«إيلاف» من لندن: تعقد منظمة «أوبك» اجتماعها المنتظر الخميس 25 مايو، الا أن النتيجة معروفة مسبقًا، وهي انه لا خيار أمام «أوبك» سوى تمديد فترة تخفيض الانتاج والالتزام به لمدة 9 أشهر، حسب التصريحات الصادرة من اعضاء أوبك ومنتجين كبار خارج أوبك مثل روسيا. وتتعهد منظمة «أوبك» بتخفيض 1.2 مليون برميل يوميًا، ودول من خارج أوبك تلتزم بتخفيض 558 الف برميل يومياً. اذا اتفقت اكبر واهم دولتين، وهما السعودية وروسيا، سيكون الاجتماع سهلاً وقصيراً. وارتفعت الأسعار الثلاثاء في خضم التوقعات بأن اوبك ستقوم بتمديد فترة التخفيض وارتفع مزيج برنت من 53.20 دولاراً للبرميل الى 53.94 دولاراً، وهذه اشارة ايجابية الى أن الأسواق تحتاج الى المزيد من التخفيض.

ولا يستبعد الخبراء ظهور مقترحات خلاقة وسيناريوهات غير متوقعة. وهناك حالتان أولهما الاحتمال المستبعد أو السيناريو الكارثي الذي يتمثل بعدم التوصل الى اتفاق واقلاع أوبك عن القرار الجماعي، وهذا سيؤدي الى انهيار الأسعار دون الـ 40 دولاراً للبرميل لمزيج برنت. والسيناريو الآخر هو التمديد لتسعة أشهر والسيناريو الثالث التمديد لستة أشهر، وهذا يعتبر خيبة أمل لأن السوق لا تزال تعاني من تخمة كبيرة وبحاجة الى فترة اطول لتستوعب تلك التخمة.

ومن الجدير التذكير بأن الاتفاق السابق لخفض الانتاج النفطي بمقدار 1.8 مليون برميل يوميًا سينتهي نهاية يونيو المقبل. والاتفاق الذي ابرم في نوفمبر الماضي ساعد في رفع الأسعار من 50 الى 55 دولاراً للبرميل، حيث تأرجحت بين 35 الى 50 دولاراً خلال عام 2016. وشهدت مداخيل "اوبك" خلال عام 2016 أكبر انخفاض منذ 2004 وعندما يجتمع اعضاء أوبك مع ممثلين من دول منتجة خارج المنظومة يبقى الأمل ان الأسعار ستتعافى وتزحف صعودًا الى 60 دولاراً للبرميل. ويحذر بعض المراقبين ان تقوم ايران بالتخريب على أي اتفاق، حيث أعلنت عن خطة لرفع انتاجها بنسبة 8% بحلول مارس 2018، حسب تقديرات صحيفة الغارديان البريطانية.

ومن جهة اخرى، رفعت وكالة الطاقة الدولية تنبؤاتها مرتين هذا العام، بخصوص انتاج الزيت الصخري الأميركي في ولايات تكساس ونيو مكسيكو. كما أن هناك توقعات اميركية ان يرتفع الانتاج الأميركي بمعدل مليون برميل يومياً بحلول ديسمبر اول هذا العام.

وارتفع عدد الحفارات من 404 العام الماضي الى 901 حتى مايو الحالي.

توقعات متفائلة من وزراء البترول

أكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي خالد الفالح يوم أمس، أن تخفيضات إنتاج النفط التي تقودها أوبك ساعدت في تحقيق توازن في السوق، وتدعم تعافيًا لصناعة الخام لكنه ليس تعافيًا كاملاً.

وكان وزير النفط العراقي جبار اللعيبي قد أعلن موافقة بلاده على تمديد خفض إنتاج النفط مدة 9 أشهر، الأمر الذي كانت توافقت عليه منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في نوفمبر.

من جهته، قال وزير النفط الكويتي عصام المرزوق إن منتجي النفط سيبحثون في اجتماعهم الأسبوع الجاري تمديد خفض إمدادات الخام لمدة 6 أو 9 أشهر، موضحًا أنه ليس جميع الدول تقر التمديد لمدة تسعة أشهر.

وأوضح عصام المرزوق، قبل توجهه لفيينا لحضور الاجتماع، الذي سيعقد يوم الخميس، "وافقنا على الستة أشهر، بعض الدول وافقت على ستة أشهر على أن تجري مراجعة في نوفمبر للتمديد ثلاثة أشهر أخرى".

الاعفاءات والاستثناءات

يجب الاشارة الى ان اتفاق خفض الانتاج الأول استثنى عدداً من الدول المنتجة ومنها ايران والعراق ونيجيريا وليبيا، ولأسباب مختلفة.

