بدأت الأسهم الأوروبية بالارتفاع في مستهل التعاملات اليوم الجمعة، ما يبشر بتماسكها مجددًا بعد موجة هبوط شهدتها في وقت سابق هذا الأسبوع بدعم من ارتفاع الأسهم الصينية، بعدما علقت بكين آلية جديدة لوقف التداول من أجل تهدئة مخاوف المستثمرين.
بكين: انهت الصين في وقت متأخر الخميس العمل بآلية "التقييد الموقت لعمليات بيع الاسهم"، التي اتهمت بالتسبب في عمليات بيع كبيرة هزت الاسواق الصينية مرتين خلال فترة اربعة ايام، ما ادى الى خسائر في الاسواق المالية في آسيا واوروبا والاميركيتين.
&
وبموجب هذه الآلية، كان "المساهمون الكبار"، أي الذين يملكون اكثر من خمسة بالمئة في أي شركة مدرجة في البورصة، ممنوعين من بيع اسهم. كما رفعت السلطات السعر المركزي لعملة اليوان مقابل الدولار منهية ثمانية ايام من الانخفاض. وكان قرار تحديد سعر اليوان عند ادنى مستوى له خلال خمس سنوات من اسباب عمليات البيع الواسعة التي شهدها العالم الخميس.
&
وكان رد الفعل الأولي الجمعة ايجابيًا، إذ ذكرت تقارير ان سوق شنغهاي حصلت على دعم نقدي من الدولة لاستخدامه في دعم الشركات الكبيرة.& وتذكر هذه الاضطرابات الكبيرة في اسواق آسيا بالاضطرابات التي عمت الاسواق خلال الصيف بسبب المخاوف من عدم قدرة بكين على ضبط تباطؤ اقتصادها الذي يعد ثاني اكبر اقتصاد في العالم.
&
وقال ماثيو شيروود رئيس استراتيجية الاستثمار في شركة "بيربيتشوال" لإدارة الاصول في سيدني، "لا يوجد استقرار كبير في ادارة السياسات في الصين". واشار الى ان الصينيين "يضعون السياسات بحسب الحاجة (..) وهذا ما يتسبب في اضطرابات كبيرة في السوق لأن الاسواق لا تحب حالة عدم اليقين".
&
وسجل سوق شنغهاي ارتفاعًا بأكثر من 2% عند الافتتاح، الا انه عاد وسجل انخفاضًا بنقطتين. واغلق السوق على ارتفاع نقطتين مئويتين، الا انه انخفض بنسبة 10% خلال الاسبوع. اما سوق هونغ كونغ فقد اغلق على ارتفاع 0,6%.
&
وسجلت الاسواق الاوروبية ارتفاعات بعد ان شهدت انخفاضًا حادًا الخميس. وارتفعت سوق لندن 0,4% وفرانكفورت 0,3%، بينما لم تسجل سوق باريس أي ارتفاع او انخفاض. ويشعر المستثمرون الدوليون بالقلق من تباطؤ اقتصاد الصين الذي يتوقع ان يكون قد سجل ابطأ نمو له خلال ربع قرن في العام 2015.
تأثر أوروبي
ارتفع مؤشر يوروفرست 300 لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى 0.2 بالمئة، بحلول الساعة 08:16 بتوقيت غرينتش لكنه لا يزال متجهًا لتكبد أكبر خسائره الأسبوعية منذ أواخر أغسطس- آب.
&
وزاد مؤشر يورو ستوكس 50 للأسهم القيادية في منطقة اليورو بنسبة 0.1 بالمئة. وارتفعت مؤشرات الأسهم الصينية الرئيسة كثيرًا يوم الجمعة، بعدما علقت بكين آلية وقف التداول، التي جرى تفعيلها مرتين هذا الأسبوع، وتسببت في تفاقم خسائر السوق بدلاً من الحد منها.
&
وبحسب رويترز، كانت أسهم شركات التعدين من بين أكبر الرابحين في موجة التعافي، بعدما سجلت هبوطًا كبيرًا في الجلسة السابقة. وتتأثر أسهم التعدين بصفة خاصة بحالة الاقتصاد الصيني لكون الصين أكبر مستهلك للمعادن في العالم.
&
وفي أنحاء أوروبا ارتفع مؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني 0.25 بالمئة عند الفتح، بينما انخفض كاك 40 الفرنسي 0.04 بالمئة وزاد داكس الألماني 0.44 بالمئة.
&
وجاءت ردود فعل الاسواق الجمعة بعدما اعلنت هيئة تنظيم الاسواق المالية الصينية الغاء آلية "التقييد الموقت لعمليات بيع الاسهم"، التي بدأت العمل بها مطلع العام.&
&
اضطرابات&
وكانت السلطات الصينية بدأت العمل بتلك الآلية في اطار برنامج لمنع اضطراب الاسواق الذي ادى الى خسارة ترليونات الدولارات خلال الصيف الماضي.
&
الا ان المتعاملين قالوا إن ذلك زاد من ضغوط بيع الاسهم من جانب المتعاملين الذين يرغبون في تجنب الاحتفاظ بأسهم لمدة طويلة.
وبدأت اسواق الصين تعاملاتها مطلع الاثنين بخسارة بنسبة 7%، فيما لم يستمر التداول سوى 30 دقيقة الخميس.
