&تمثّل المطاعم التي تديرها الجاليات المقيمة في السعودية فرصة مثالية للمقيمين في المملكة لاقتناص لحظات تعود فيها الذاكرة للأوطان، وتنتشر تلك المطاعم بشكل كبير في العديد من المدن السعودية، ولا سيما مدينة جدة التي تقع على ساحل البحر الأحمر.

جدة:&الحنين للأوطان، داء لا يعالج بالانترنت أو التلفونات اليومية، ولكن برؤية أبناء الوطن ومجالستهم وجها لوجه، هذا الحنين كان الدافع الرئيس لإنشاء "عدن" و"الخرطوم" و"نابلس" و"الإسكندرية" وغيرها من المطاعم التي تحمل مسميات مدن ودول عربية، تحولت مع مرور الزمن إلى ظاهرة فرضت نفسها على المدن السعودية، وباتت أماكن وتجمعات تجسد حنين الجاليات المختلفة لأوطانهم.

ويتزاحم مئات المقيمين من العرب وغيرهم من الساكنين في مدينة جدة، على مطاعم بلدانهم رغبة في الحصول على الأطباق الشعبية التي تذكرهم بطعم الوطن، لتتحول معها الشوارع المحتضنة لهذه المطاعم إلى مسرح &لاستعراض مختلف المذاقات الشعبية، في مدينة تعتبر واحدة من أكبر مناطق الجذب لعشرات الآلاف من العمال المقيمين في المملكة، فضلا عن ملايين المعتمرين والحجاج الذين يتوافدون إليها سنويا

مأكولات اليمن والشام

رائحة الهريس تنبعث من مطعم "عدن" الواقع في&شارع الكندرة، احد ابرز تجمعات الجالية اليمنية في مدينة جدة، حيث يلتف الزبائن على طاولة ممتدة تحيطها 7 &كراسٍ، يعددون &للنادل طلباتهم من الشفوت، والسلتة، والفحسة، والعصيد، حيث لم تتوقف الطلبات منذ، دخلنا المحل، والذي كان القائمون عليه حريصين على أن تكون جميع مأكولاته بنكهة الوطن.&

ويقول علي باجابر، صاحب المطعم، إن عمر المطعم يقارب 19 سنة هي عمر مجيئه للسعودية، عندها فكر في مشروع يجمع أبناء جاليته من حوله، فأقام المطعم في حي الكندرة حيث يكثر اليمنيون.

ويشرح باجابر أيضا &في حديثه لـ "إيلاف" كيف تحولت المطاعم اليمنية إلى طبقية، حيث باتت تتوزع على الأحياء الراقية، وبدأت تتناقص في أحياء جنوب جدة رغم حركتها الرائجة واكتظاظها بمختلف الجنسيات.

أما المطاعم الشامية، فقد تجاوزت مرحلة الاعتماد على أبناء الجالية، بعد أن باتت مقصدًا لجميع الجنسيات لاسيما أنها توفر خدمات (التيك أواي) والتي يقبل عليها الشباب والعزاب مثل الشاورما والكباب الشامي والمشويات وكفتة الفحم فضلا عن المعجنات والفطائر وغيرها، حيث تتسابق المطاعم الشامية بجنسياتها المختلفة على جذب الزبائن، ووصل التنافس بينها حدا، بأن تجد خمسة محلات للمأكولات الشامية &في شارع واحد.

هنا الخرطوم والقاهرة

جميع المطاعم لا تقارن ببساطة المطعم السوداني، الذي يعتمد على منتجات يدوية تصنع في المنزل، ففي حي الكرنتينة في جنوب جدة، يجب أن تصعد سلما وتنزل آخر، وتمر عبر ممرات ضيقة &لتصل في النهاية إلى محل لا تتعدى مساحته &6 أمتار، هنا يوجد المطعم السوداني، ورغم وعورة التضاريس فان الزبائن يتوافدون عليه بكثرة، فبساطة المنطقة وشعبيتها جعلت منها مستقرا للجالية السودانية، حيث تنتشر المقاهي على طول الشارع، وينبعث منها صوت تلفزيون السودان ليؤكد هوية المكان.

أما المطاعم المصرية، فابتسامة الترحيب هي عنوان المكان، وجملة "اتفضل يا باشا" علامتها المميزة، فيما يتم رص الكراسي بشكل مستقيم لتستوعب اكتظاظ الزبائن، الذين يخرجون من صخب المدينة إلى صخب خاص بهم، حتى عندما يجتمعون لرؤية مباراة الأهلي والاتحاد قطبي جدة، &فإنهم يخلقون جوا مصريا للجلسة.

وفي هذا المكان &يخف الاشتياق للوطن، وفي وقت الأزمات يتعاضد الجميع، والمكان أيضا يمثل وسيلة للتعارف والزواج بين من &أراد الاستقرار وبين حديثي الوصول.

من جانبه يقول استشاري التسويق عبدالله السلمي، إن المطاعم العربية ومطاعم الجاليات، ظاهرة فرضت نفسها بقوة على الساحة السعودية، وهي مطاعم متخصصة وتدار من قبل جنسياتها علاوة على مرتاديها الذين باعدت الظروف بينهم وبين &وبلادهم، وهم يحاولون عبر هذه المطاعم&&أن يحتفظوا لأنفسهم بقطعة من هذا الوطن.

وأشار في حديثه لـ"ايلاف" إلى أن المطاعم العربية كونت على مدى سنوات قاعدة عريضة من السعوديين الذين وجدوا في تنوع الأطعمة استعراضاً مثيراً للمذاق الشعبي، وباتوا يشاركونهم في الازدحام للحصول على نصيبهم &من الأكلات المختلفة.&
&