قال الخبير الاقتصادي نبيل عباس إن التحول الاقتصادي في السعودية مفروغ منه، وسيعتمد في نجاحه على القطاع المصرفي، وسيكون اقتصادًا معرفيًا يستثمر في الموارد المستدامة.


الرياض: بدأت السعودية خطوات جادة في التحول نحو الاقتصاد المتنوع، والابتعاد قدر الامكان عن السمة التي غلبت اقتصادها ردحًا من الزمان. ولا مفر من الاعتراف بأن الهوة السحيقة التي يبدو أن النفط قد وقع فيها ساهمت في تسريع هذا الاقتناع، الذي يصفه الدكتور نبيل عباس، وهو خبير اقتصادي ومهندس استشاري سعودي، في حوار مع "إيلاف" بأنه أمر مفروغ منه، لأن جميع خطط التنمية تؤكد ذلك.

إصلاحية إقتصادية سعودية (1 من 3)
بيع أسهم أرامكو دليل جدية التوجّه نحو الخصخصة

أضاف: "بناء اقتصاد يتضمن وجود محتوى معرفي أعلى، حيث انه هذا سيقلل من الاعتماد على الموارد الطبيعية".
&
وفي ما يأتي متن الحوار:
&
هل اقتنعت السعودية أخيرًا بأن لا مفر من تنويع مصادر الاقتصاد بشكل جدي؟

القناعة بتنويع مصادر الدخل بالسعودية أمر مفروغ منه، لا سيما وأن جميع خطط التنمية الخماسية كانت تؤكد هذا الجانب، ما كان ناقصًا هو تحويل هذه القناعات إلى خطط عملية، ويبدو أن تقلبات أسعار النفط والتراجعات الكبيرة في مدخولاتها، عجلت هذه الخطوات حيث أن استمرار الاعتماد على أحادية المورد الاقتصادي، بات سياسة محفوفة بالمخاطر.
&
اقتصاد المعرفة
&
هل يشمل هذا التحول الاقتصادي الكبير اعتمادًا لاقتصاد المعرفة؟

نعم بالتأكيد. فبناء اقتصاد يتضمن وجود محتوى معرفي أعلى، حيث ان هذا سيقلل من الاعتماد على الموارد الطبيعية، إضافة إلى أن إستراتيجيا التنمية بعيدة المدى للسعودية 2025 ترمي إلى أفق مستقبلي، هو التحول إلى اقتصاد متنوع مزدهر، يقوده القطاع الخاص، وهذا طبعًا يحتاج الى تقوية وتطوير القطاعات التعليمة وتنمية نشاط ريادة الأعمال،وبناء مهارات السعوديين على أسس حديثة ومتقدمة.
&
أين موارد الطاقة المستدامة من هذا التحوّل؟ وكيف تؤدي فيه دورها الحسّاس؟

لا شك في أن الطاقة المستدامة تساهم بشكل كبير في منح الاقتصاد سمة الاستدامة، والسعودية، ممثلة في مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، تمضي بخطى متواصلة على طريق تأسيس هذا المجال، لا سيما أن السعودية تمتلك مقومات عديدة، أبرزها ارتفاع معدل الإسقاط الشمسي، ما من شأنه أن يوفر طاقة شمسية مثالية. لكن هذه المقومات والطموحات ليس خالية من التحديات، حيث لا زال القطاع الخاص محجمًا عن الاستثمار في هذا المجال، كما أن اللوائح التنظيمية لهذا المجال لم تتشكل حتى الآن بالشكل المطلوب، وفي حال تجاوز هذه العقبات اعتقد أن موارد الطاقة المستدامة ستؤدي دورها المطلوب في اقتصاد منوع ومستدام.
&
أي القطاعات ستعطى الأولوية في سياق التحول نحو اقتصاد غير معتمد كليًا على النفط؟

في اعتقادي أن القطاع المالي والمصرفي سيكون له شأن كبير في الاقتصاد السعودي، فقد أدى هذا القطاع دورًا مهمًا وأساسيًا في الاقتصاد السعودي، ويعمل على تمويل الإنتاج والتجارة والاستثمار، خصوصًا بعد أن فتحت السعودية المجال أمام الاستثمارات الأجنبية، وسوق الأسهم أمام المساهمين الأجانب. وفي رأيي أن هذا يعتبر تمهيدًا ليلعب القطاع المصرفي دورًا أكثر فعالية وليكون شريكًا أساسًا في تفعيل التنمية الاقتصادية.
&
الاقتصاد ليس ضعيفًا
&
من أين سيأتي تمويل هذا التحول؟ هل ستعلّق الآمال على تضخيم الاستثمار الأجنبي؟

في اعتقادي أن تغيير أسلوب الإدارة المالية للاقتصاد السعودي هو أحد أبرز عناصر تحقيق هذا التمويل، فميزانية عام 2016 ركزت على دعم القطاعات الأكثر فائدة للإنسان السعودي، وهناك فعلًا عجز في الأرقام، لكن هذا لا يعني ضعفًا في الاقتصاد، حيث يمكن معالجته عن طريق الاقتراض من البنوك المحلية أو السحب من الاحتياطي العام، كما أن السعودية تمتلك موارد عديدة يمكن التعويل عليها مستقبلًا وذلك من خلال تغيير أسلوب الإدارة المالية للاقتصاد السعودي.
&
أي تسهيلات استثمارية يمكن أن تعطى للمستثمرين الأجانب في السعودية؟

زيارة الملك سلمان إلى الولايات المتحدة في العام الماضي، ولقاءه بمسؤولين تنفيذيين لشركات أميركية في واشنطن، هو اكبر دليل على أن السعودية لديها رؤية مستقبلية جديدة، لتشجيع الاستثمار الأجنبي للمساعدة في تنويع الاقتصاد والاستثمار في قطاعات بعينها مثل التعدين والصحة والتعليم، والبنية التحتية، والخدمات المصرفية وغيرها، وهذا لا شك سيساعد على نقل التقنية والخبرات وخلق وظائف جديدة.
&
هل أخذ في الحسبان إمكان عودة البحث الجدي في توحيد الاقتصاد الخليجي؟

بالطبع، وجود عملة خليجية موحدة سيكون عامل استقرار كبير في المنطقة، لكن في اعتقادي أن مسألة العملة الموحدة ترتبط بالإرادة السياسية بالدرجة الأولى.
فعلى المستوى الاقتصادي دول الخليج أنجزت أهم الخطوات لبلوغ الاتحاد النقدي، من أنظمة مشتركة ومنطقة تجارة حرة، واتحاد جمركي، وغيره. يبقي تقليص التباين الاقتصادي، فلكما ازداد التقارب الاقتصادي كلما سهل تطبيق العملة الموحدة على ارض الواقع.