نيقوسيا: مع استمرار الغموض حول تداعيات الأزمة المالية التي تعانيها قبرص واستمرار إغلاق البنوك يوم غد الخميس، غابت ملامح الحياة الطبيعية عن العاصمة القبرصية نيقوسيا حيث يسود القلق بشأن إلى متى وإلى أي مدى سيستمر إغلاق البنوك أو فرض قيود عليها.وفي ظل استمرار غلق البنوك، تعطلت الأنشطة الاقتصادية باستثناء متاجر التجزئة حيث يشترى المواطنون احتياجاتهم الأساسية.وقالت إيليني سولومونيدو التي يمتلك متجرا للملابس في وسط نيقوسيا منذ 1966 'لم يكن لدينا عملاء طوال الأسبوع الماضي. فمن الذي يفكر في شراء الملابس في ظل وضع حد أقصى للسحب النقدي 100 يورو (130 دولارا)' في إشارة إلى وضع حد أقصى للمبالغ المسموح بسحبها من ماكينات الصراف الآلي وهو 100 يورو في اليوم الواحد. وأضاف أن 'الناس يبحثون عن تغذية عائلاتهم.'يذكر أن آلات الصراف الآلي في مختلف أنحاء قبرص لا تسمح بسحب أكثر من 100 يورو يوميا لكل عميل منذ مطلع الأسبوع الحالي، وهو ما يعني انه من المستحيل على الشركات توفير احتياجاتها من السيولة النقدية.
ومن المقرر رسميا استئناف عمل البنوك غدا، لكن لا أحد يعرف على وجه التأكيد ما يمكن أن يحدث بعد يومين وما هي القيود التي يمكن فرضها على البنوك. وقد تم فرض إجراءات أمنية صارمة على فروع البنوك.كانت الحكومة القبرصية قد تراجعت مساء الاثنين وفي اللحظة الأخيرة عن فتح البنوك اليوم حيث قال وزير المالية القبرصي مايكل ساريس مساء الاثنين إن جميع البنوك القبرصية ستظل مغلقة حتى يوم الخميس ، وفقا لما ذكره البنك المركزي القبرصي.وقالت إيلينا توماس التي تدير شركة إيفرست ترافل للسياحة 'أموالنا الجارية أصبحت رهينة لدى الحكومة وهذه كارثة حيث لا تستطيع أغلب الشركات دفع مستحقات الموردين والموظفين'.وأشارت إلى أن أغلب الشركات لديها حسابات في بنك أوف سيبروس أكبر بنك في قبرص حيث من المتوقع استقطاع ما بين 30' و40' من الودائع التي تزيد عن 100 ألف يورو. ولم يتم تحديد نسبة الاستقطاع بدقة حتى الآن.
والسيناريو الذي تواجهه قبرص المتعثرة ماليا مقابل حصولها على قروض إنقاذ دولية يختلف جذريا عن ذلك الذي تواجهه جارتها اليونان عندما حصلت على قروض إنقاذ دولية. فطوال فترة الأزمة ظلت البنوك اليونانية تعمل بصورة طبيعية دون أي قيود على أصحاب الودائع.وقد تراجعت الصفوف الممتدة أمام ماكينات الصراف الآلي في قبرص حيث تخلى الناس عن إلزام أنفسهم بالحد الأقصى المسموح به لسحب أموالهم في الوقت الذي ترفض فيه أغلب الشركات الحصول على مستحقاتها من العملاء ببطاقات الائتمان.في الوقت نفسه امتدت طوابير المستهلكين أمام أحد متاجر البقالة في نيقوسيا بعد انتشار تقارير عن قرب نفاد مخزون اللحوم في قبرص التي تستورد الجزء الأكبر من احتياجاتها الغذائية.تقول سولا نيكولاو وهي أم لأربعة أطفال 'أنا اشترى الحد الأدنى من الاحتياجات وهي الحليب والخبز وبعض الخضروات'، مشيرة إلى صعوبة توفير الطعام الكافي لأسرتها بالمبلغ المسموح بسحبه من ماكينات الصراف الآلي.
وتقول صوفيا مافروماتيس (70 عاما) وتقف وراء سولا في الصف أمام المتجر إنها لا تستطيع شراء أي شيء غير الخبز والعدس. وتضيف 'لم أطلب من بنكي أبدا إصداربطاقة اقتراض لي والآن لا أنا ولا زوجي نستطيع الوصول إلى حسابنا المصرفي حتى تعيد البنوك فتح أبوابها'.يذكر أن البنوك القبرصية مغلقة منذ 16 آذار/مارس الجاري لإعطاء الحكومة وقتا كافيا لإعداد خطة تؤهلها للحصول على حزمة إنقاذ من المقرضين ، وتجنبها السقوط في هاوية الإفلاس.من ناحيته حذر رئيس غرفة التجارة والصناعة في قبرص اليوم الثلاثاء السلطات من تقييد المعاملات المالية في البلاد.وقال ماريوس تسياكيس إن 'غموض الوضع يدفع الاقتصاد بشكل أكبر نحو الركود ويجب أن تعالجه الحكومة في أقرب وقت ممكن'.وأضاف 'ننتظر أن يعلن البنك المركزي القيود التي سيتم تطبيقها لمنع المودعين من تحويل أموالهم للخارج لكن ما نقوله هو أنه يجب ألا يقيدوا المعاملات التي تتم داخل البلاد'.
