يتجه الاستثمار الخارجي اللبناني نحو سوق العراق وكردستان الجديدة، لأنها تعاني نقصًا كبيرًا يثير شهية المستثمرين. وكذلك غير الشباب اللبناني وجهته في طلب العمل من دبي إلى أربيل، حيث الفرصة اكبر لتوفير المال.


بيروت: قيل في الماضي إن اللبناني تاجر شاطر، وتثبت التجارب مرة بعد أخرى أن هذه ثابتة لا تقبل الشك. فتجربتهم العراقية الأخيرة تؤكد ذلك وتثير شهية كل مستثمر طامح لخوض غمار المغامرة، في بلد خرج من الحرب منهكًا وأسواقه تتطلب كل شيء.

مشاريع بناء وإسكان وتعهدات، فنادق، مطاعم، مصارف، إتصالات وتكنولوجيا معلومات ومكاتب محاسبة... كلها أبواب طرقها اللبنانيون في العراق، وأسسوا شركات تعمل في مجالاتها. حتى بات الشباب اللبنانيون الباحثون عن عمل في الخارج يقولون في أوساطهم: quot;أربيل أفضل من دبي، ففي أربيل يمكننا أن نجمع مالًاquot;.

واجتمعت عوامل مختلفة عززت إقبال اللبنانيين على إقليم كردستان، أبرزها الاستقرار الأمني والانفتاح، وحاجة المنطقة إلى البنية التحتية، إلى جانب قانون الاستثمار المحفّز والضامن لتدفق رؤوس الأموال الاجنبية وحرية انتقالها.

صيادو الفرص

أفشى محمد شقير، رئيس غرفة تجارة وصناعة بيروت وجبل لبنان، لـquot;إيلافquot; عن سرّ توجه رجال الأعمال اللبنانيين إلى العراق عمومًا وكردستان خصوصًا، فقال: quot;المعروف عن اللبنانيين أنهم صيادو فرص من الطراز النادر، وبأنهم يجيدون التقارب مع الشعوب العربية وهذا حالهم في العراق الآنquot;.

أضاف: quot;الشركات اللبنانية الباحثة دائمًا عن فرص للنمو، وجدت هناك بابًا واسعًا للمساهمة في إعادة الاعمار من جهة وتوظيف الخبرات من ناحية ثانيةquot;.

وأشار شقير إلى أن الاستثمارات اللبنانية في العراق تقدر بمئات ملايين الدولارات، وقال: quot;لا توجد أرقام دقيقة لكن المستثمرين اللبنانيين يحتلون المرتبة الثانية بين المستثمرين هناك، فالتوظيفات التي يقوم بها اللبنانيون تشمل غالبية القطاعات من بناء ومطاعم وفنادق ومصارف وسواها، وعلمنا أيضًا أن مكاتب التدقيق المحاسبي اللبنانية فتحت فروعًا لها هناكquot;.

وتابع قائلًا: quot;نعرف أن الشعب العراقي يكن محبة للبنانيين تجسد العلاقة التاريخية بين الشعبين، واليوم يقف اللبنانيون هناك لوضع كل خبراتهم وتوظيفها هناكquot;.

ووفق تقديرات حديثة، تبلغ الاستثمارات الحالية في إقليم كردستان نحو 15 مليار دولار، يحتل الخليجيون المرتبة الاولى بين التجمعات الاستثمارية، فيما تحتل الكويت المرتبة الاولى بين الدول المستثمرة بمبلغ 1,5 مليار دولار، يليها لبنان بتوظيف يتجاوز 750 مليون دولار، فتركيا بنحو 620 مليون دولار.

وشدد شقير على أن quot;قانون الاستثمار الخاص في كردستان أسهم في تشجيع المستثمرين لأنه لم يميز بين المستثمر المحلي والأجنبي من حيث الحقوق والامتيازات والإعفاءاتquot;.

المصارف حاضرة بقوة

على صعيد المصارف، كان بنك بيبلوس أول المصارف اللبنانية التي تؤسس فرعًا لها في كردستان، وتحديدًا في أربيل، برأسمال قيمته 700 مليون دولار. كما حازت مجموعة بنك الاعتماد اللبناني، بالمشاركة مع مستثمرين عراقيين، على رخصة لانشاء مصرف مستقل برأس مال يناهز 90 مليون دولار، مركزه الرئيس في بغداد وله فرع في أربيل.

