قال كبير المفاوضين الصينيّين ليو هي الجمعة إنّ المحادثات التجارية مع الولايات المتحدة ستستمرّ في بكين، وذلك عقب يومين من المفاوضات ورفع الرسوم الجمركية الأميركية على واردات صينية.

إيلاف: أوضح ليو لوسائل إعلام صينية أن "المفاوضات لم تخفق، بل على العكس، هذا مجرد تطور طبيعي في المفاوضات بين البلدين". أضاف "لقد اتفق الجانبان على أنهما سيجتمعان مرة أخرى في بكين في المستقبل، وعلى مواصلة دفع المفاوضات قدمًا".&

وعلى الرّغم من أنّ ليو اعتبر أنّ المحادثات التي جرت في الولايات المتحدة على مدى يومين كانت "مثمرة"، إلا أنّه قال إنّ الخلافات لا تزال قائمة.

لا تنازلات على حساب المبادئ
أوضح أن "هناك إجماعًا في كثير من المجالات. لكن فلنتحدّث بصراحة، هناك مجالات نختلف فيها، ونعتقد أنّ هذا يتعلّق بمبادئ كبيرة". تابع "كلّ دولة لديها مبادئ مهمّة، ولن نُقدّم تنازلاتٍ في المسائل المرتبطة بالمبادئ".&

وتضغط الولايات المتحدة على الصين لكي تُغيّر سياساتها المتعلّقة بحماية الملكيّة الفكريّة ومبالغ الدّعم الهائلة المقدّمة إلى شركاتٍ مملوكة من الحكومة، وخفض العجز الكبير في الميزان التجاري.

3 نقاط خلافية
هذا وأكدت بكين أن ثلاث نقاط ما زالت تثير خلافات بين الصين والولايات المتحدة في المفاوضات التجارية التي تجري في واشنطن، لكن البلدين سيواصلان محادثاتهما على الرغم من ذلك.

ردًا على سؤال لوسائل الإعلام الصينية، بعد يومين من المفاوضات في الولايات المتحدة، تحدث كبير المفاوضين الصينيين ليو هي عن "ثلاث نقاط خلافية" ما زالت قائمة بين الطرفين.

واختتم المفاوضون الصينيون والأميركيون الجمعة في واشنطن جولة جديدة من المحادثات لمحاولة التوصل إلى اتفاق، في أوج حرب تجارية بينهما، تمثلت في تبادل فرض رسوم جمركية على صادراتهما. قال ليو "إذا توصلنا إلى اتفاق، فيجب سحب الرسوم الجمركية العقابية". أضاف "هذه هي النقطة الأولى".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمر الجمعة بزيادة الرسوم الجمركيّة على كل الواردات الصينيّة تقريبًا، وذلك بعد أقلّ من 24 ساعة من رفع واشنطن التعرفة الجمركيّة على سلع صينيّة بقيمة 200 مليار دولار. ويفترض أن تبدأ الإجراءات الإثنين، لكنها لن تدخل حيّز التنفيذ قبل أشهر.

هدنة&
حاليًا تخضع بضائع بقيمة أكثر من 250 مليار دولار من الواردات الصينية لرسوم جمركية عقابية. وهذه الرسوم رفعت الجمعة من 10 بالمئة إلى 25 بالمئة لمئتي مليار دولار من هذه البضائع.

وأعلن ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ في ديسمبر الماضي عن هدنة في نزاعهما التجاري في ختام قمة مجموعة العشرين في بوينوس آيرس. وتعهدت بكين خصوصًا بشراء مزيد من المنتجات الأميركية، بدون تحديد قيمتها أو حجمها، لخفض الخلل الهائل في الميزان التجاري بين البلدين.

تساءل ليو هي أمام الصحافيين: "في نهاية الأمر، ما هو الرقم؟"، معترفًا بأنه خلاف آخر بين البلدين "لا يمكن تغييره بسرعة".
أما نقطة الخلاف الثالثة فهي النص النهائي لاتفاق محتمل. وقال ليو "يجب أن يكون متوازنًا".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة بزيادة الرسوم الجمركيّة على الواردات الصينيّة بكاملها تقريبا، مبقيا بذلك أقصى حد من الضغوط على بكين التي أكدت مع ذلك أن المفاوضات التجارية ستتواصل.

ومنذ بداية الأسبوع عبّر ترمب عن مواقف تتأرجح بين مؤشرات التهدئة والتهديدات حيال الدولة الآسيوية العملاقة. وهذا الوضع لم يتغير الجمعة في ختام جولة من المفاوضات في واشنطن. فبعدما أكد أن المفاوضات المتعلقة بالتجارة مع الصين كانت "صريحة" و"بناءة"، أمر الرئيس الأميركي بتنفيذ التهديد الذي يكرره منذ أشهر.

