باريس: يجد منظمو المعارض الدولية أنفسهم أمام خيارات متنوعة منها الإبقاء عليها أو تأجيلها أو إلغائها مع انسحاب مشاركين كثر منها بسبب فيروس كورونا المستجد، ما قد يؤدّي إلى الإضرار بهذا القطاع المزدهر.

فقد أعلن معرض "موبايل وورد كونغرس" الرئيسي في برشلونة إلغاء دورته للعام 2020 بسبب تفشي الفيروس.

ويعدّ هذا المعرض أحد أضخم المعارض الدولية، ويستقبل سنوياً نحو 110 آلاف شخص و2800 شركة. إلّا أنه أعلن مساء الأربعاء إلغاء دورة العام 2020 بسبب ضعف عدد المشاركين فياه.

وقالت جمعية "جي إس أم آيه" منظّمة المعرض إن "القلق العالمي من وباء كورونا والمخاوف من السفر وغيرها، كلها عوامل تحول دون تنظيم هذا المعرض"، الذي كان من المفترض عقده بين 24 و27 شباط/فبراير.

ففي الأيام القليلة السابقة، أعلنت كلّ من "فيسبوك" و"بي تي" و"سيسكو" و"نوكيا" و"أمازون" و"سوني" إلغاء مشاركتها فيه.

لا شكّ أن إلغاء المعرض يشكّل حدثاً في قطاع يوفر أكثر من 1,3 مليون وظيفة وتبلغ نفقاته المباشرة حوالى 137 مليار يورو وفقاً لمنظّمة "يو إف أي"، التي تجمع منظّمي المعارض العالمية وتنظّم نحو 32 ألف حدث مماثل في العالم سنوياً.

وأشار فابريس دو لافال، المدير القانوني لنقابة العاملين في تنظيم الحفلات والمعارض في فرنسا، إلى أن "الأولوية في الوقت الحالي تكمن في السعي لطمأنة أصحاب المصلحة. وفي حال تدهور الوضع نتيجة اكتشاف أي إصابة في أحد المعارض فسننتقل إلى وضعية الأزمة عبر اتخاذ تدابير وقائية معزّزة، مثل الحدّ من دخول المعرض".

إلى ذلك، تتركّز غالبية المعارض التي ألغيت في الأسابيع الماضية بسبب فيروس المُستجد في آسيا، ومن ضمنها معرض الفنون المعاصرة "آرت بازل" الذي كان من المفترض تنظيمه في نهاية آذار/مارس في هونغ كونغ، ومؤتمر ومعرض الطيران التجاري في آسيا الذي كان متوقّعاً في نهاية نيسان/أبريل في شنغهاي.

أمّا في أوروبا فقد أتت القرارات أقل حدّة، حتى الآن، على الرغم من إلغاء معرض للساعات في زيوريخ وتأجيل منتدى للاستثمار في سوتشي الروسية.

معضلة

وقال المدير العام لـ"يو إف أي كاي هاتندورف" إن "فيروس كورونا المُستجد يشكّل تحدّياً في الأشهر المقبلة"، مع التشديد على أن قطاع المعارض الدولية "مقاوم وقابل للتكيف".

أما فيليب باسكيه المدير العام لقسم "المعارض" في شركة "جي إل إيفنتس" الفرنسية المتخصّصة فأكد "سيكون هناك تأثير بالتأكيد، ولكنه سيختلف من معرض إلى آخر، ولا يمكن لأحد قياسه في هذه المرحلة".

وأوضح لوكالة فرانس برس أن "وجود الصين في المعارض الدولية اليوم أكثر أهمية بكثير مما كان عليه خلال فترة انتشار فيروس سارس (بين العامين 2002 و2003) لذا سيكون التأثير أكبر بكثير".

في نهاية كانون الثاني/يناير، قرّرت المجموعة الفرنسية هذه المتخصّصة في تنظيم المعارض المهنية والموجودة في أكثر من عشرين بلداً، تأجيل ثلاثة معارض مرتقبة في بكين بطلب من السلطات الصينية.

ويقول باسكيه "في نهاية المطاف، سيعتمد كلّ شيء على مدة انتشار الوباء. لكن حتى الآن، لا نظن أنه سيستمر لوقت طويل، ولكننا سنبقى حذرين".

من وجهة نظر مالية بحتة، إلغاء معرض أو حدث في مطلع العام ممكن بالنسبة للمنظّمين الذين أبرموا عقد تأمين قبل الإعلان عن تفشي الوباء. لكن هذه المسألة قد تستحيل معضلة خلال الأسابيع المقبلة.

وأشار فابريس دو لافال إلى أنه "بعد تأكد وجود خطر، لم يعد ممكناً بالنسبة للمنظّمين والعارضين إبرام عقد تأمين يحمي من الإلغاء". وتابع "يلعب المنظّمون دور قائد الأوركسترا. في حين تؤدّي حالة انعدام اليقين من إضعاف نموذجهم الاقتصادي لا سيّما فيما يتعلّق بالمعارض المقبلة".

ولا يقتصر الخطر على المعارض إذ يمكن القول إن التهديد يطال جميع التجمعات والفعاليات المهنية الدولية.

وحذّر رئيس مجلس إدارة والمدير العام لشركة "كيرينغ" فرنسوا هنري بينو، قبل أيام من انطلاق أسبوع الموضة في باريس وميلانو، من أنه "سيكون لدينا عدد أقل من الأشخاص المشاركين في العروض، ولن يأتي العاملون والمهنيون والمؤثّرون الصينيون في هذا القطاع، وسيتمّ استبدال ذلك بعرض فيديوهات لهم. وهو ما سيؤدّي إلى انخفاض عدد الحضور بنحو 30 % وفقاً لكلّ علامة تجارية".