وافق البرلمان المصري على مشروع قانون تقدمت به الحكومة لعلاوة خاصة وعلاوة استثنائية للموطفين والعاملين بالقطاع الحكومي بنسب تترواح بين 15 و20 في المئة.

القانون الذي ينتظر تصديق رئيس الدولة ليصبح نافذا يمنح العاملين بالدولة زيادة 7 في المئة تضاف إلى الراتب الأساسي، إضافة إلى مبلغ يترواح بين 180 و200 جنيه (10-11.17 دولار تقريبا) كعلاوة استثنائية مقطوعة لمرة واحدة.

كما منح القانون زيادة بنسبة 15 في المئة على رواتب أصحاب المعاشات، يبدأ العمل بها بداية من يوليو/ تموز المقبل.

ويستفيد من هذه العلاوات نحو ستة ملايين موظف، هم قوام العاملين في القطاع الحكومي في مصر، وتسعة ملايين ممن يتقاضون معاشات اجتماعية ومعاشات بعد التقاعد.

وتأتي الزيادات قبيل الرفع المتوقع لشريحة من الدعم الحكومي على المحروقات، وهي الشريحة الرابعة. ويتوقع خبراء بمجال الاقتصاد أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع في نسب التضخم.

تضخم "غير واقعي"

ويقول مصباح قطب رئيس القسم الاقتصادي بجريدة "المصري اليوم" إن هذه العلاوات قد تحد من التأثير السلبي لتحريك سعر الوقود والارتفاع المتوقع للأسعار، وتخفف قليلا من صدمة ارتفاع الأسعار، ولكن هذا في حال تمكنت العلاوات من معادلة الزيادة المتوقعة في أسعار المحروقات.

وأشار قطب إلى أن النسبة المعلنة حتى الآن من الحكومة للشريحة المتوقع رفعها من الدعم على الوقود هي 46 في المئة. غير أنه توقع أن يخفض صانع القرار المصري من هذه النسبة.

وعن الآثار المتوقعة يقول قطب إن التوقعات تشير إلى أنه لن يكون هناك تأثيرات حادة على الأسعار أو التضخم، والذي قد يصل بعد زيادة أسعار الوقود إلى 16في المئة، ارتفاعا من 12.8 في المئة حاليا.

لكن الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق يرى أن التضخم قد يصل إلى 20 في المئة أو أكثر، معتبرا أن "الزيادات البسيطة في دخول المواطنين، خاصة العاملين منهم في الدولة، لن تسد فجوة الأسعار التي سترتفع نتيجة لرفع أسعار الوقود، وهو ما قد يؤدي إلى تدهور المستوى المعيشي لكثير من المواطنين".

ويقول فاروق إن حسابات التضخم، التي تعتمد على 13 مجموعة مختلفة من العوامل، يجب أن تعتمد على المجموعات التي تهم الشرائح المجتمعية الدنيا، مثل مجموعة الطعام والشراب، التي تؤثر في تلك الطبقة تأثيرا حقيقيا، وبالتالي يصبح لها وزن نسبي أكبر داخل حساب متوسط التضخم، وهو ما لايحدث الآن.

بالتالي، فإن معدلات التضخم المعلنة غير واقعية، على حد قول الخبير الاقتصادي.

هل كان لأحداث الأردن تأثير؟

متظاهرون في الأردن
AFP
يقول المتظاهرون في الأردن إنهم سيواصلون الاحتجاج حتى يتم التراجع بصورة كاملة عن إجراءات التقشف

يرى بعض خبراء الاقتصاد أن القرار المصري تأثر بالأحداث في الأردن، حيث أدت احتجاجات شعبية ضد إجراءات اقتصادية مقترحة إلى استقالة الحكومة.

لكن آخرين يخالفون هذه الرؤية. ومنهم الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق الذي يرى أن القرار لن يتم التراجع عنه، وأن ما حدث في الأردن لن يؤثر كثيرا في متخذ القرار المصري.

ويقول فاروق إن "هناك اندفاعا غير محسوب في تطبيق القرارات الاقتصادية في مصر"، مضيفا أنه "ربما يكون هناك تخفيض في شريحة الدعم التي سيتم رفعها، أو أن تقسم على شريحتين مثلا لكن دون تراجع عن القرارات".

ويضيف فاروق أن معدلات النمو في مصر لم تكن، في رأيه، تتعدى ثلاثة في المئة على الأكثر، خاصة وأن كمية الإنتاج يتم تقييمها بأسعار أعلى من سعرها الحقيقي.

وكانت البلاد قد دخلت في موجة تضخم عنيفة، وصلت إلى 33 في المئة، بعد تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وبدء التطبيق الفعلي لخطة رفع الدعم عن سلع وخدمات تحتكرها الحكومة.

شرائح الدعم

مصري أمام مكتب صرافة بالقاهرة
Reuters
مصري أمام مكتب صرافة بالقاهرة

الشريحة الأولى من الدعم على المحروقات تم رفعها في يوليو/ تموز 2014 بنسب وصلت إلى 78 في المئة. أما الثانية فكانت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 بنسب تراوحت بين 30 و47 في المئة. ثم رفعت الحكومة الشريحة الثالثة من الدعم عن المحروقات في يوليو 2017 بنسب وصلت في بعض المنتجات إلى مئة في المئة.

ويرى خبراء الاقتصاد أن رفع أسعار الوقود له الوزن النسبي الأكبر في ارتفاع الأسعار بشكل عام.

كما رفعت الحكومة المصرية شرائح من الدعم على الكهرباء بنسب وصلت إلى 42 في المئة في العام الماضي وعن مياه الشرب بنسبة 46 في المئة في يوينو/ حزيران الحالي إضافة إلى زيادة سابقة في أغسطس/ آب 2017 وصلت إلى 50 في المئة.

وتحتاج الحكومة المصرية إلى 60 مليار جنيه (نحو 3.5 مليار دولار) لتمويل العلاوات المتوقع أن تصرف لموظفي الدولة بحلول أول يوليو.

وكانت البلاد قد اعتمدت خطة للإصلاح الاقتصادي في نوفمبر 2016، بتحرير سعر الصرف وتطبيق خطة رفع الدعم على مدى خمس سنوات، أعقبها إجراءات للحد من الاستيراد غير المرشد وتطبيق برنامج لحماية الفئات الأقل دخلا.

وقد اتخذ البنك المركزي قرارات برفع سعر الفائدة، والتي وصلت إلى 17 في المئة، للتحكم في موجة التضخم الناتجة عن تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، واحتواء الموجات التضخمية عقب رفع شرائح الدعم.

وحصلت مصر على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات، بعد البدء في تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي.