إستمراراً للدعم غير المحدود الذي تقدمه السعودية لمصر، منذ ثورة 30 يونيو، التي أطاحت بنظام حكم جماعة الإخوان المسلمين، وقع صندوق التمويل السعودي على ثلاث اتفاقيات تمنح مصر بموجبها قروض تبلغ 2.4 مليار دولار أميركي، وقال خبراء لـ"إيلاف" إن هذا الدعم ساعد مصر على تجاوز الأزمات الإقتصادية الطاحنة التي ألمت بها في أعقاب ثورتين خلال ثلاثة أعوام.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تقدم المملكة العربية السعودية لمصر المزيد من الدعم المالي لتجاوز أزماتها الإقتصادية، ومواجهة الضغوط الدولية، لا سيما من البنك الدولي، ووقعت المملكة مع الحكومة المصرية السبت، اتفاقيات لتقديم قروض لمصر بقيمة تصل إلى 2.4 مليار دولار أميركي، مقسمة على عدة أوجه، منها مائة مليون دولار أميركى لتمويل مشروعي محطتى توليد كهرباء غرب دمياط والشباب، وذلك من أجل مساعدة مصر على تجاوز أزمة انقطاع الكهرباء، التي كان أحد أخطر أسباب ثورة المصريين ضد نظام حكم جماعة الإخوان، واسقاط الرئيس السابق محمد مرسي. كما وقعت اتفاقية أخرى بقيمة 250 مليون دولار أميركي لتجديد شبكات الكهرباء، وتقدر قيمة الاتفاقية الموقعة لصالح الهيئة العامة للبترول بـ1.7 مليار دولار.

ووقع وزير المالية السعودي، إبراهيم بن عبد العزيز العساف، والعضو المنتدب للصندوق السعودى للتنمية يوسف البسام نائب الرئيس، الإتفاقيات مع مصر، بحضور رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب، بالإضافة إلى وزراء: التعاون الدولي، الكهرباء والطاقة المتجددة، والبترول والثروة المعدنية.

ووفقاً لمجلس الوزراء فإن "المشروعات التى سيتم تمويلها وفقاً للاتفاقيتين، لها أثر مباشر على المواطنين". وأضاف في بيان له: "يهدف مشروعاً محطتي توليد كهرباء الشباب وغرب دمياط الى المساهمة فى تلبية الطلب المتنامي على الطاقة الكهربائية عن طريق زيادة قدرة توليد المحطتين، وذلك عن طريق تحويل محطة الشباب القائمة حالياً من دورة بسيطة إلى دورة مركبة من خلال إضافة عدد (2) تربينة بخارية قدرتها 500 ميجاوات لتصبح القدرة الإجمالية للمحطة (1500) ميجاوات. وكذا تحويل محطة غرب دمياط القائمة حالياً من دورة بسيطة إلى دورة مركبة من خلال إضافة عدد (1) تربينة بخارية قدرتها (250) ميجاوات لتصبح القدرة الإجمالية لها (750) ميجاوات".

ولفت إلى أن "الشروط المالية لتلك القروض مُيسرة حيث يبلغ سعر الفائدة 2% سنوياً ومدة السداد عشرون عاماً تتضمن 5 سنوات فترة سماح".

وأضافت الحكومة المصرية: "هذه التمويلات تأتي فى إطار حزمة المساعدات التى سبق وأن أعلنت المملكة العربية السعودية عن تقديمها لمصر عقب ثورة يناير 2011، والتى شملت بدورها حزمة من القروض الميسرة المُقدمة من الصندوق السعودى بقيمة 500 مليون دولار لتمويل المشروعات التنموية فى مصر لمختلف القطاعات مثل الإسكان ومياه الشرب، والري والصرف الصحي، التموين، والكهرباء والطاقة، والصحة، وكذا خط ائتمان لتمويل المشتقات غير البترولية بقيمة 750 مليون دولار أميركي".

