إلتفّت إيران على العقوبات الغربية التي فرضتها الولايات المتحدة على تجارتها النفطية ونظامها المالي، باعتمادها مبدأ المقايضة في التجارة، والتركيز على تعزيز صادراتها غير النفطية.

إعداد عبدالإله مجيد: كثّفت ايران محاولاتها لتنشيط التجارة غير النفطية، وايجاد اسواق جديدة في آسيا وافريقيا والشرق الأوسط، بسبب المصاعب الاقتصادية التي تواجهها، تحت وطأة الحرب الاقتصادية المتصاعدة التي تشنها الولايات المتحدة ضد ايران وحلفائها، كما قال وزير الاقتصاد والمالية الايراني شمس الدين حسيني.
أضاف، في مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال: quot;العقوبات الاميركية والاوروبية التي استهدفت صادرات ايران النفطية والمصرف المركزي الايراني أسهمت في فقدان العملة الايرانية 80 في المئة من قيمتها خلال العامين الماضيينquot;.
مرن وحديث
أكد حسيني أن قرار الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي إدراج النظام المصرفي الايراني برمته عمليًا على القائمة السوداء رفع كلفة التجارة الخارجية على ايران، وأجبرها على البحث عن طرق دفع بديلة، أو اللجوء إلى مبدأ المقايضة. لكنه لفت إلى أن الاقتصاد الايراني يتكيّف اليوم مع العقوبات الغربية، بتشجيع الصادرات غير النفطية والمبادلات التجارية التي لا تجري بالدولار أو اليورو، مشيرًا إلى أن احتياطي ايران من العملات الأجنبية ما زال يربو على 100 مليار دولار، محافظًا على استقرار الوضع المالي.
وأخبر حسيني صحيفة وول ستريت جورنال أن نظام إيران المالي مرن جدًا وحديث جدًا، quot;وأحد الدروس المهمة التي تعلمناها من العقوبات هو أن علينا أن نستخدم عملات أجنبية من كل صنف، ولا نعتمد على اليورو أو الدولارquot;.
وكان حسيني حضر الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن أخيرًا، ليكون من المسؤولين الايرانيين الكبار القلائل الذين زاروا الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.
صورة قاتمة
أصدر صندوق النقد الدولي في الاسبوع الماضي تقريرًا يرسم صورة قاتمة للاقتصاد الايراني، إذ انخفض معدل النمو بنسبة 1.9 في المئة خلال العام المنتهي في 31 آذار (مارس) الماضي. ومن المتوقع أن ينكمش بنسبة 1.3 في المئة خلال السنة المالية الحالية.
في هذه الأثناء، ارتفعت الأسعار في إيران بنسبة زادت على 30 في المئة مقارنة مع العام الماضي، نتيجة هبوط قيمة الريال الايراني، ومن المتوقع أن ترتفع بنحو 27 في المئة إضافية هذا العام، بحسب تقرير الصندوق.
لكن صندوق النقد الدولي توقع عودة الاقتصاد الايراني إلى النمو بأكثر من واحد في المئة في العام 2014، وهي نسبة تقل بكثير عن معدل النمو الذي بلغ نحو ثمانية في المئة في العام 2007.
الأرقام إيرانية
وكان اقتصاديون مستقلون انتقدوا صندوق النقد الدولي لنشره تقييمات مبسطة عن آفاق تطور الاقتصاد الايراني. كما شكك خبراء ماليون في حجم الاحتياطي الايراني من العملات الأجنبية، والذي ذكره وزير الاقتصاد والمالية الايراني. ويعترف الصندوق بأنه يعتمد على ما تزوده به إيران في الكثير من بياناته وأرقامه الاقتصادية.
لكنّ مسؤولين في واشنطن خلصوا خلال الأشهر الأخيرة إلى أن طهران تمكنت من الالتفاف على بعض العقوبات المالية الاميركية، على الرغم من الهبوط الحاد في عائدات ايران بسبب هذه العقوبات.
وقال باتريك كلوسن، الخبير بالشؤون الايرانية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن إيران نجحت في إعادة توجيه صادراتها بعيدًا عن النفط نحو التركيز على الزراعة واستخراج المعادن والصناعة التحويلية.
واشار كلوسن إلى أن العقوبات الغربية لم تستهدف هذه القطاعات كما استهدفت النفط الايراني، مضيفًا أن إيران نجحت في توسيع تجارتها مع بلدان آسيوية وشرق أوسطية، بينها الصين والهند وتركيا على الرغم من توقف القسم الأعظم من التجارة الايرانية مع أوروبا.
أقدر على المنافسة
وكتب كلوسن قائلًا إن ايران تشهد انتعاشًا في الصادرات غير النفطية، مؤكدًا أن لديها ما يكفي من الاحتياطات لتمويل الانتقال بعيدًا عن الصادرات النفطية.
وقال حسيني لصحيفة وول ستريت جورنال إن صادرات ايران غير النفطية نمت بنسبة 20 في المئة في العام 2012، مقارنة مع العام 2011، منوهًا بأن هبوط الريال الايراني جعل صادرات ايران أرخص وأقدر على المنافسة في الأسواق الخارجية.
أضاف: quot;تركز ايران على خفض الاستيراد وعلى تحفيز التجارة الداخليةquot;.
وفي تطور ينذر بالمزيد من المصاعب للولايات المتحدة، أعلنت ايران السبت الماضي أنها تفكر في تصدير النفط إلى كوريا الشمالية، كما أفادت وسائل إعلام ايرانية. ووصل إلى طهران وفد من وزارة النفط الكورية الشمالية للتفاوض مع الايرانيين.