&واشنطن: خفض صندوق النقد الدولي امس توقعاته للنمو الاقتصادي خلال 2015 في دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا المصدرة للنفط بسبب انخفاض اسعار الخام والنزاعات.&الا ان الصندوق ذكر في تقريره نصف السنوي حول النظرة المستقبيلة للاقتصاد العالمي ان انخفاض اسعار الخام منح من جهة اخرى الدول «ارتياحا ضروريا للدول المستوردة للنفط» في المنطقة، وهي دول ستسجل معدلات نمو تفوق التوقعات السابقة.ومن المتوقع ان تسجل الدول النفطية في المنطقة والتي تشمل دول الخليج واليمن وايران والعراق وليبيا والجزائر، مجتمعة نموا بنسبة 2،4 بالمئة. وهذه نسبة ادنى بشكل ملحوظ من التوقعات التي اعلنها الصندوق في تشرين الاول / اكتوبر وكانت اشارت الى نمو بـ3،9بالمئة. وتوقع الصندوق ان يتسارع النمو في اقتصادات المجموعة ليبلغ 3،5بالمئة في 2016.

وقال الصندوق في تقريره ان «الانخفاض الكبير في اسعار النفط ارخى بثقله على العجز في الميزانية وميزان المدفوعات» لدى هذه الدول التي تؤمن ثلث العرض العالمي من الخام. وتوقع الصندوق ان ينمو اقتصاد السعودية، وهي اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، بنسبة 3بالمئة مقارنة ب4،5بالمئة في التوقعات السابقة.وذكر الصندوق ان ميزانية السعودية «ستشهد عجزا كبيرا في 2015 و2016»، وذلك بعد ان اشار تقرير محلي الى ان العجز سيكون بحدود مئة مليار دولار في 2015، اي اكثر بكثير من العجز الذي توقعته الحكومة والذي قدرته ب39 مليار دولار.وخفض الصندوق توقعات النمو لدول مجلس التعاون الخليجي الخمس الاخرى، وهي الامارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان. ولا يأخذ التقرير بعين الاعتبار تاثيرات النزاع في اليمن على النمو.
&
وتوقع الصندوق ان يكون النمو في ايران عند 0،6بالمئة هذه السنة و1،3بالمئة السنة المقبلة، مقارنة مع 2،25 و2،3بالمئة في توقعات تشرين الاول/اكتوبر. واشار التقرير ايضا الى تأثير عدم الوضوح الذي يسود في ما يتعلق بالاتفاق النووي مع القوى الكبرى.اما العراق، فيفترض بحسب الصندوق ان يسجل نموا بـ1،3بالمئة بعد ان انكمش الاقتصاد بنسبة 2،4بالمئة العام الماضي. وكانت التوقعات السابقة اشارت الى نمو بنسبة 1،5بالمئة هذه السنة. وخفض الصندوق توقعات النمو للجزائر هذه السنة من 4بالمئة الى 2،6بالمئة.ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصاد مصر خلال عام 2015 إلى 4 في المئة من توقعات سابقة صادرة في يناير / كانون الثاني الماضي بنمو 3.8 في المئة بينما خفض توقعاته لنمو اقتصاد تونس إلى 3 في المئة وذلك من 3.7 في المئة في توقعاته السابقة.
&
وقال الصندوق في تقريره «آفاق الاقتصاد العالمي» الصادر امس ان زيادة معدلات الثقة في الاقتصاد المصري تعود إلي الخطط الهادفة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية واسعة النطاق. واشار إلى أن من بين أبرز مظاهر تحسن الثقة فى الاقتصادي المصري رفع التصنيف الائتماني للبلاد من قبل الوكالات الدولية. ورفعت وكالة «موديز» الأسبوع الماضي التصنيف الائتماني لمصر إلى درجة (B3) وذلك من درجة (Caa1) مع الاحتفاظ بنظرة مستقبلية مستقرة للاقتصاد، بما يعني تقليل درجة المخاطرة للاستثمار من الدرجة العالية إلي الدرجة العادية.
&
وأوضح الصندوق في تقريره إن تقديراته لا تتضمن التأثيرات المحتملة للاتفاقيات الاستثمارية التى وقعتها مصر فى مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى بشرم الشيخ ( شرق مصر) &فى مارس / آذار الماضى والتى بلغت قيمتها 36.2 مليار دولار، وفقا لتصريحات مسؤولين مصريين.وتسعى مصر لإجراء انتخابات مجلس النواب خلال منتصف العام الجارى لتكمل بذلك الخطوة الثالثة والأخيرة في خارطة الطريق التي تم إعلانها في 8 يوليو/ تموز 2013 عقب الإطاحة بالرئيس المصري الأسبق محمد مرسي من منصبه بخمسة أيام. وتضمنت أيضاً إعداد دستور جديد للبلاد (تم في يناير/ كانون الثاني 2014) وانتخابات رئاسية (تمت في يونيو / حزيران الماضي).