وتأتي القروض السعودية ضمن حزمة المساعدات التي قدمتها لمصر، تأكيداً على عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، وقال الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات الإقتصادية لـ"إيلاف" إن وقفة السعودية بجانب مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013، جنبها الكثير من الضغوط الدولية سواء من صندوق النقد والبنك الدوليين أو من دول الإتحاد الأوروبي وأميركا، مشيراً إلى أن الدعم السعودي غير المحدود أسهم في ثبات الإقتصاد المصري وعدم تعرضه للإنهيار، لاسيما في ظل توقف عجلة الإنتاج وتدهور السياحة.

وأضاف أن القروض السعودية الجديدة سوف تنقذ مصر مجدداً من أزمات مالية، موضحاً أن القروض الجديدة سوف تغطي العجز في دخل قناة السويس. ولفت إلى أن دخل قناة السويس إلى الخزانة العامة سوف ينخفض بقيمة مليار دولار سنوياً لتغطية الفوائد على الودائع التي قدمها المصريون لحفر القناة الجديدة بقيمة 62 مليار جنيه، بفائدة سنوية تبلغ 12%، منوهاً بأن المشروع لن يأتي ثماره إلا بعد ثلاث سنوات.

وأفاد بأن القروض السعودية الجديدة سوف تمول العجز في الإحتياطي النقدي، لاسيما بعد إسترداد قطر لوديعتها المقدرة 2 مليار دولار، فضلاً على أنه من المتوقع أن تسحب تركيا وديعتها المقدرة بمليار دولار، في أعقاب إلغاء مصر إتفاقية الرورو للتجارة بين البلدين.

وذكر أن مصر لجأت إلى السعودية والإمارات لتمويل العجز في الميزانية، لا سيما أنه جاء بسبب مشروع قناة السويس، الذي وصفه بأنه مشروع مهم للعالم العربي، وليس مصر فقط. ولفت إلى أن القروض الآن مهمة لتمويل العجز، مشيراً إلى أن الإستثمارات العربية، ولا سيما السعودية والإماراتية واعدة، خاصة في مجالات التشييد والبناء والتنقيب عن البترول والبنية الإساسية.

وقال الدكتور محمود الشريف، الخبير الإقتصادي، لـ"إيلاف" إن المعونات السعودية تشكل نواة أساسية لدعم الإقتصاد المصري في مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو، لاسيما في التعنت الواضح من قبل البنك الدولي، وتجميد جزء من المساعدات الأميركية، بالإضافة إلى تجميد جزء آخر من مساعدات الإتحاد الأوروبي.

ولفت إلى أن الواضح في القروض الجديدة أنها جاءت بهدف تمويل مشروعات البنية التحتية في مصر، ومنها تجديد وتطوير شبكات الكهرباء، خاصة أن أزمة انقطاع التيار تشكل أزمة حقيقة في مصر وتحتاج إلى نحو 12 مليار جنيه لتطويرها. وشدد على أن هذه القروض تشكل ليست عملية انقاذ للإقتصاد، ولكنها تساهم في حل أزمات مصرية مزمنة ومنها ازمة الكهرباء.

وفي السياق ذاته، وفي إطار الدعم الإماراتي لمصر، عقد أشرف سالمان وزير الاستثمار، اجتماعاً مع رنا حمودي المسئول عن منطقة الشرق الأوسط بجهاز أبو ظبي للاستثمار، وأعربت رنا حمودي عن "استعداد جهاز استثمار أبو ظبي لتقديم الدعم الكامل لبرنامج التعاون الاقتصادي مع مصر"، وأضافت في بيان مشترك مع وزارة الإستثمار المصرية، إن "عمليات الإصلاح الهيكلية التي تقوم بها الحكومة المصرية والتي أصبح لها صدى إيجابي عالمي"، مشيرة إلى أن " جهاز أبو ظبي للاستثمار مهتم بمتابعة التطورات التي تطراً على سوق المال المصري والبورصة وتطوير صناديق الاستثمار العقاري وقانون التمويل العقاري وقائمة المشروعات الجديدة التي تروج لها الحكومة المصرية خاصة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة".