الشارقة: تحت رعاية وحضور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وبمشاركة أكثر من 300 خبير اقتصادي واستثماري، تنطلق اليوم (الأربعاء) وعلى مدار يومين (28-29 سبتمبر) في قاعة الجواهر للمناسبات والمؤتمرات بإمارة الشارقة فعاليات النسخة الثانية لمنتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي 2016.

ويستعرض المنتدى الذي تنظمه هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، بالتعاون مع "فاينانشال تايمز" البريطانية ومجلة الاستثمار الأجنبي المباشر، الجانب التشريعي ودوره المهم في استقطاب الاستثمارات خلال جلسة بعنوان: "الرؤى ووجهات النظر حول آفاق الاستثمار ونمو الأعمال في الشارقة ودولة الإمارات العربية المتحدة"، يشارك فيها كل من خالد عيسى الحريمل، الرئيس التنفيذي لشركة الشارقة للبيئة "بيئة"، وأحمد رمضان، مؤسس شركة "رؤية العالمية، وعبد العزيز أحمد الشامسي، المدير العام لدائرة التسجيل العقاري في الشارقة، ويديرها تيم روغمانز، الأستاذ المساعد بكلية الاقتصاد في جامعة زايد.

وتعتبر التشريعات والقوانين الاقتصادية القادرة على مواكبة التغيرات المتسارعة في عالم اليوم، المحور الرئيس في تعزيز المكانة الاقتصادية لأي مدينة أو دولة حول العالم، كما أنها تمثل عامل الحسم في دعم قرارات المستثمرين بتفضيل منطقة على أخرى لضخ استثماراتهم فيها، نظراً لما توفره التشريعات الصديقة للأعمال من تسهيل لمباشرة المشاريع ومزاولتها واستدامتها، وحمايتها الفاعلة لرأس المال المستثمر.

مروان بن جاسم السركال، المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)

 

وفي دولة الإمارات العربية المتحدة، شهدت المنظومة التشريعية - بتوجيهات من القيادة الرشيدة - نقلات سريعة ومتلاحقة، كانت ترقى دوماً إلى مستوى الحدث بل وتسبقه في أحيان أخرى، لتضمن بذلك أن المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال ومتطلباتهم المتنوعة تقع دائماً على رأس سلم أولويات الحكومة، فأصدرت العديد من القوانين الجديدة، وطورت أخرى قائمة، فيما لا تزال مجموعة من مشاريع القوانين في طور الدراسة أو الاعتماد، وكان من أبرز القوانين الصادرة خلال الأعوام الأخيرة، قانون الشركات التجارية، وقانون المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وقانون الإفلاس التجاري، الذي يعتبر أحدث القوانين صدوراً، فيما يتوقع صدور قانون الاستثمار نهاية العام الجاري، في وقت صدور قانون الصناعة في وقت لاحق.

ولم تكن إمارة الشارقة وشقيقاتها الست بعيدة عن جهود الحكومة الاتحادية، ممثلة بوزارة الاقتصاد، الجهة المنوط بها إصدار التشريعات الاقتصادية المطبقة على مستوى الدولة ككل، فعملت كل إمارة منها على حدة على تطوير منظومتها التشريعية الخاصة بها، لتتكامل مع المنظومة التشريعية الاتحادية، بصورة جعلت من كل إمارة حالة فريدة بذاتها لاستقطاب الاستثمارات، ميزت بمجموعها دولة الإمارات عن غيرها من الدول بامتلاكها مزيجاً من الحوافز المبتكرة التي تلبي احتياجات أكثر المستثمرين تطلباً. 

وقال مروان بن جاسم السركال، المدير التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق): "تتمتع دولة الإمارات ببيئة تشريعية ناضجة قل نظيرها على صعيد المنطقة والعالم، إذ باتت القوانين الاقتصادية والتجارية الأكثر تطوراً التي تبنتها الحكومة على المستوى الاتحادي علامة فارقة في تعزيز مكانة الدولة عالمياً كوجهة استقطاب رئيسة للاستثمار، فوفقاً لتقرير الاستثمار العالمي 2015، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، فإن الإمارات حلت في المرتبة الأولى بين البلدان الأكثر جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2014 في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، وفي المرتبة 22 عالمياً، فيما رفعت المنظمة توقعاتها للدولة بشكل كبير في تقريرها الأخير الصادر قبل 3 أشهر، إلى المرتبة الأولى إقليمياً والمركز الـ16 عالمياً بين أكثر الاقتصادات الواعدة لاستقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة في الفترة من 2016 إلى 2018، ويرجع ذلك بشكل رئيس إلى عملية التطوير المستمرة في المنظومة التشريعية والقانونية في الإمارات بغية جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية".

وأضاف: "نجحت الإمارات العام الماضي وحده في استقطاب ما قيمته 10.98 مليار دولار (40.3 مليار درهم) من التدفقات الاستثمارات الخارجية المباشرة إلى الدولة، وفقاً لبيانات (أونكتاد)، بارتفاع بسيط عما تم تحقيقه في عام 2014، وذلك على الرغم من الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها العالم، وهذا الإنجاز كان من الصعب جداً أن يتحقق لولا توافر مناخ أعمال مشجع، تدعمه حزمة من القوانين الراسخة، ومجموعة كبيرة من الفعاليات والمؤتمرات الاقتصادية الكبرى التي تنظمها مختلف إمارات الدولة بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، في إطار حالة التكامل التي نعيشها واقعاً ملموساً في الدولة، ولعل من أبرزها منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر".