وقال الممثّل الأميركي للتجارة روبرت لايتهايزر في بيان إن "الرئيس طلب منا أيضا أن نُطلق آلية لرفع الرسوم على كل الواردات المتبقيّة من الصين تقريبا والتي تُقَدّر قيمتها بنحو 300 مليار دولار". ويفترض أن تبدأ هذه الآلية الإثنين.

حاليا تخضع بضائع بقيمة أكثر من 250 مليار دولار من الواردات الصينية لرسوم جمركية عقابية. وهذه الرسوم رفعت الجمعة من 10 بالمئة إلى 25 بالمئة لمئتي مليار دولار من هذه البضائع.

أشهر عدة
يفترض أن تبدأ آلية فرض الرسم على بضائع بقيمة 300 مليار دولار، ببلاغ عام. كما إن قرار إطلاقها أو عدم إطلاقها يجب أن تسبقه فترة مشاورات.

لذلك لن تدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ قبل أشهر. وهذا ما يجعل إعلان ترمب أقرب إلى طريقة لتضييق الخناق، لكنه يمكن أن يؤثر على نتيجة المفاوضات. وحول هذه النقطة بقي ترامب غامضًا الجمعة، مؤكدًا أن المفاوضات ستتواصل، لكن في موعد لم يحدد.

شكك ترمب في مصير الرسوم الجمركية الإضافية التي قرر فرضها الجمعة. وقال "يمكن أن ترفع أو لا ترفع" تبعا لتقدم "المفاوضات المقبلة". وأكد الرئيس الأميركي أن علاقته مع الرئيس الصيني شي جينبينغ "تبقى قوية جدا"، لكنه لم يوضح ما إذا كان قد تحادث معه.

قبيل ذلك، ذكرت وكالة الأنباء المالية بلومبرغ نقلا عن مصدرين قريبين من الملف أن واشنطن أمهلت بكين ثلاثة أو أربعة أسابيع وإلا ستزيد الرسوم الجمركية على كل واردات الصين التي بلغت قيمتها 539,8 مليار دولار في 2018.

وكانت جولة المفاوضات قصيرة. وغادر نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي الذي يقود وفد بكين، مكان الاجتماع بعد ساعتين فقط من دخوله إليه. وقد خرج بعدما صافح الممثل الأميركي للتجارة ووزير الخزانة ستيفن منوتشين وهو يحيي الصحافيين، وغادر المكان مبتسمًا بدون الإدلاء بأي تعليق.

وكان ترمب أكد أنه "لا حاجة إلى التسرع". وأشاد بالإجراءات الحمائية الأميركية مؤكدا أن "الرسوم الجمركية ستجلب موارد لبلدنا أكثر من اتفاق تقليدي ولو كان استثنائيا".

إجراءات انتقامية صينية&
تشمل زيادة الرسوم الجمركية الإضافية التي ستطبق اعتبارا من الجمعة مجموعة كبيرة من السلع من أجهزة التلفزيون إلى المفروشات والسيارات وغيرها. وحذرت وزارة التجارة الصينية على الفور من أنه "لن يكون لديها خيار آخر سوى اتخاذ الإجراءات الانتقامية اللازمة".

ورأى غريغوري داكو الخبير الاقتصادي في مجموعة "أوكسفورد إيكونوميكس" مكررا رأي العديد من خبراء الاقتصاد، أنه "في حرب تجارية، ليس هناك سوى خاسرين". ويؤكد صندوق النقد الدولي منذ أشهر أن كل الاقتصاد العالمي سيشعر بارتداد صدمة نزاع طويل.

لكن إدارة ترمب لم تكترث بالتحذيرات ومصممة على إعادة تأسيس العلاقة التجارية بين البلدين اللذين يتنازعان الهيمنة على تقنيات المستقبل. وهي تطالب بخفض العجز التجاري الأميركي الهائل مع بكين (بلغ 378,73 مليار دولار في 2018) و"بتغييرات بنيوية" مثل الكف عن النقل القسري للتكنولوجيا وحماية الملكية الفكرية الأميركية ووقف الدعم المالي الحكومي لشركات عامة. ويمكن أن يثير إعلان الممثل الأميركي للتجارة استياء المزارعين الذين أضرت بهم حرب الرسوم الجمركية. كما يتوقع أن تتلقاه أسواق المال بفتور الإثنين. وأكد الناطق باسم وزارة التجارة الصينية غاو فينغ في بكين أن "الصين لن تستلم أبدا أمام الضغط".