على الرغم من الاختلاف في التحليلات، يتفق الخبراء النفطيون على أن الوقت لم يحن بعد لتوقف تدهور أسعار برميل النفط عالميًا، لكن يتوقعون الوصول إلى 35 دولارًا لبرميل الخام الأميركي و40 دولارًا لبرميل برنت.
&
حيان الهاجري من الرياض: أحدث التراجع المطرد لسعر النفط الخام من أكثر من 100 دولار للبرميل في الصيف الماضي إلى أدنى مستوى في نحو ست سنوات دون 50 دولارًا صدمة في أوساط المتعاملين وحيرة بين المحللين، الذين يئسوا من العثور على قاع سعرية للسوق، وسط قناعة جوهرية ظلت تدعم الأسعار على مدى السنوات العشر الأخيرة بأن السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم ستهب لنجدة السوق.
&
قيود على العرض
حاول المتعاملون مرارًا خلال الأشهر الأخيرة أن يحددوا مستويات قد تنم عن القاع أو المراهنة على أن عزم منظمة أوبك على عدم التدخل سيتزعزع، ما يضطرها إلى فرض قيود على المعروض. لكن في غياب أي بادرة على تزحزح المنظمة عن موقفها فإن كل توقف تعقبه موجة جديدة من البيع، ويبدو أن معظم المتعاملين قد أصابهم اليأس أو أنهم يركبون موجة الخسائر.
&
وقال متعامل بالعقود الآجلة والخيارات في لندن: "أصابني الفزع والذهول مما يحدث، النفط يتراجع من دون أي انتعاش فني على مدى الأشهر الستة الأخيرة، لا يوجد مبرر لتحديد قاع في ظل ظروف كهذه".
&
وفي ظل ثورة النفط الصخري الأميركية، يحتدم النقاش بشأن مَن مِن المنتجين سيبادر إلى خفض الإنتاج مع تراجع الأسعار إلى مستويات دون التكلفة، وتآكل الطلب وتنامي فائض المعروض العالمي.
&
وقال جوناثان جولدبرج، المتعامل السابق لدى جولدمان، في رسالة إلى مستثمري صندوق التحوط التابع له بي. بي. ال: "في حين أن نمو المعروض النفطي سيكون أضعف منه لو كانت مستويات الأسعار أعلى من ذلك، فإننا لا نثق بتحديد أي مستويات مصطنعة لقاع السوق".
&
إلى أي مدى
ويقول البعض إن الأسعار قد تنزل عن مستوياتها إبان الأزمة المالية قبل سبع سنوات، عندما انحدر الخام الأميركي من نحو 150 دولارا للبرميل إلى 32,40 دولارًا، إذ يرقب الجميع الوضع لمعرفة أي المنتجين ستفتر عزيمته أولاً. وطرح محللو بنك أوف أميركا ميريل لينش جلوبال ريسيرش السؤال التالي: "إلى أي مدى قد ينخفض النفط؟"، وبعد 12 صفحة من التوضيحات والتحليلات والرسوم البيانية والتحذيرات، اقترحوا 35 دولارًا للخام الأميركي و40 دولارًا لبرميل برنت. وتقول بيرا إنرجي للأبحاث: "من السابق لأوانه تكوين مراكز دائنة".
&
وعندما كان التراجع في بدايته، تشبث المتعاملون تشبثًا محمومًا بالعوامل الأساسية، بحثًا عن محددات نفسية وفنية كانوا يأملون أن تقدم بعض الدعم وتوقف التدهور المتفاقم.
وفي غياب أي علامة على خفض إنتاج أوبك، تطلع المتعاملون إلى تكلفة حفر آبار النفط الصخري الأميركية التي قد تصل إلى 70 دولارًا للبرميل كعامل قد يوقد شرارة تحول في اتجاه السوق، لكن القاع تبدد مع استمرار نمو الإنتاج الصخري وتعاقد منتجين كثيرين على أسعار مرتفعة للاثني عشر شهرًا المقبلة.
&
هنا بدأ سعر 60 دولارًا لبرميل برنت كمستوى مناسب ورقم صفري سهل، وتعزز ذلك بتلميحات سابقة إلى أنه قد يكون المستوى الذي ستدافع عنه السعودية، لكن البيع تواصل لينزل السعر عن ذلك المستوى بعد فترة وجيزة من قول وزير البترول السعودي علي النعيمي إن المملكة لن تخفض الإنتاج عند أي سعر.&
&
الفوري أرخص من الآجل
يواصل المتعاملون والمحللون تنقيبهم عن الأدلة التي قد تشير إلى حدوث انتعاش أو انتهاء التراجع على أقل تقدير، بعضهم ما زال يفحص اقتصاديات إنتاج النفط الأميركي لكن في ظل تكاليف إنتاج بين عشرة دولارات و20 دولارا للبرميل في المدى القصير، فمن الممكن أن تتراجع أسعار النفط بدرجة أكبر، بحسب جوليان جيسوب، مدير أبحاث السلع الأولية في كابيتال إكونوميكس.
&
دانييل باث، مدير المحفظة في صندوق لوبوس ألفا للاستثمار في السلع الأولية، يراقب منحنى السعر الآجل، الوضع الحالي في السوق هو أن سعر التسليم الفوري أرخص من التسليم الآجل ما يشجع الشركات على تخزين النفط، لذا قد يعثر النفط على أرضية عندما يستقر ذلك الوضع.
&
قد تكون هناك قلة تنتظر علامات على أن المنتجين من خارج أوبك مستعدون للبدء في خفض إنتاجهم بشكل طوعي، لكن أي خطوات من هذا النوع ستقابل بالتشكك، غير أنه بالنسبة للكثيرين لا يعدو الأمر لعبة انتظار وترقب لفترة من الاستقرار التي قد تنبئ باجتياز الأسوأ. وقال متعامل في نيويورك: "سأخبرك بعد أسبوعين من حدوث ذلك".