&
وفى تونس خفض صندوق النقد في تقريره توقعاته لنمو الاقتصاد إلي 3 في المئة في عام 2015 من 3.7 في المئة في توقعاته السابقة في يناير / كانون الثاني الماضي. كما توقع الصندوق نمو الاقتصاد بنحو 3.8 في المئة في عام 2016 وذلك مقارنة بنمو 2.3 في المئة في عام 2014.وأضاف الصندوق وفقا للتقرير أن توقعاته لنمو الاقتصاد التونسي خلال العام الجاري تشير إلي اتساع الاختلالات في الموازين الخارجية للبلاد ووجود بعض نقاط الضعف في القطاع المصرفي والتوترات الأمنية. وقال ان هذه الاخيرة ستؤثر على النشاط الاقتصادي بالبلاد وذلك علي الرغم من أن استكمال عملية الانتقال السياسي سيؤدي إلي عودة الثقة والنمو للاقتصاد.&
&
وشهدت تونس العام الماضي انتخابات لرئاسة الجمهورية وإقرار الدستور وانتخاب البرلمان لتنتهي خطوات عملية الانتقال السياسي التي شهدتها البلاد على مدى 4 سنوات تقريبا منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن على.&ومصر وتونس من أبرز الدول التي تمر بمرحلة انتقال سياسي عقب ثورات الربيع العربي التي انطلقت شرارتها من تونس وامتدت إلى مصر وعدد من دول المنطقة في عام 2011. وقد ادى كل هذا إلى تأثيرات عميقة على اقتصاديات تلك الدول مازالت تتعافى منها حتى الآن.
&
و قال صندوق النقد الدولي في تقريره بعنوان «آفاق الاقتصاد العالمي» الذي نشره امس إن انخفاض أسعار النفط العالمية سيدعم نمو البنى الاقتصادية المتقدمة وخاصة في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان الشيء الذي سيقود بدوره النمو العالمي الى آفاق أفضل خلال 2015وتوقع الصندوق نمو اقتصاد العالم ككل بنسبة 5ر3 بالمئة خلال العام الجاري، عقب نمو بنسبة 4ر3بالمئة العام الماضي. وفي الوقت نفسه توقع الصندوق إن يستمر نمو الاقتصاد الصيني في التراجع، قائلا انه سينمو بنسبة أقل من 7 بالمئة هذا العام .&وبحسب تقديرات الصندوق ، فإن معدل نمو اقتصاد الهند سيصل إلى 5ر7 في المئة هذا العام، في حين سيتراجع النمو في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية بسبب انخفاض أسعار النفط . وتبعا له فعلى الرغم من تحسن التوقعات بالنسبة للاقتصاديات المتقدمة العام الحالي، فإن الاقتصاديات الناشئة والنامية ستستمر في تمثيل 70 في المئة من النمو العالمي .&
&
وأضاف الصندوق أن البنى الاقتصادية المتقدمة ستستفيد بشكل عام من انخفاض أسعار النفط. وتوقع أن تتسارع وتيرة النمو في تلك البنى إلى 2.4 في المئة في العام الجاري وذلك من 1.8 في المئة في العام الماضي. ويذكر ان أسعار النفط انخفضت بأكثر من 50 في المئة منذ يونيو / حزيران 2014 وحتى نهاية مارس / آذار 2015.&وأوضح صندوق النقد أن من المتوقع للنمو في الولايات المتحدة أن يتجاوز 3 في المئة في الفترة بين عامي 2015 و2016 وذلك من 2.4 في المئة في عام 2014. وكل هذا بسبب زيادة الطلب المحلى مدعوما بانخفاض أسعار النفط والتحول نحو وتيرة أكثر اعتدالا في عملية التصحيح المالي واستمرار الدعم المستمد من تيسير السياسة النقدية. وسيأتي ذلك رغم الارتفاع التدريجي المتوقع في أسعار الفائدة وبعض المعوقات التي تواجه الصادرات بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مؤخرا.وأشار التقرير إلى أن منطقة اليورو – بعد نمو ضعيف في الربعين الثاني والثالث من 2014 – بدأت تظهر مؤشرات الى التعافي الاقتصادي مدعوما بتراجع أسعار النفط وانخفاض أسعار الفائدة وتراجع سعر صرف اليورو. ورفع صندوق النقد، ومقره واشنطن، توقعاته لنمو المنطقة، التي تضم 19 دولة أوروبية، إلى 1.5 في المئة خلال العام الجاري و1.6 في المئة في العام القادم مقارنة بالتوقعات الصادرة في يناير الماضي بزيادة 0.3 في المئة و 0.2 في المئة على التوالي ومرتفعة كذلك عن النمو المسجل فى عام 2014 والذى بلغ 0.9 في المئة.