&
وشهد الثلاثاء والاربعاء استقرارًا في التعامل، بعد تقارير باستخدام مليارات الدولارات ضختها الحكومة نقدًا لدعم الاسواق الرئيسة.
وقال ثيبيس لو، نائب رئيس شركة "كيم انغ سيكيوريتيز" للاوراق المالية التي مقرها هونغ كونغ، إن "المتعاملين غير مسرورين ويلقون اللوم على عدم اجراء اختبارات كافية لآلية التقييد الموقت لعمليات بيع الاسهم".
&
واضاف: "نظرا إلى تدهور الاقتصاد الصيني، فإن الحكومة لا تريد المخاطرة بحدوث أي اضطرابات اجتماعية. لذلك، فإنها تحاول طمأنة المستثمرين بالقدر الممكن على المدى القصير".
&
تأتي محاولات قادة البلاد ارضاء المستثمرين الصغار في الصين قبل شهر من احتفالات رأس السنة الصينية عندما يسافر مئات الملايين للقاء عائلاتهم والاحتفال بالمناسبة.& وانتشرت شائعات على موقع "ويبو" الصيني الشبيه بموقع تويتر بأن رئيس هيئة تنظيم السوق شياو غانغ استقال، وأن استقالته ستعلن خلال عطلة نهاية الاسبوع.
&
وادى قرار رفع سعر اليوان الى ارتفاع الاصول الأكثر عرضة للمخاوف وخصوصًا عملات الاسواق الناشئة، وبينها الروبية الاندونيسية والون الكوري الجنوبية والروبية الهندية. وسجلت عملة الرينغيت الماليزية والدولار الاسترالي ارتفاعًا كذلك.
&
وقال جويشي واكو الاستراتيجي البارز في شركة نومورا القابضة، إن بكين تجد صعوبة على ما يبدو في السيطرة على الوضع. وصرح واكو لأخبار بلومبرغ نيوز أن "على السلطات الصينية أن تأخذ الوقت الكافي لانضاج السوق، ولكنها بدلا من ذلك تواصل التعثر من خلال التجربة والخطأ".
&
وقال: "بدلاً من اتخاذ اجراءات سطحية، عليهم ان يضعوا سياسات تنسجم مع تحقيق اهداف اكبر للنظام الكامل. وحتى ذلك الوقت علينا أن نكون مستعدين لاستمرار الاضطرابات الكبيرة جدًا في الاسواق".
خفض مشتريات البنوك من الدولار
في سياق متصل، طلبت سلطات العملة في "شنتشن" الصينية، اليوم الجمعة، من المصارف التابعة لها الحد من شراء الدولار الأميركي لعملائها من الشركات.
ونقلت وكالة "بلومبرغ” عن مصادر مطلعة، أن تقليص عمليات شراء الدولار لن تشمل أغراض التجارة في العقارات، أو الطلبات الخاصة بالعملاء الأفراد. وتعاني الصين من تدفقات خارجة لرؤوس الأموال، وتقلبات في سعر العملة، مع سعي بعض المستثمرين إلى الاستفادة من الفارق بين سعر صرف اليوان في داخل البلاد وخارجها. وكان البنك المركزي الصيني قد رفع بشكل طفيف السعر المرجعي لليوان اليوم، بعد 8 جلسات متتالية من خفض قيمة العملة المحلية، وهو ما أثار مخاوف الأسواق العالمية بشأن أداء ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
تحذيرات سوروس
وكان الملياردير الأميركي الأسطوري المستثمر جورج سوروس قد حذر بأن 2016 قد تشهد أزمة مالية عالمية وعلى نطاق واسع كما حدث قبل 8 سنوات. وقال سورس في خطابه أمام منتدى إقتصادي في سريلانكا إن الصين تواجه "مشكلة تعديل رئيسة".
ونسبت وكالة بلومبرغ للأنباء إلى سورس قوله إن "الأمر يرقى إلى مستوى الأزمة. فعندما أنظر إلى الأسواق المالية أجد تحديا خطيرا يذكرني بالأزمة التي شهدناها عام 2008”. وهذه ليست المرة الأولى التي يحذر فيها سورس من مصير سيء يخيّم على أسواق المال. ففي عام 2011 حذر من أن أزمة الدين اليونانية التي استنزفت أوروبا أخطر من الأزمة المالية العالمية في 2008.
وبعد تعليق التداول أعلنت لجنة تنظيم الأسهم الصينية أنه ليس بوسع حملة الأسهم الرئيسيين بيع أكثر من 1 بالمئة من أسهم الشركات خلال 3 أشهر بداية من 9 يناير/كانون ثاني الجاري. يأتي ذلك فيما يقترب حظر سابق مدته 6 أشهر من نهايته يوم الجمعة.
وقال أندرو أو، محلل السوق في مؤسسة أي جي للتداول، إن الشعور السلبي سببه إدراك أن الصين قد تضعف اليوان أكثر، مما يثير مخاوف من تأثير ذلك على اقتصاديات أخرى. فإضعاف العملة ينظر إليه في الغالب على أنه مؤشر لتعثر الاقتصاد وحاجته إلى العمل على تعزيز صادراته. واليوان المنخفض يجعل كلفة تصدير السلع على الشركات الصينية أرخص، مما يعطي القطاع الصناعي المتباطئ دفعة.
&
التعليقات