«إيلاف» من بيروت: تفاعلت خلال الأيام الأخيرة في لبنان قضية فرض الادارة الاميركية عقوبات جديدة على حزب الله وقياداته، وما أثير عن لائحة مستحدثة قد تطال أسماء كباراً في الدولة اللبنانية، مقربين من الحزب أو متحالفين معه. 

أقل قسوة

يؤكد النائب محمد قباني لـ «إيلاف» أن السلطات الأميركية لم تنص أي مسودة في هذا الإطار، وبالتالي لا قرارات تعرقل نشاط القطاع المصرفي حتى الآن.

ويبين قباني، الذي كان في عداد الوفد النيابي والمصرفي الذي زار واشنطن، أن التسريبات بوجود مسودة عقوبات أميركية على سياسيين ومسؤولين لبنانيين غير دقيقة، «لا نص مكتوبًا، بل نقاش أو نقاط أتت من السيناتور مارك روبيو، ومن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس تشرمن إد رويس». 

وقد أبلغ الوفد الزائر الأميركيين أن «المصارف اللبنانية تتقيد بالاجراءات المطلوبة في التشريع الذي صدر قبل سنتين، ولا ضرورة لتشريع جديد»، متوقعاً أن يكون الجديد الذي سيصدر «أقل قسوة مما يُسرب».

عقوبات أميركية جديدة على حزب الله

 

تجنب الهزات 

بدوره، نفى النائب عن التيار الوطني الحر آلان عون لـ«إيلاف» صحة ما يتم تداوله من أن العقوبات الجديدة ستطال الرئيس اللبناني ميشال عون أو مسؤولين في دائرة التحالف مع حزب الله، لافتاً إلى وجود «حديث جديّ في بعض الأوساط الاميركية عن قانون جديد للعقوبات، لكن هذا ليس غريبًا لأن هناك قانونًا موجوداً اصلًا، والمطروح هو صيغة جديدة تتطرق إلى الآلية أكثر مما تتطرق إلى الأسماء تحديدًا». وأكد عون أن الموضوع ليس ذات طابع سياسي وليس استهدافاً لأحد على علاقة بحزب الله أو متحالف معه، بل له علاقة بتقنيات التمويل فحسب، والقانون جزء من السياسة الاميركية التي من الواضح اليوم انها تستهدف حزب الله في مكان ما، ويعبر عن هذا الامر في السياسة والمال، وأي طريقة أخرى، وليست للبنانيين علاقة بها».

الوضع سيكون صعبًا

سبق لحزب الله أن أكد على لسان أمينه العام حسن نصرالله أنه لا يملك حسابات مالية في المصارف اللبنانية، وأن عملياته النقدية تجري خارج المنظومة المالية اللبنانية، وبالتالي لن تؤثر فيه العقوبات، وهو يمتنع عن التعليق. هذا ما قاله نائب الحزب علي فياض لـ"إيلاف". إلا أن رفيق نصرالله، مدير المركز الدولي للاعلام والدراسات، المقرب من الحزب، فقد أكد لـ "إيلاف" أنه امام التطورات التي ظهرت على هذا الصعيد منذ أشهر، "ثمة مخاوف من أن تعمد الادارة الاميركية إلى فرض مثل هذه العقوبات التي قد لا تصل ربما إلى تسمية أشخاص ضمن مروحة كبيرة، لكن أتصور أن هناك نوعًا من التصعيد ربما يصل إلى حد فرض اجراءات على بعض المصارف اللبنانية في سياق التضييق على حزب الله وبعض الشخصيات القريبة منه أو التي هي ضمن تحالفاته السياسية وغير السياسية على المستوى العام".

قال نصرالله: "إذا أردنا تقويم هذا الأمر، فسنكون أمام وضع صعب جدًا، إذا ذهبت الولايات المتحدة الاميركية فعلاً إلى مثل هذا الخيار، فسيترك ذلك آثارًا سلبية، ليس في حزب الله وحده، بل في القطاعين الاقتصادي والمالي في لبنان. فمصارف لبنانية كثيرة ستتأثر لاعتبارات عديدة".

وشكك نصرالله في أن تطال العقوبات رئيس الجمهورية، أو رئيس مجلس النواب نبيه بري، "لأن ذلك تجاوز لكل الخطوط الحمراء، لكن قد يكون هناك نوع من الملامسة بإجراءات تقترب من الرجلين أو من اشخاص يتحالفون سياسيًا مع حزب الله، وبتصوري هناك خطوات ستتخذ فعلاً، خصوصًا بعد قمة الرياض، وهناك مشروع معد في واشنطن لهذا الغرض، وعلى الرغم من ذهاب الوفد اللبناني إلى الولايات المتحدة، لا توجد لدينا ضمانة بأن الادارة الاميركية ستجمد مثل هذه الاجراءات، وفي الوقت نفسه لا نستطيع أن نذهب بعيدًا بالقول إن ثمة عقوبات قاسية ستفرض على لبنان، فالولايات المتحدة تعرف أن هذا الامر سيؤدي إلى انهيار اقتصادي - مالي وربما أمني، وهذا ليس مطروحًا في هذه المرحلة".