كانت قبرص قد نجحت أمس في التوصل إلى اتفاق جديد بشأن قروض الإنقاذ التي تطلبها. ويسقط الاتفاق الشرط السابق الخاص بفرض ضرائب على الودائع المصرفية والذي واجه رفضا متكررا من جانب البرلمان القبرصي، مقابل إعادة هيكلة أكبر بنكين في قبرص وتحميل أصحاب الودائع التي تزيد عن 100 ألف يورو جزءا من الخسائر الناجمة عن إعادة الهيكلة.ووفقا للاتفاق سيتم تصفية بيبولار بنك أوف سيبروس المعروف باسم 'بنك لايكي' من خلال تقسيمه إلى قسمين الأول يضم الأصول المشكوك في تحصيلها والمعدومة والثاني يضم الأصول المربحة أو الجيدة على أن يتم دمجه مع بنك أوف سيبروس.ومن المنتظر أن يؤدي إغلاق بنك لايكي إلى تسريح أكثر من 8 آلاف موظف مع تبخر عمليات البنك وتشمل آلاف القروض العقارية.وقال جيرجوس ديميتريس الموظف في لايكي 'في يوم وليلة فقدت كل شيء، وظيفتي ومدخراتي وربما منزلي'. وأضاف أن ما يجري هو 'اختبار لنموذج سيتم تطبيقه على الدولة التالية التي ستحتاج إلى قرض إنقاذ .. إيطاليا ستكون التالية، الكل يعرف هذا ثم فرنسا .. هل تعتقد أن ألمانيا لديها الأموال اللازمة لإنقاذ هذه الدول'
وقال اندرياس اغروتيس الذي يدير شركة امالتيس وهي اكبر شركة لتصدير واستيراد الفاكهة والخضروات في قبرص 'لدي شحنة خضروات تصل الى الميناء الخميس ويجب ان اجد سبعة الاف يورو لاستلامها'. واضاف ان 'هذه المنتجات الغذائية ستبقى مجمدة الى ان اجد سيولة' لان الجمارك والشركات البحرية شانها شان العديد من الموردين باتت تطالب بالدفع نقدا.ويشاركه مستورد الادوية ومستحضرات التجميل، بابيليناس، المخاوف نفسها.وقال اندرياس اداميدس المدير المالي للشركة 'عملنا يسير بشكل جيد لكننا في حاجة لمعرفة نوع القيود التي ستفرض على دفوعاتنا المالية للخارج' دون ان يستبعد حدوث نقص في بعض المواد خلال الاشهر القادمة.من جانبه يطالب سوبرماركت اثيانيتس المعروف بانه من ارخص المتاجر في قبرص منذ الخميس زبائنه بالدفع نقدا. وقال ستافروس هادجيخريستوفي احد مديري هذا المتجر 'كان لدي احتياط كاف لاقبل الدفع بشيكات او ببطاقات الائتمان لكن بما ان البنوك لم تفتح وبما ان الوضع كله غير واضح، لا استطيع ان استمر لان ذلك قد يعرض شركتي للخطر'.
ومع الخسارة الكبرى التي سيمنى بها عملاء لايكي بنك وبنك قبرص، اكبر بنكين في البلاد، في اطار خطة الانقاذ يرى هادجيخريستوفي ان الامر بمثابة 'قرار بالموت بالنسبة للعديد من الشركات وخصوصا الصغيرة'، محذرا من 'كارثة'.
وقال هذا الاستاذ في جامعة قبرص 'البعض سيصاب بالافلاس واخرون قادرون على الصمود حتى الان سيخفضون بشكل كبير اعمالهم' مشيرا الى شركات البناء التي ستتم مصادرة ارباح مبيعاتها من المساكن التي كانت ستمول بها مشاريع بناء اخرى.واكد ان الجامعة نفسها ستتعرض لمصادرة ودائعها 'بما في ذلك صناديق الابحاث التي يمولها الاتحاد الاوروبي'.وحذرت بلدية نيقوسيا، التي يوجد 'الجزء الاكبر من ودائعها' في لايكي بنك وبنك قبرص من ان الضريبة على حساباتها 'ستخنق' المدينة ماليا.من جهته حذر رئيس غرفة التجارة والصناعة في قبرص السلطات من تقييد المعاملات المالية في البلاد.وقال ماريوس تسياكيس إن 'غموض الوضع يدفع الاقتصاد بشكل أكبر نحو الركود ويجب علاجه من جانب الحكومة في أقرب وقت ممكن'.وأضاف 'ننتظر أن يعلن البنك المركزي القيود التي سيتم تطبيقها لمنع المودعين من تحويل أموالهم للخارج لكن ما نقوله هو أنه يجب ألا يقيدوا المعاملات التي تتم داخل البلاد
التعليقات