بحث المنتدى الاقتصادي الإماراتي الليتواني السبل الكفيلة بدفع العلاقات الاقتصادية بين البلدين نحو مرحلة جديدة تحقق مصالح البلدين وتطلعاتهما التنموية، وناقش فرص إطلاق مسارات جديدة من التعاون الاقتصادي.
إيلاف من دبي: انطلق في دبي الأربعاء أعمال المنتدى الاقتصادي الإماراتي الليتواني، بمشاركة داليا غريباوسكايتي، رئيسة جمهورية ليتوانيا، والمهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد الإماراتي.
المنتدى هو الأول من نوعه بين البلدين، تنظمه وزارة الاقتصاد الإماراتية، بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة دبي. حضر المنتدى عدد كبير من المسؤولين وممثلي الشركات ومجتمع الأعمال والاستثمار في البلدين.
إمكانات واعدة
بلغ عدد المشاركين 200 مشارك، إضافة إلى 50 شركة تجارية واستثمارية ليتوانية، بحثوا سبل دفع العلاقات الاقتصادية بين البلدين نحو مرحلة جديدة تحقق مصالح البلدين وتطلعاتهما التنموية، وناقش فرص إطلاق مسارات جديدة من التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية المختلفة.
وركز على وضع خريطة طريق متنوعة المحاور لتحقيق مستويات أعلى من التعاون والتنسيق على المستويين الحكومي والخاص، لاستكشاف الإمكانات الواعدة في البيئة الاقتصادية للبلدين، ووضع أطر فاعلة لبناء شراكات مستدامة بين مجتمع الأعمال الإماراتي ونظيره الليتواني، ولا سيما في القطاعات ذات الاهتمام المشترك، والتي كان من أبرزها الابتكار والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والصناعات النسيجية والغذائية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة المتجددة.
وقعت الإمارات وليتوانيا اتفاقيات في مجال التعاون الاقتصادي، كما التقى الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيسة ليتوانيا والوفد الوزاري المرافق لها.
حضر المسؤولون مراسم التوقيع على اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين بشأن "التعاون الاقتصادي والفني". كما وقعا اتفاقية ثانية في مجال الطاقة المتجددة و"التعاون من أجل الحفاظ على الطاقة".
تنمية القدرات التجارية والاستثمارية
افتتحت غريباوسكايتي أعمال المنتدى بكلمة أكدت فيها تطلع بلادها إلى بناء أواصر تعاون وطيدة مع الإمارات في مجالات ذات اهتمام مشترك.
داليا غريباوسكايتي رئيسة جمهورية ليتوانيا |
وقالت إن علاقات ليتوانيا بالإمارات هي الأكثر ديناميكية على مستوى المنطقة. وأعربت عن رغبة بلادها في الاستفادة من الفرص التي تتيحها المكانة الاقتصادية المهمة للإمارات بوصفها مركزًا تجاريًا وماليًا ولوجستيًا إقليميًا. كما أكدت دعم بلادها جهود التعاون الاقتصادي بين الإمارات ودول البلطيق ودول الاتحاد الأوروبي.
أضافت: "تنظر ليتوانيا إلى فاعليات الزيارة الحالية وتنظيم المنتدى الاقتصادي باعتبارها محطة مفصلية لتطوير العلاقات الاقتصادية القائمة، والربط المثمر بين مجتمعي الأعمال لتعزيز وصولهما إلى الأسواق المحلية والإقليمية للبلدين، وتنمية قدراتهما التجارية والاستثمارية، وينطوي مستقبل العلاقات والتعاون بين البلدين على إمكانات كبيرة للتنمية".
تابعت: "يتلاقى تركيز الرؤية التنموية في دولة الإمارات على القطاعات المرتبطة بالمعرفة والابتكار والتنوع وبناء المستقبل مع حيوية الاقتصاد الليتواني في منطقة البلطيق، والتطور الذي شهدته بلادها في مجالات الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والابتكار، فضلًا عن الاهتمام المتبادل بالتعاون التجاري والاستثماري في مجالات الأمن الغذائي وتصدير الأغذية الحلال، الأمر الذي يوفر أساسًا متينًا لبناء أواصر الشراكة بين البلدين".
شراكة اقتصادية مستدامة
رحّب المنصوري في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية بالرئيسة الليتوانية والوفد المرافق لها، وأكد أن "العلاقات الثنائية المتينة بين الإمارات وليتوانيا والقائمة على الصداقة والاحترام، ووجود رغبة متبادلة من قيادتي البلدين في تطوير أواصر التعاون بينهما، والقواسم المشتركة في خططهما التنموية، توفر أرضية خصبة لبناء شراكة اقتصادية مستدامة، وإطلاق مسيرة تعاون بناءة ومثمرة تلبي مصالح البلدين الصديقين".
المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي |
أوضح المنصوري أن المنتدى فرصة مهمة لبحث سبل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية، "حيث يوفر منصة لاستكشاف وتحديد القطاعات الاستراتيجية والحيوية في اهتمامات البلدين، ومن ثم وضع خريطة طريق واضحة للانتقال إلى مرحلة جديدة ومتميزة من التعاون التجاري والاستثماري خلال المرحلة المقبلة"، مشيرًا إلى أهمية توقيع حكومتي البلدين اتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والفني، وهي خطوة مدرجة على جدول أعمال زيارة الوفد الليتواني، "حيث تمهد الاتفاقية إلى تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة تضع إطارًا مؤسسيًا فاعلًا للانتقال بالتعاون القائم إلى مستويات أكثر زخمًا".
واستعرض المنصوري أبرز الدعائم التي يقوم عليها النموذج الاقتصادي للإمارات واستراتيجيتها الرامية إلى بناء اقتصاد مرحلة ما بعد النفط، "والتي تأتي ترجمة لتوجيهات القيادة الرشيدة، وتنبثق من رؤية الإمارات 2021، وتتمثل محدداتها الرئيسة بتعزيز المرونة والانفتاح والاستدامة، والتركيز على تنمية القطاعات غير النفطية وترسيخ التنوع الاقتصادي، فضلًا عن تطوير الطاقات الوطنية وبناء رأسمال بشري عالي الكفاءة، مع التركيز على تمكين المرأة وتنمية مساهمتها في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية".
أضاف المنصوري: "القطاعات المرتبطة بالمعرفة والابتكار وريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، هي محركات رئيسة للتحول إلى اقتصاد ما بعد النفط"، مشيرًا إلى أن "تلك القطاعات، إضافة إلى المجالات السبعة التي حددتها الاستراتيجية الوطنية للابتكار، وهي الطاقة المتجددة والنقل والتكنولوجيا والصحة والتعليم والمياه والفضاء، تمثل جميعها محاور رئيسة للتعاون المستقبلي بين البلدين".
مكانة اقتصادية مرموقة
سلط المنصوري الضوء على مقومات المكانة الاقتصادية المرموقة للغمارات كثاني أكبر اقتصاد عربي، "ومحور بارز لحركة التجارة والاستثمار إقليميًا وعربيًا، والدولة الأولى عربيًا من حيث حجم تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الصادرة منها والواردة إليها، إذ تتخذ أكثر من 25 في المئة من أكبر 500 شركة في العالم مقار فيها لعملياتها الإقليمية".
وعرض لأبرز المزايا والحوافز التي تتمتع بها البيئة الاقتصادية للدولة: الموقع الجغرافي الاستراتيجي، حيث يمكن الوصول منها إلى أهم الأسواق العالمية في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا في غضون ساعات قليلة، فضلًا عن البنية التحتية المتطورة، والخدمات اللوجستية المتقدمة، وتوافر مصادر الطاقة بأسعار منافسة، ووجود مناطق حرة متقدمة بمعايير عالمية، والسياسات الضريبية والجمركية المحفزة، وتبني أطر تشريعية وتنظيمية صديقة للأعمال التجارية، واستقطاب المواهب والخبرات ذات الكفاءات العالية، في ظل قيادة تتبنى رؤية تنموية حكيمة تحرص على استشراف المستقبل.
ودعا الجانب الليتواني إلى استكشاف الفرص الواسعة التي تتيحها هذه البيئة التجارية والاستثمارية الواعدة، والاستفادة من موقعها ومكانتها بوابةً حيوية بين الشرق والغرب، مؤكدًا اهتمام الدولة ببناء شراكات إيجابية مع ليتوانيا في مجالات الصناعات التحويلية المتنوعة، ولا سيما مواد البناء، والصناعات النسيجية، وقطاع التغليف، إضافة إلى الصناعات والمنتجات الغذائية، ولا سيما منتجات الألبان، فضلًا عن قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والخدمات الهندسية.
قال المنصوري إن إجمالي حجم التجارة الخارجية غير النفطية بين البلدين وصل في عام 2016 إلى 132.1 مليون دولار، مرتفعًا من 73.5 مليون دولار في عام 2015، "وعلى الرغم من هذا النمو الذي يعبّر عن تطور العلاقات التجارية القائمة، فإنه لا يعكس مطلقًا تطلعات البلدين والإمكانات المتاحة في البيئة الاقتصادية لكل منهما، ويستدعي بذل جهود مشتركة لتوسيع نطاق التبادل التجاري والاستثماري ورفع معدلاته".
منصة مثالية
قال ماجد رحمة الشامسي في كلمته الترحيبية إن أهمية تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين الإمارات وليتوانيا وخلق فرص جديدة للتعاون المشترك بين الجانبين، مؤكدًا أن زيارة الرئيسة الليتوانية ومشاركتها في المنتدى تمثلان دليلًا واضحًا على حرص ليتوانيا على تعميق التعاون الاقتصادي مع الإمارات.