وتابع السركال: "يعتبر تنظيم إمارة الشارقة هذا الحدث الاقتصادي الاستثماري رفيع المستوى، بمشاركة دولية واسعة لأكثر من 300 من صناع القرار والمسؤولين والخبراء الاقتصاديين، دليلاً آخر على تنويع الجهود التي تبذلها الإمارة في سبيل جذب المزيد من الاستثمارات، التي ستجد بلا شك في الإمارة بيئة تشريعية متطورة ومواتية لمباشرتها أعمالها بكل سهولة ويسر".

وأوضح: "من أبرز ما يميز البيئة التشريعية في الشارقة مرونتها واستجابتها السريعة لتوقعات المستثمرين، فهناك العديد من القوانين التي جرى تطويرها لضمان سلاسة الإجراءات وتسهيل وتيرة تأسيس الأعمال والشركات وإتاحة التملك للمستثمر الأجنبي، وقد كان آخر تلك التشريعات، القرار الذي أتاح للأجانب حق الانتفاع من العقارات لمدة 100 عام، والذي فتح الباب واسعا أمام موجة من الاستثمار في القطاع العقاري المحلي، وكان سبباً في إطلاق شركات عقارية في الإمارة مشروعات ضخمة للتملك الحر".

وأفاد المدير التنفيذي لـ(شروق): "سيلقي المنتدى الضوء على هذا التشريع وغيره من التشريعات والقوانين الاتحادية التي صدرت أو ستصدر قريباً، والتي كان وسيكون لها أعظم الأثر في الاقتصاد المحلي، وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، قانون الشركات التجارية، الذي شكل نقلة نوعية للاقتصاد الوطني ورفع قدرته على ضمان التشغيل الأمثل لمختلف عناصر الإنتاج، وأسهم بشكل مباشر في تطوير بيئة الأعمال، عبر تنظيم الشركات طبقاً للمتغيرات العالمية، لاسيما ما يتعلق منها بالحوكمة وحماية حقوق المساهمين والشركاء، ودعم تدفق الاستثمار الأجنبي، وتعزيز المسؤولية المجتمعية للشركات، كما أنه استحدث أنواعاً من الشركات والشراكات التي لم تكن موجودة سابقاً مثل (شركة الشخص الواحد)، و(الشريك الاستراتيجي)، الذي ينتج عن مساهمته في الشركة توفير دعم فني أو تشغيلي أو تسويقي للشركة، إذ أجاز القانون للشركة بموجب قرار خاص أن تزيد رأسمالها بدخول هذا الشريك، وهو ما فتح الباب أمام استقطاب استثمارات نوعية لم تكن موجودة في الماضي".

وأشار السركال إلى أن من القوانين الأخرى التي أحدثت نقلة نوعية في حماية المستثمرين ورؤوس أموالهم، قانون الإفلاس التجاري، الذي اعتمده مجلس الوزراء الموقر في 4 سبتمبر الجاري، والذي تكمن أهميته في حماية الاقتصاد الوطني وتعزيز ثقة المستثمرين وترسيخ جاذبية الدولة للاستثمارات الأجنبية، إذ إنه يمكّن المتعثرين مالياً من إعادة تنظيم شؤونهم المالية والتجارية، لتجاوز مرحلة التعثر المالي وسداد الديون والالتزامات دون أن تتعطل عجلة الإنتاج، وذلك وفق شروط وأسس واضحة وإطار قانوني شفاف ليكون القانون الأول من نوعه في منطقة الوطن العربي".

وذكر أن: "من مشاريع القوانين التي يتم دراستها والنظر فيها حالياً من الجهات التشريعية تمهيداً لاعتمادها قريباً، قانون الاستثمار الأجنبي، الذي سيتغلب على الكثير من التحديات ويفتح المجال أمام المزيد من الفرص ويعزز من مكانة دولة الإمارات باعتبارها مركزاً آمناً للمال والأعمال في المنطقة، وأيضاً مشروع قانون حماية الصناعة الوطنية من الإغراق، الذي يفرض رسوماً جمركية بحق الواردات التي تستهدف إغراق الأسواق المحلية بسلع أرخص مقارنة بنظيرتها المحلية، وبالتالي الإضرار بالصناعة المحلية، كما أنه يوقف الإعفاءات للمنتجات المضرّة بالصناعات المحلية".

وقال السركال: "هذه القوانين والتشريعات، المقرة والتي هي قيد الإقرار، هي ما يجعل من الإمارات عموماً، والشارقة على وجه التحديد، وجهة أولى وتنافسية للغاية على خارطة الاستثمارات الدولية، ونتطلع إلى أن يوصل منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي رسالته بهذا الخصوص إلى جميع المهتمين بالاستثمار معنا وبيننا من مختلف أنحاء العالم.

يشار إلى أن منتدى الشارقة للاستثمار الأجنبي المباشر 2016 يعتبر حدثاً مهماً، يحظى برعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وسيوفر فرصة لا مثيل لها لدراسة آفاق الاستثمار في دولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، والشارقة على وجه التحديد، وكذلك استعراض الفرص المتاحة في مختلف القطاعات الاقتصادية في الإمارة، وذلك بمشاركة واسعة لنخبة من صناع القرار والمسؤولين والخبراء الاقتصاديين.