&
وقال الصندوق إن من المتوقع انتعاش النمو الاقتصادي فى اليابان بعد نتائج مخيبة للتوقعات في 2014 وذلك بدعم من استمرار انخفاض سعر صرف الين الياباني وتراجع أسعار النفط الخام. وتوقع الصندوق نمو اقتصاد اليابان 1 في المئة في عام 2015 ترتفع إلى 1.2 في المئة فى 2016 وذلك من انكماش بواقع 0.1 في المئة في عام 2014. وقال صندوق النقد ايضا:» انخفاض أسعار النفط سيؤثر على الدول المستوردة من خلال تقليل الضغوط التضخمية والحد من مواطن الضعف في الحسابات الخارجية لتلك الدول». وأضاف أن انخفاض أسعار النفط سيسمح للدول التي تدعم أسعار المنتجات البترولية بمساحة للحركة على مستوى سياستها المالية أو إتاحة المجال أمامها لتعزيز مراكزها المالية إذا اقتضى الأمر.
&
وأشار تقرير الصندوق إلى تأثيرات متباينة لانخفاض أسعار النفط على الدول المستوردة والتى تشمل البنى الاقتصادية المتقدمة من جانب والأسواق الناشئة والاقتصاديات النامية من جانب آخر. وأوضح أنه خلافا لما يحدث في البنى المتقدمة فإن المكاسب المتحققة من انخفاض أسعار النفط لن تنعكس بصورة مباشرة على المستهلكين في العديد من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية المستوردة للنفط مما يكبح تقديم دفعة قوية للنمو.&واشار إلى أن فوائد انخفاض أسعار النفط ستعود بشكل أكبر على الحكومات في عدة أشكال من بينها التوفير المتحقق من انخفاض تكلفة دعم الطاقة والتي يمكن أن تستخدم لدعم المالية العامة.
&
أما على مستوى الدول المصدرة للنفط فقد قال الصندوق إن انخفاض أسعار النفط سيبطئ النمو الاقتصادي وخاصة في تلك الدول التي تواجه أوضاعا صعبة في الأساس مثل روسيا التي تعانى من توترات جيوسياسية ذات ابعاد كبيرة (في اشارة الى أزمة اوكرانيا والمخاوف من التوسعات الروسية في المنطقة).وأضاف صندوق النقد في تقريره: «يجب على الدول المصدرة للنفط أن تستوعب صدمة كبيرة في معدلات التبادل التجاري وأن تواجه مواطن ضعف أكبر على مستوى المالية العامة للدولة والحسابات الخارجية».وأشار الصندوق إلى أن الدول المصدرة للنفط، والتي تتمتع بمساحة للحركة على المستوى المالي، يمكنها أن تسمح بتكيف تدريجي للإنفاق العام مع انخفاض الإيرادات النفطية. ولفت النظر إلى أن تخفيض سعر صرف العملة المحلية يمكن أن يسهل عملية التكيف في حال ما إن كانت هذه الدول تتمتع بمرونة في سعر الصرف. وقال الصندوق إنه بشكل عام فإن انخفاض أسعار النفط «سيوفر فرصة لتخفيض دعم الطاقة واستبداله ببرامج ذات استهداف أفضل للفئات المستحقة للدعمز وهذا فضلا عن إتاحة الفرصة لإصلاح نظام الضرائب على الطاقة بما في ذلك تلك المطبقة في الدول الغنية».
&
وفي الوقت نفسه دعا الصندوق هذه الدول الغنية لاتخاذ إجراءات سريعة لتعزيز النمو في ظل التباطؤ في الأسواق الناشئة والاقتصاديات النامية عقب عقد من النمو السريع. وقال في توقعاته الاقتصادية الثانية خلال العام: « هناك حاجة لسياسات حاسمة لتعزيز الانتاج الحقيقي والمحتمل بصورة عاجلة «. &وقد زاد الصندوق لأعوام من مناشدته وخاصة في منطقة اليورو بطيئة النمو وفي اليابان من أجل إجراء إصلاحات «هيكلية « مثل تشجيع مشاركة العمال وتحرير أسواق السلع والخدمات.&
&
على صعيد ذي صلة حذر كبير اقتصاديي صندوق النقد، اوليفييه بلانشار، في مؤتمر صحفي امس من انه لا يمكن استبعاد اندلاع ازمة مع اليونان.&وقال بلانشار، لدى تقديم التوقعات الاقتصادية المعدلة لصندوق النقد الدولي للعامين 2015 و2016: «لا يمكن استبعاد ازمة يونانية، وسيكون ذلك حدثا من شأنه تقويض استقرار الاسواق المالية». واضاف ايضا ان مخاطر الكساد في منطقة اليورو التي اعتبرت الخطر الاساسي للاقتصاد العالمي العام الماضي خفت «على غرار ما حدث لخطر التضخم».