اعفاء ليبيا ونيجيريا يعود لأسباب تتعلق بغياب الأمن والاستقرار والعراق بسبب انشغاله بحرب ضد داعش، اما ايران تصر على رفع انتاجها الى 4 ملايين برميل يوميًا قبل ان تنظر في موضوع التخفيض. كل ذلك أضعف جبهة التخفيض وأفشل مشروع صعود الأسعار الى 60 دولاراً للبرميل 

في الوقت الذي قلّصت فيه عمليات الإصلاح والاضطرابات إنتاج نيجيريا وليبيا المستثنيتين من اتفاق تخفيض الانتاج. ولكن بالمقابل، زيادة امدادات النفط من أنغولا، وارتفاع إنتاج الإمارات العربية المتحدة عن المستوى المعتقد في البداية، أسهما في انخفاض مستوى الالتزام ببنود اتفاقية تخفيض الانتاج الإجمالي لأعضاء المنظمة إلى 90 في المئة، مقارنة مع 92 في المئة في القراءة المعدلة لشهر مارس، وذلك بحسب مسوح رويترز.

والجدير بالذكر أن اوبك تعهدت بخفض الإنتاج نحو 1.2 مليون برميل يوميًا لستة أشهر من أول يناير في أول خفض للإنتاج منذ 2008. وتخفض الدول غير الأعضاء في المنظمة إنتاجها بنصف ذلك المقدار. الهدف هو استيعاب الانتاج الفائض او التخمة من السوق التي أدت الى انهيار الأسعار من فوق 100 دولار للبرميل اواسط 2014 الى اقل من 52 دولاراً الآن.

 وحسب محللين في وكالة الطاقة الدولية، يبدو ان الالتزام باتفاق التخفيض لا يزال أعلى بكثير من اتفاق التخفيض السابق عام 2009.

ولا تزال السعودية تتحمل العبء الأكبر من تخفيض الانتاج كأكبر منتج للخام في أوبك، حيث بلغ التخفيض السعودي 574 ألف برميل يوميًا، رغم ان التخفيض المطلوب رسميًا لا يزيد عن 486 الف برميل يوميًا.

وأعلنت أوبك أنها تسعى الى انتاج 32.5 مليون برميل يوميًا في اجتماع الثلاثين من نوفمبر، استنادًا إلى تراجع في الانتاج الليبي والنيجيري. وشمل ذلك إندونيسيا التي غادرت المنظمة منذ ذلك الحين.
وتعني التخفيضات الليبية والنيجيرية أن إنتاج المنظمة في أبريل بلغ في المتوسط 31.97 مليون برميل يوميًا، أي بما يتجاوز المستوى المستهدف، والمعدل يعد استثناء الانتاج الاندونيسي البالغ 220 ألف برميل يوميًا.

صعوبات وعراقيل

ارتفاع المخزونات النفطية في الدول الصناعية المتقدمة، وفي هذا السياق قالت وكالة الطاقة الدولية في باريس حسب وكالة رويترز في ابريل الماضي إن الطلب العالمي على النفط يقترب أخيرًا من تجاوز المعروض بعد نحو ثلاث سنوات من فائض الإنتاج رغم نمو التخمة في السوق. وقالت الوكالة إن مخزونات النفط بدول "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" هبطت 17.2 مليون برميل في مارس. وعلى مدى الأشهر الثلاثة الأولى من العام ارتفعت المخزونات 38.5 مليون برميل أو 425 ألف برميل يوميًا بعد زيادة كبيرة في يناير.

وأضافت وكالة الطاقة الدولية أن إجمالي مخزونات دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية انخفض 8.1 ملايين برميل في فبراير إلى 3.055 مليارات برميل في الوقت الذي تجاوز فيه الطلب المعروض بنحو 200 ألف برميل يومياً في الفترة بين يناير ومارس.

لكن المخزونات تظل أعلى من متوسط خمس سنوات بواقع 330 مليون برميل، وهو مؤشر مهم.

والمصدر الثاني للقلق وهو الأهم والأشد خطرًا على "اوبك" هو الانتاج الأميركي المتزايد الذي ارتفع من 8.5 ملايين برميل يومياً عام 2016 الى 9.2 ملايين برميل يوميًا عام 2017 وتتنبأ وكالة الطاقة الدولية ان الانتاج الأميركي للنفط الخام سيرتفع الى 9.7 ملايين برميل عام 2018. 

قبل سنوات، احتاجت صناعة الزيت الصخري الأميركية الى سعر 60 دولاراً وما فوق لتحقق ربحًا، ولكن التقدم التكنولوجي قلل تكلفة الانتاج حيث من الممكن الآن ان يحقق الزيت الصخري بعض الربح، حتى لو كان السعر 40 دولاراً للبرميل، ويتفادى الخسارة اذا هبط السعر الى 35 دولاراً للبرميل.

وأخيرًا الموقف الايراني واصرار ايران على التمسك بسياسة رفع الانتاج ورفض المشاركة في أي اتفاق لتخفيض الانتاج.