يرى محللون أن السعودية، بإنشائها أكبر صندوق سيادي في العالم، ستصبح لاعبًا أساسيًا في أسواق المال الدولية، ولو أن أهداف مثل هذه الخطوة لا تزال غامضة.

باريس: لم ترد في الوقت الحاضر تفاصيل كثيرة حول هذا الصندوق، اذ لم تكشف السعودية بعد اي عناصر حول استراتيجيتها الاستثمارية. لكن من المؤكد ان هذا الصندوق السيادي، البالغة قيمته الفي مليار دولار، سيكون الاكبر في العالم، بفارق كبير عن صندوق النروج، البالغ حوالى 800 مليار يورو، او صناديق دول الخليج او آسيا.

وقع عالمي
يقول الخبير الاقتصادي لدى مصرف "ساكسو بنك" كريستوفر ديمبيك "من الواضح ان هذا سيغير الوضع بشكل جلي، اذ يستعد هذا الصندوق لاتخاذ المنحى نفسه لصندوقي قطر والنروج، وهما صندوقان سياديان يعملان بشكل جيد جدا". وكشف تراجع اسعار النفط منذ اشهر مدى اعتماد البلاد على هذا المورد، واظهر ضرورة الاعداد لمستقبل المملكة.

يقول الخبير الاقتصادي في شركة "اوريل بي جي سي" جان لوي مورييه انه، كما في غالبية الحالات المماثلة، "تقضي الفكرة بانشاء صندوق لتمويل تنويع موارد الاقتصاد". هذا ما سيكون له وقع على الاسواق العالمية، ولو انه من الصعب تقدير حجم هذا التاثير في الوقت الحاضر. ولفت مورييه الى ان "السعودية ستستخدم على الارجح بصورة جزئية اموالا ناتجة من العائدات النفطية المتوافرة اساسًا، ما سيحدّ من الاستثمارات الجديدة".

وبحسب تصنيف "معهد صندوق الثروة السيادي" بتاريخ حزيران/يونيو 2015، فان الصندوق السعودي كان في حينه الرابع في العالم، وكان يقارب 700 مليار دولار. وكان مصنفا بعد الصندوق النروجي (الاول) وصندوق الامارات العربية المتحدة (الثاني) واحد الصناديق الصينية (الثالث).

اموال منقولة وغير منقولة
الا ان السعودية حذرت بان الاصول ستاتي بصورة خاصة من طرح اقل من خمسة بالمئة من شركة "ارامكو" النفطية العملاقة للاكتتاب العام، ما يمكن ان يدخل الى الصندوق اموالا جديدة تقدر بعشرات او مئات مليارات الدولارات.

ويقول ديمبيك "في مرحلة اولى، لا يتوقع ان تكون البلاد انتقائية جدا، ويفترض ان تتجه صوب الاصول التقليدية، قبل ان تقدم على مزيد من المجازفة بالاتجاه مثلا الى التكنولوجيا الحديثة". بالتالي، فان السعودية قد تستمر في انفاق المليارات لاعادة شراء اسهم وسندات وعقارات، او تساهم بقسم ضئيل من راسمال شركات اجنبية.

لا تزال طريقة استثمار السعودية حاليا لاحتياطاتها الهائلة من العملات الاجنبية غير واضحة، ويرجح ان الجزء الاكبر منها سيولة بالدولار، اضافة الى سندات خزينة سيادية او اسهم في شركات. ويقول مورييه "لا بد انهم استثمروا ايضا في الاسواق الاوروبية وفي بعض الاقتصاديات الناشئة".

ويشير ديمبيك الى ان الصندوق الجديد سيعطي الافضلية "للاستثمارات الآمنة، مثل سندات الخزينة الاميركية او العقارات، الامر السائد في عدد من الدول الاوروبية". في المقابل، لا تبدو السعودية راغبة في الاستثمار في الصناعات الغربية الناجحة والمعروفة، بالنظر الى الحساسيات السياسية وحماية المصالح الوطنية.

في الداخل أساسًا
لكن مساهمة، ولو صغيرة، في مثل هذه الصناعات من شأنها ان تكسبها نفوذا، كما مثلا بالنسبة الى صندوق قطر السيادي، الذي تبلغ قيمته 250 مليار دولار، والذي يساهم في شركة فولكسفاغن الالمانية ومحال هارودز البريطانية. ويساهم الصندوق النروجي بكثرة في الاسهم الاوروبية، ملتزما بمبادئ تحظر عليه مثلا شراء اسهم في شركات تبغ.

لكن بغضّ النظر عن هذه الاستثمارات، فإن رغبة السعودية في لتفكير في مرحلة ما بعد النفط، لا يمكن ان تتحقق الا باستثمارات على ارضها. ويقول مورييه "لدى السعودية الوقت الكافي لبناء اقتصاد بديل، لكنها ادركت حجم تعويلها على البترول، واهمية ان تبدأ بالتخلص من هذا في وقت مبكر". ويمكن للسعودية ان تتجه الى الاستثمار في السياحة او في الطاقات المتجددة وخصوصا الطاقة الشمسية.