لا نية للإيرانيين في إحياء نوروز أو رأس السنة الفارسية الجديدة، كما جرت العادة، فحكومة روحاني تنتهج سياسة تقشّف أثقلت كاهلهم، والغلاء والضرائب والغاء المنح، قضايا شائكة تحوّل أعيادهم وأفراحهم إلى أتراح.


عبدالإله مجيد من لندن: مع اقتراب العام القديم من نهايته في ايران حاول اعضاء فرقة حاجي فيروز للفنون الشعبية بوجوههم المطلية وملابسهم المزركشة ان يرفهوا عن الأهالي بتقديم وصلات من الرقص في الشوارع عشية نوروز أو رأس السنة الفارسية الجديدة.

آفاق قاتمة

لكن فناني الفرقة أخفقوا في محاولتهم اشاعة اجواء من البهجة وإدخال الفرحة في نفوس المارة الايرانيين بسبب الآفاق القاتمة التي تنتظرهم في السنة الجديدة.

إذ من المقرر ان ترتفع في الشهر المقبل أسعار الطاقة وسلع عديدة.

ويشعر الايرانيون بأن حكومة الرئيس حسن روحاني عاجزة عن وقف التدهور في قوّتهم الشرائية رغم الهبوط الطفيف الذي سجله معدل التضخم من 39 في المئة الى 36.7 في المئة منذ تولي روحاني الرئاسة.

وتأثر عمل فرقة حاجي فيروز بتوجّسات الايرانيين من العام الجديد.

وضع اقتصادي سيئ

وقال سعيد الذي ينقر على الدف ان الجمهور يدفع لهم أقل مما كان يدفعه العام الماضي بسبب الأوضاع الاقتصادية.

ولاحظ زميله الراقص مهدي ان من يدفع شيئا للفرقة يقول quot;كنتُ مكتئبا فشكرا على الترويح عنيquot;.

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مهدي quot;ان روحاني وعد بتحسين الوضع في اول 100 يوم من رئاسته ولكن ذلك لم يحدث ولهذا السبب أنا أرقص من أجل الكسبquot; مشيرا الى انه في الأحوال الاعتيادية يعمل بائعًا متجوّلا.

تركة نجاد

تذهب حكومة روحاني الى انها ورثت تركة ثقيلة من الرئيس السابق محمود احمدي نجاد وسياساته الشعوبية فضلا عن أضرار العقوبات الدولية بسبب برنامج طهران النووي، وان هذه الأسباب تضافرت كلها مؤدية الى مستويات عالية من التضخم والركود.

ويُقدّر ان العقوبات الاميركية والاوروبية أسهمت في حدوث عجز في الميزانية يُقدّر بنحو 30 مليار دولار.

وإذ لا تلوح بوادر تنبئ برفع العقوبات في المستقبل القريب فإن حكومة روحاني تركّز جهودها على معالجة الأضرار الناجمة عن سياسات احمدي نجاد.

غلاء مفاجئ

وأعلنت السلطات الايرانية انها بعد انتهاء عطلة نوروز ستضاعف سعر الدقيق مرتين وبالتالي زيادة سعر رغيف الخبز وستضاعف سعر البنزين ثلاث مرات تقريبا.

وأُبلغت شركات استيراد اللحوم بأن عليها ان تشتري العملات الصعبة بأسعار الصرف في السوق المفتوحة وليس بسعر الصرف الرسمي الذي يقل بنسبة 17 في المئة، ويعني هذا ارتفاع اسعار اللحوم ايضا.

وارتفعت أجور الكهرباء بنسبة 24 في المئة والماء بنسبة 20 في المئة خلال شهر آذار/مارس.

ومن المتوقع ان ترتفع اسعار الطاقة الأخرى بنسبة 20 الى 40 في المئة خلال السنة الفارسية الجديدة. وسيؤدي هذا الى زيادة اسعار السلع.

ويقول المسؤولون ان هذه الزيادات ضرورية لأن دعم السلع الأساسية يكلّف الدولة اعباء مالية لا تستطيع ان تتحملها بعد الآن.

ويشكل الدعم 84 في المئة من سعر الغاز و77 في المئة من سعر البنزين و81 في المئة من سعر وقود الديزل.

ومن الاجراءات التي يتوقع المراقبون ان تثير استياء واسعًا خفض المنحة الشهرية التي تُدفع للايرانيين منذ عام 2010 للتعويض عن تخفيض الدعم على بعض السلع الضرورية والمحروقات.

وتوجه الحكومة الآن مناشدات الى الايرانيين ان يتنازلوا بإرادتهم عن هذه المنحة.

لا منح... وضرائب جديدة

وقال المستشار الاقتصادي للحكومة الايرانية مسعود نيلي quot;ان عدد السكان يبلغ 77 مليونًا منهم 76.5 مليونًا يتقاضون المنحة الشهريةquot;. واضاف quot;ان من المحال تقريبا الاستمرار في هذه السياسةquot;.

كما تخطط الحكومة لزيادة الضرائب في اجراء من المؤكد ان يستعدي عليها اصحاب المصالح والشركات الذين يشكون من الضغوط المالية بسبب انكماش الاقتصاد الايراني وارتفاع كلفة الاقتراض بسعر فائدة يبلغ 30 في المئة.

وكان البنك المركزي سمح خلال الأشهر الأخيرة للمصارف بزيادة اسعار الفائدة من نحو 20 في المئة الى 27 في المئة على الودائع الجديدة ذات الأجل الممتد من عام الى عامين بأمل توفير سيولة وخفض التضخم.

تضخّم كبير

ونقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن مصرفي كبير قوله quot;ان التضخم في غضون عام سيبلغ نحو 25 في المئة وان السياسة الجديدة للبنك المركزي تساعد في خفض كلفة رأس المال ونسبة البطالة ولكن من الصعب على المواطن الاعتيادي ان يفهم ان ما دُمّر خلال ثمانية اعوام من حكم احمدي نجاد لا يمكن ان يُصلَّح بين عشية وضحاها بل سيتطلب اعادة بناء ما خُرب ثلاثة الى اربعة اعوامquot;.