008 أي بارتفاع %188 وما زالت تأثيرات الأزمة تضخ في الديون المتعثرة.


ويرفض ماير الاعتراف بما يسمى quot;خطوط حمراءquot; لدى البنوك في الديون المتعثّرة، في حين يرى الأنصاري أن معدل الـ(NPLs) إذا وصل إلى %16، يعتبر معدلاً طبيعياً، وإن زاد دخل في مرحلة الإنعاش. ماير، يظهر تفاؤلاً كبيراً، مشيراً إلى أن هناك حقائق تدفعه لذلك، وهي تباطؤ تشكيل القروض المتعثرة الجديدة نظراً إلى تراجع القروض المتأخرة السداد.هذا وقد تراجعت القروض غير المنتظمة للبنوك الى%0.32 مقارنة بالعام الماضي، ويضيف أن القروض المتأخرة السداد تعدّ مؤشراً رئيسياً على القروض المتعثرة، وبالتالي نعتبر هذا التخفيض أمراً إيجابياً.

كما أنه يعطي البنوك عذراً لأخذها مخصصات كونها في أقصى حاجة لبناء احتياطات عامة؛ ويقول: quot;ما زلنا نرى الكثير من القروض المجَدولةquot; ويضيف أن الكثير من البنوك يوجّه %25 من هذه القروض إلى قروض غير عاملة أو متعثّرة إن صحّ القول، أمّا في ما يخص جودة الائتمان في المنطقة ففي رأيه أنها تسير على الطريق الصحيح، ويتوقّع استقراراً أو ارتفاعاً طفيفاً جداً في المعدّلات لدى الكويت والإمارات. ويضيف ماير أنّ البنوك العربية تتمتّع بسيولة أكبر وبأرباح أفضل قبل المخصصات وما زالت في طريقها إلى النمو.


أما في ما يتعلّق بالمملكة العربية السعودية وعمان وقطر وبعض البنوك المصرية فسوف تشهد نمواً مزدوجاً سيتعدى الـ%10، بينما كلٌّ من الإمارات ولبنان والكويت فنصيبها من النمو سيكون فردياً. quot;النمو في هذه البلدان غير شيّق بالنسبة ليquot;، يقول ماير.مستقبلٌ مشرقٌ ينتظر القطاع غير المستغني عن الديون التي من شأنها أن تسهم في نجاح مؤسسات أُخرى أو دعم مشاريع مثمرة أو تحويلها إلى احتياطات. في النهاية وكما يقول ماير: quot;ستبقى الديون المتعثرة كلمة لا نستطيع أن نقيس مدى خطورتها على البنك حتى نعرف ما سببها وما الذي دخل في حسبتهاquot;.


البنوك حسب التوزيع الجغرافي

سيطرت دول مجلس التعاون الخليجي على قائمتي (فوربس- الشرق الأوسط)؛ (أكبر 75 بنكاً في الأسواق المالية العربية) و(أسرع 75 بنكاً نمواً في الأسواق المالية العربية) حيث تواجدت من خلال 57 بنكاً أي ما يمثل %76.جاءت الإمارات في مركز الصدارة من خلال 16 بنكاً، بلغ مجموع أصولها 370.75 مليار دولار، أي ما يمثل %21 في قائمتي (فوربس- الشرق الأوسط)؛ (أكبر 75 بنكاً في الأسواق المالية العربية) و(أسرع 75 بنكاً نمواً في الأسواق المالية العربية). واستطاعت البنوك الإماراتية تحقيق إيراداتٍ بلغت 16 مليار دولار، وصافي أرباح وصل إلى 5.6 مليارات دولار، وعلى الرغم من الحالة العامة للإقراض وسمة التحفظ التي ترافقها، إلا أن القروض الممنوحة بلغت 243 مليار دولار، فيما استقرت الودائع عند 244 مليار دولار.

أما المركز الثاني فكان من نصيب المملكة العربية السعودية بـ11 بنكاً، أي بنسبة %15، حيث بلغ مجموع أصول بنوكها 321.2 مليار دولار، في الوقت الذي وصلت فيه إجمالي محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية الممنوحة إلى ما يقارب الـ192 مليار دولار، لتكون الودائع عند حدود 242 مليار دولار.


لاتزال البنوك العاملة في دول مجلس التعاون الخليجي في المراكز المتقدمة، حيث انتزعت البحرين المركز الثالث من خلال بنوكها الـ9 لتشكل ما نسبته %12 من القائمة، ثم حلت شقيقتها الكويت في المركز الرابع بـ8 بنوك أي ما يمثل %11، أما المركز الخامس فكان من نصيب الأردن من خلال 7 بنوك كانت نسبتها %9.5، لتتشارك مرتبتها مع قطر التي استطاع بنكها قطر الوطني (QNB)، اقتناص المركز الأول في قائمة (أكبر 75 بنكاً في الأسواق المالية العربية)، فيما استحوذت عُمان على المركز السادس من خلال 6 بنوك شكلت %8 من القائمة. أما منطقة المغرب العربي والبنوك العاملة فيها فقد كان الحضور الأبرز للمغرب من خلال 4 بنوك، أي ما يمثل %5 من القائمة، متقاسمة المركز السابع مع لبنان.

فيما كان المركز الثامن من نصيب مصر التي شاركت من خلال بنكين؛ (التجاري الدولي) و(الأهلي سوسيته جنرال) الوحيدين المدرجين في البورصة المصرية، وأخيراً جاءت فلسطين في المركز التاسع عبر بنكها الوحيد (العربي الإسلامي) أي ما يمثل %1.5.

البنوك والمزاج الاستثماري العام

وتعليقًا على هذه الدراسة وأهمية إعدادها صرحت خلود العميان رئيسة تحرير مجلة فوربس الشرق الأوسط ، لطالما كان السؤال مرتبطاً عن الأحوال الاقتصادية بحال النظام المصرفي لأي اقتصادٍ، فإذا أراد أي مستثمرٍ أن يعرف تفاصيل الصورة الحقيقية للوضع الاقتصادي في أيّ دولةٍ من الداخل والخارج، ما عليه إلا أن يمعن النظر في بنوكها ومصارفها، وكيف تعمل، وما هو حجمها، ومدى النمو أو التباطؤ فيها، وربما هناك مؤشرٌ أسهل يتمثل في النظر إلى حجم الودائع التي تحتفظ بها البنوك وقيمة التسهيلات الائتمانية الممنوحة مقابلها فسوف يعرف إلى أين تتجه نسق الأعمال والأحداث.


وأضافت أنه تم اعتماد معايير واضحة ومفصلة للدراسة التي خرجت بقائمة (أكبر 75 بنكاً في الأسواق المالية العربية) و(أسرع 75 بنكاً نمواً في الأسواق المالية العربية)، معتمدين على أسسٍ علميةٍ ومعاييرَ دقيقةٍ، ولعلمنا أن البنوك والمصارف تعمل وفق بيئةٍ تنافسيةٍ اخترنا معياراً جديداً للتميز في ما بينها، إذ تمت إضافة معيار نسبة الديون المتعثرة (NPLs) لقياس جودة الائتمان الممنوح ونوعيته.


وقالت العميان: quot;يبقى القطاع المصرفي هو الأكثر أهميةً بين القطاعات الحيوية، لما له من أثرٍ كبيرٍ في تشغيل باقي القطاعات وتمويلها، من أجل تنمية ودعم الاقتصاد الكلي، خلال بحثنا وجدنا أن البنوك التي تقدم الخدمات المالية الإسلامية بشكلٍ كاملٍ أو لديها نوافذ إسلامية هي التي نجت من الصدمات والتقلبات الاقتصادية، واستفادت من الفرص المتاحة بسبب انحسار قدرة البنوك التقليدية على التمويلquot; ليس بالمستغرب أن تخلُص الدراسة بنتيجة مفادها هيمنة بنوك دول مجلس التعاون الخليجي، التي تمثلت من خلال 57 بنكاً من مجموع 75 بنكاً في العالم العربي بقيمة أصول بلغت 1.158 تريليون دولار من مجموع 1.394 تريليون دولار كموجودات إجمالية، تلعب البنوك دوراً مهمًا ومحورياً في بناء الاقتصادات بكل أنواعها وأحجامها ويقع على عاتقها مجموعة من المسؤوليات والقرارات المهمة التي تنعكس أثارها بشكل سريع وواضح على المؤشرات الاقتصادية في البلاد، كما كان للإنفاق الحكومي أيضاً أثرٌ واسعٌ وكبيرٌ، ظهر في ميزانيات البنوك التي شهدت حكومات بلدانها إنفاقاً كبيراً على مشاريع البنية التحتية والطاقة والمشاريع التنموية.