وأسس كل من بنك بيروت والبنك اللبناني للتجارة وفيرست ناشونال بنك وانتركونتيننتال بنك مكاتب تمثيل في بغداد.

وأوضح نسيب غبريل، رئيس قسم الابحاث في بنك بيبلوس، في حديث لـquot;إيلافquot; أن المصارف اللبنانية تتوسع في العالم العربي منذ سنوات لتنويع أصولها ولاستثمار الفرص المتوافرة في الأسواق الجديدة، quot;كما دخلت إلى أسواق حيث تنتشر الجاليات اللبنانية الكبيرة، وعملت في أسواق كانت مغلقة على المصارف الأجنبية، أو في تلك التي تحكّمت الحكومات بدخول المصارف اليهاquot;.

أضاف: quot;كما دخلت المصارف إلى أسواق اقليمية حيث تعتبر أن لديها قدرة تنافسية وحيث ترى فرصًا جديدة لتوظيف خبراتها والعلامات التجارية الناجحة التي تتمتع بهاquot;.

نقص وخبرات

وتابع غبريل: quot;العراق يفتقد إلى المصارف ويتمتع بقدرات كبيرة للنمو، وقد اختارت المصارف كردستان لأنها تتمتع باستقرار وبنمو سريع لاقتصادهاquot;. كما لفت إلى أن الاقليم يتمتع بموقع إستراتيجي يجعل منه نقطة انطلاق إلى المناطق العراقية كافة، وإلى أسواق اقليمية أخرى. وقال: quot;يتنامى الطلب على الخدمات المالية هناك بسرعة كبيرة، ليتماشى مع النمو الاقتصادي السريعquot;.

وشدد غبريل على أن السلطات في إقليم كردستان منحت المصارف اللبنانية تسهيلات كبيرة، وكشف أن بنك بيبلوس سيفتح فروعًا جديدة في مدن عراقية عدة، بعدما أسس فروعًا في بغداد والبصرة.

وفي رد على سؤال عما إذا كانت السوق العراقية تتمتع بقدر كاف من الهدوء والاستقرار لجذب استثمارات مصرفية لبنانية، أوضح غبريل أن quot;المصارف اللبنانية تتمتع بخبرات واسعة في مجال العمل في الأسواق الخارجة من الصراعات، وفي الاقتصاديات التي تواجه تحديات، بناءً على تجربتها في السوق اللبنانية التي تعرضت لمختلف أنواع الهزات الأمنية والحروب، فتتمتع بقدرات على التكيف مع هذه الاوضاع المتغيرة تعطيها الافضلية والقوة للعمل في الدول التي تمر في مراحل تغيّرquot;.

أضاف: quot;ثمة عامل إضافي يعطي المصارف اللبنانية الأفضلية، يتلخص في أنها لا تعتمد على أسواق رأس المال الأجنبية لتمويل عملياتها، إذ يأتي تمويلها من أموال المودعين، وهذا ما يعطيها الجرأة لدخول الأسواق التي لا تجرؤ مصارف أخرى على دخولهاquot;.

فنادق جديدة

واللبنانيون حاضرون بقوة لسد الفجوة الفندقية في العراق، عبر إقامة فنادق جديدة. يبرز في هذا السياق فندق quot;روتانا هوليرquot; في أربيل، برأسمال قدره 50 مليون دولارـ وتعود ملكيته لمجموعة quot;ماليا هولدينغquot;، ويتكون من تسع طبقات و220 غرفة.

ويشار إلى شراكات في القطاع الفندقي منها إتفاق لإدارة الفنادق في مدينة السليمانية، تولاه رئيس نقابة اصحاب الفنادق بيار الأشقر. إضافة إلى شراكة أخرى تولتها quot;المجموعة القابضةquot; التي تولت تنفيذ فندق rdquo;الواليquot; في كربلاء والنجف، وهو الأول من سلسلة فنادق في المنطقة. وهو من فئة 5 نجوم، يضم 350 غرفة وجناحا.