يرى نصرالله أن الضمانات التي عاد بها الوفد النيابي اللبناني من واشنطن نسبية، إذ لا يمكن التعويل على السياسة الاميركية في هذه المرحلة تحديدًا، "فهناك حرب أميركية عربية قائمة الآن على حزب الله، وواضح أن ثمة خطوات ستتخذ خلال الاشهر الثلاثة المقبلة، لذلك هذه الضمانات نسبية غير كاملة، وربما لا نرى عقوبات تذهب إلى نهايات قاسية، لكنها لن تلغى". 

حزب الله لا يعلق على العقوبات الأميركية الجديدة بحقه

 

كان الحوار إيجابيًا

أما رأي القطاع المصرفي في هذا الموضوع، فعبّر عنه جوزيف طربيه، رئيس جمعية المصارف في لبنان، الذي أكد لـ«إيلاف» أنه لا يمكن فرض عقوبات على رموز السلطة العليا في لبنان، كما لا يمكن القطاع المصرفي أو الجيش اللبناني أن يكون في حماية سلطة معرضة للعقوبات، «وموضوع هز السلطة هو هز للبنان بكامله، مع الاشارة إلى أن الحكم في لبنان توافقي ومقبول من جميع الفئات، وحوار الوفد النيابي اللبناني ووفد جمعية مصارف لبنان مع كبار المسؤولين في الادارة الاميركية والكونغرس ومجلس الشيوخ كان إيجابيًا ومسؤولًا، ويجب عدم التوقف عند التسريبات التي لا مصدر لها، لكن لا يعني هذا أن لنا تأثيرًا في الولايات المتحدة كي لا تشدد العقوبات على حزب الله أو غيره من الجهات التي هي في صدام معها، إنما وبحكم السياسات العليا المعلنة في اميركا، وهي الحفاظ على القطاع المصرفي اللبناني ودعم الجيش اللبناني، لدينا تأكيدات أن الأميركيين سيأخذون بملاحظاتنا لتجنب ما يؤذي لبنان ومصارفه، طالما نحن نتبع قواعد الالتزام التي يسير عليها قطاعنا المصرفي، وبالتالي موضوع أذية لبنان كدولة ليس مقصودًا بالمطلق».

أضاف طربيه: «نقف في الواقع امام ورقة عمل لم تناقش بعد، لا في مجلس النواب الاميركي ولجانه المختصة، ولا في مجلس الشيوخ، ومداخلاتنا نحن اللبنانيين إن على مستوى الوفد النيابي أو كقطاع مصرفي هي مداخلات استباقية لإظهار مضار هذه الورقة على القطاع المصرفي، ونحن اوضحنا للأميركيين الأمور التي من شأنها أن تؤذي لبنان مع رأينا المسبق أن القوانين الحالية تتيح اتخاذ كل العقوبات، فلماذا اصدار تشريعات جديدة؟».

قرار سياسي

وفي الإطار نفسه، أعرب غازي وزنة، الخبير الاقتصادي اللبناني، لـ "إيلاف"، عن خشيته من أن تأتي العقوبات الجديدة أكثر تشددًا وشمولاً من عقوبات عام 2016، إن لجهة الأشخاص أو القوى السياسية التي ستطالها، "وهي بذلك سوف تقيد العلاقات بين المصارف اللبنانية والمصارف المراسلة في الخارج، ولا سيما في نيويورك، كما أن تكلفة المعاملات المصرفية ستزداد على المصارف اللبنانية، وستضاف تكلفة الامتثال للعقوبات، فضلًا عن أن نشاط القطاع المصرفي سيتأثر سلبًا بنسبة كبيرة لناحية التحويلات والودائع القادمة والقروض ومسألة التشدد في عمليات تبادل المعاملات التجارية".

واذ رأى وزنة أن القطاع المصرفي اللبناني ملزم، وليس مخيرًا، بأن يتقيد بالعقوبات الاميركية، خصوصًا إذا كان يريد أن يستمر في المنظومة المالية العالمية، لأن اقتصاد لبنان في نهاية المطاف هو اقتصاد مدولر، "فالمطلوب اليوم أن يتحرك المسؤولون اللبنانيون، ولا سيما على صعيد السلطة التنفيذية التي يجب أن تعمل بالتوازي مع السلطة التشريعية ومع السلطات النقدية (في اشارة إلى تحرك الوفدين النيابي والمصرفي في واشنطن أخيرًا)، لأن التشريع يصدر عن الكونغرس وتنفذه الخزانة الاميركية ووزارة الخارجية، فقرار العقوبات الاميركي هدفه المعلن مكافحة الارهاب وتبييض الأموال وباطنه غير ذلك، فظاهره مالي، وبعده سياسي بامتياز".