بغداد: يتوقع عسكريون عراقيون ان يؤدي الحصار المطبق المفروض على مدينة الفلوجة الى منع مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية من الفرار منها، ما سيدفعهم الى القتال حتى آخر جندي والى اطالة امد المواجهة.

وفي المعارك السابقة التي ادت الى تحرير مدن من ايدي التنظيم، مثل تكريت والرمادي، كان المسلحون ينسحبون الى مناطق اخرى، تاركين وراءهم العبوات الناسفة وكمائن البيوت المفخخة.

ومع ان معلومات عدة اشارت الى فرار العديد من كبار قادة التنظيم، بينهم اجانب، من الفلوجة قبل الحصار، فان القوات العراقية مع الميليشيات المتعاونة معها تتوقع مواجهة طويلة مع "الجهاديين" المتبقين في المدينة. وتزامنا مع بدء زحف قوات النخبة العراقية باتجاه المدينة لاقتحامها، فرض الالاف من قوات اخرى موالية حصارا خانقا على المدينة من جميع الجهات.

وتمكنت قوات الحشد الشعبي من عزل المدينة من جزيرة الخالدية، الواقعة الى الشمال الغربي منها، والتي كان تنظيم الدولة الاسلامية يستخدمها طريقا رئيسا للتنقل بين الفلوجة ومناطق اخرى يسيطر عليها في البلاد.

ويقول محمد سالم احد المسؤولين من قوات الحشد الشعبي (ميليشيات شيعية) وهو يقف في شمال بلدة الصقلاوية، الى الغرب من الفلوجة "هذه المرة ليست مثل المرات السابقة، فنحن اليوم نحاصرهم تمامًا بعدما قطعنا عنهم الامداد".

واضاف ان "هذا الوضع قد يدفعهم الى الصمود اكثر، لان الهروب ليس متاحا امامهم، واينما يتجهون سيجدون قطعات من الجيش او الشرطة او الحشد".

بدوره، يقول سيف سالم (24 عاما) من فرقة الامام علي القتالية الشيعية، وهو ينفض الغبار عن وجهه بعدما وصل للتو عائدا من خطوط المواجهة مع التنظيم، ان "مسلحي داعش محاصرون، ليس لديهم اي مكان يفرون اليه، وليس امامهم سوى الانتحار".

اضاف هذا الشاب القادم من مدينة النجف "معنوياتنا عالية، ومعنوياتهم منهارة، نحن نواجه في هذه الجهة اعدادا قليلة، وهم يختبؤن داخل انفاق، يريدون جرنا الى القتال داخل المدينة حتى يختبئون بين المدنيين".

وتمكنت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة من قتل ابرز قادة التنظيم في محافظة الانبار في قصف جوي في السادس من مايو، وبعدها بايام تمكن طيران التحالف من قتل القائد العسكري للتنظيم في الفلوجة المعروف بماهر البيلاوي.

"الجهاديون خائفون" 
وافاد احد سكان مدينة الفلوجة في اتصال مع وكالة فرانس برس "ان الخوف يسيطر على عناصر تنظيم الدولة الاسلامية، وهم يجمعون الرجال وحتى الفتية من اجل تجنيدهم للدفاع عن المدينة". ويتوقع ديفيد وتي الضابط المتقاعد في القوات الخاصة الاميركية ان يقاتل مسلحو التنظيم "الجهادي" بضراوة في الفلوجة اكانوا محاصرين ام لا.

وقال وتي "قبل اي شيء، هذا المكان يعتبر رمزا للمقاومة السنية منذ عام 2004". واضاف الضابط الذي عمل سابقا مستشارا لدى قوات مكافحة الارهاب العراقية "في حال عدم تمكن تنظيم الدولة الاسلامية من الاحتفاظ بالفلوجة فسيشكل ذلك ضربة معنوية كبيرة له". والحق تنظيم القاعدة في العراق اكبر خسائر بالجيش الاميركي في الفلوجة عام 2004، منذ معارك فيتنام.

وحشد الجيش الاميركي في تلك السنة عشرة الاف جندي من النخبة مزودين بكافة المعدات والتكنلوجيا المتقدمة، وحاربوا ستة اسابيع قبل التمكن من اعادة السيطرة على المدينة. ويقدر عدد عناصر التنظيم في الفلوجة بالف مسلح، ينتشرون داخل شبكة من الانفاق ينتظرون تقدم القوات العراقية بعد ان زرعوا الطرق بالعبوات الناسفة.

وتعرضت مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الانبار حيث تقع الفلوجة، لدى سيطرة القوات العراقية عليها في نهاية العام الماضي، لدمار كبير في بناها التحتية. ولا يعتقد العميد يحيى رسول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة المسؤولة عن المعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية، ان "مقاتلي الدولة الاسلامية قادرون على الصمود لفترة طويلة".

واشار الى ان "هناك ما يقارب من 50 الف مدني لا يزالون داخل المدينة، ما يؤخر العمليات الجارية". واضاف "ان "معنويات مسلحي داعش منهارة، لكن الاولية الواضحة بالنسبة الينا في القوات المسلحة هي حفظ اراوح المدنيين والبنى التحتية للمدينة".