بيروت: التقى وفد من صندوق النقد الدولي الخميس مسؤولين لبنانيين في أول اجتماع بعد طلب الحكومة من المنظمة الدولية تقديم مساعدة تقنية في مواجهة أسوأ أزمة اقتصادية في البلاد منذ عقود.

ويشهد لبنان منذ أشهر انهياراً اقتصادياً متسارعاً مع شح في السيولة وارتفاع في أسعار المواد الأساسية وفرض المصارف إجراءات مشددة على العمليات النقدية وسحب الدولار. كما تنتظر البلاد استحقاقات مهمة، على رأسها تسديد جزء من الدين العام المتراكم في الشهر المقبل.

وفي محاولة لاحتواء الأزمة، طلبت الحكومة التي تعدّ خطة إنقاذية مساعدة تقنية من صندوق النقد. وأعلن المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء أن رئيس الحكومة حسان دياب وعدداً من الوزراء، بينهم وزير المالية غازي وزني، التقوا بوفد من خبراء صندوق النقد الدولي.

قال وزني بعد اللقاء الذي "خُصّص للتعارف"، إنّ "وفد الصندوق سيتابع عمله حتى الانتهاء من التعاون مع لبنان لاعداد الخطة"، موضحاً "أننا في مرحلة المشورة التقنية، والمساعدات تأتي في المرحلة المقبلة".

من المفترض أن يلتقي وفد الخبراء المؤلف من خمسة أشخاص، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على أن يجتمع مجدداً مع وزير المالية.

تستمر زيارة الوفد حتى يوم الأحد، وفق ما كان أعلن المتحدث باسم صندوق النقد جيري رايس. وأشار إلى أن هدف الزيارة "الاستماع إلى آراء السلطات بشأن الطريقة التي تعتزم اعتمادها لمواجهة الصعوبات الاقتصادية (..) ولتقديم مساعدة تقنية بشأن السياسات الواجب اعتمادها".

يبلغ الدين العام في لبنان نحو 92 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 150 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. ويتزامن الانهيار الاقتصادي مع اقتراب استحقاق سندات اليوروبوندز بقيمة 1,2 مليار دولار، ما يثير جدلاً وسط انقسام حول ضرورة تسديده في موعده في التاسع من مارس المقبل أو التخلّف عنه.

واعتبر رئيس المجلس النواب نبيه بري الأربعاء أن "هيكلة الدين هي الحل الأمثل لاستحقاق اليوروبوندز". وكانت جمعية المصارف دعت بدورها إلى ضرورة تسديد السندات في موعدها حفاظاً على ثقة المستثمرين بلبنان.

وقال رئيسها سمير صفير الأربعاء بعد لقاء مع دياب "اذا كانت الحكومة متجهة الى جدولة الدين، فيجب (...) التفاوض مع حاملي سندات الدين وخاصة الصناديق الاستثمارية في الخارج الذين أظهروا حتى الآن جهوزية للتفاوض".

ويحذر محللون من أن تسديد المستحقات في موعدها سيفاقم الأزمة المالية ويُضعف احتياطي العملات الأجنبية. وتملك المصارف اللبنانية 50 في المئة من سندات اليوروبوندز مقابل 11 في المئة لمصرف لبنان و39 في المئة لمستثمرين أجانب، وفق تقرير في نوفمبر لـ"بنك أوف أميركا ميريل لينش". إلا أن هذه النسب قد تكون تغيّرت وسط تقارير عن بيع مصارف محلية أخيراً جزءاً من السندات لمستثمرين أجانب.

وبدأ القضاء اللبناني في الأسبوع الحالي التحقيق لتحديد المصارف والمؤسسات المالية والأشخاص المتموّلين الذين باعوا نسباً من سنداتهم إلى مستثمرين أجانب، وفق ما قال مصدر قضائي لفرانس برس.

وأكّد الرئيس اللبناني ميشال عون الخميس في مستهل جلسة لمجلس الوزراء أنّ "هناك اجراءات سنتخذها ليتحمل المسؤولية كل من ساهم بإيصال الأزمة الى ما وصلته من خلال عمليات غير قانونية سواء عبر تحويل الأموال الى الخارج أو التلاعب باليوروبوند".

وتجري السلطات اللبنانية تحقيقات في تحويل مليار دولار إلى الخارج بين 17 أكتوبر، حين بدأت التظاهرات العارمة ضد الطبقة السياسية، ونهاية 2019 رغم القيود المشدّدة للمصارف على حركة الأموال.