ورأى أن المنتدى منصة مثالية لبناء جسور التواصل بين مجتمعي الأعمال في البلدين، "والتعرف إلى المناخ الاستثماري في دولة الإمارات التي تمتلك فرصًا تنموية كبيرة في قطاعات رئيسة، من أبرزها تكنولوجيا المعلومات والأمن الغذائي والطاقة المتجددة"، مشيرًا إلى أن الدولة تعتبر بفضل موقعها الاستراتيجي الحيوي وخدماتها اللوجستية المتطورة منفذًا إلى سوق استهلاكية ضخمة قوامها نحو ملياري نسمة، وقاعدة انطلاق حيوية للشركات الليتوانية الراغبة في الدخول إلى أسواق الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا والقارة الأفريقية، ومؤكدًا التزام غرفة دبي بتوفير التسهيلات كافة التي تساعد المستثمرين الليتوانيين على تعزيز أنشطتهم.
وقعت الإمارات وليتوانيا اتفاقيات في مجال التعاون الاقتصادي |
وقال بوفيلاس غودزيوس، مؤسس جمعية رجال الأعمال الليتوانيين في دبي، إن وجود تنام ملموس في التعاون بين القطاع الخاص الليتواني ونظيره الإماراتي في عدد من المجالات، من أبرزها القطاع المصرفي والخدمات المالية والقطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والاتصالات، وخاصة التكنولوجيا الحيوية التي أحرزت الشركات الليتوانية حضورًا متميزًا فيها، مشيرًا إلى أن الجالية الليتوانية يزداد عددها في دولة الإمارات، ويزداد معها عدد الشركات الليتوانية العاملة في الدولة، ما يفتح آفاقًا أوسع لنمو التجارة والاستثمارات بين البلدين خلال السنوات المقبلة.
الدولة الأولى
تضمن المنتدى جلسة، عرض فيها الجانبان لمجالات التعاون الرئيسة، وأبرز الفرص الاستثمارية المتاحة في البلدين؛ حيث عرض وزير الطاقة الليتواني زيغماس فايسيوناس أهم الفرص التجارية والاستثمارية في المشروعات المتعلقة بقطاع الطاقة والطاقة المتجددة، مؤكدًا أنه يمثل أحد أهم القطاعات التي تحمل إمكانات مستقبلية واعدة لنمو العلاقات بين البلدين.
قدمت هند اليوحة، مديرة إدارة الاستثمار في وزارة الاقتصاد الاماراتية، عرضًا للمزايا والحوافز التي تتمتع بها البيئة الاستثمارية في الإمارات، وأهم القطاعات ذات الأولوية في الأجندة الاقتصادية للدولة، ومؤشرات النمو الاقتصادي والتجاري والاستثماري في الدولة وأهم القوانين والتشريعات الداعمة لنمو الأعمال، ومقومات التنافسية واقتصاد المعرفة.
المنتدى منصة مثالية لبناء جسور التواصل بين مجتمعي الأعمال في البلدين |
كما قدمت داينا كليبوني، مديرة وكالة المشروعات الاقتصادية الليتوانية، عرضًا تقديميًا عرفت من خلاله بمقومات الاقتصاد الليتواني، الذي حقق نموًا بنسبة 2.3 في المئة في عام 2016، ويتوقع أن ينمو بنسبة 2.9 في المئة في عام 2017.
أضافت: "إنها الدولة الأولى في مجالات الابتكار على مستوى منطقة البلطيق، وتمتاز بسهولة ممارسة الأعمال، وخصوصًا الشركات والأعمال الناشئة، والتي تضاعف عددها في ليتوانيا خلال السنوات الخمس الماضية بمعدل خمس مرات، فضلًا عن قطاع البحث العلمي الذي يحظى باهتمام كبير في ظل وجود مراكز بحثية متطورة، وكذلك قطاعات التكنولوجيا والإنترنت والصيرفة الإلكترونية وغيرها".
قدم إبراهيم أهلي، مدير إدارة ترويج الاستثمار في مؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، عرضًا تقديميًا حول المناخ الاقتصادي في إمارة دبي، منوهًا بأهمية موقعها الاستراتيجي، والقطاعات المساهمة في ناتجها المحلي الإجمالي، "وأبرزها التجارة والعقارات والخدمات اللوجستية والنقل والخدمات المالية والتصنيع والضيافة". كما عرض لأهم معالم البنية التحتية المتطورة في الإمارة، ومحددات خطة دبي 2021، وتركيزها على التحول إلى مدينة ذكية، وفاعلياتها الاقتصادية الكبرى ومن أهمها إكسبو 2020، فضلًا عن مميزات قطاع الطيران الرائد عالميًا فيها.
التعليقات