تكبدت الأسواق المالية في ثلاثة أسابيع من زمن تفشي كورونا بخسائر فادحة تفوق كثيرًا ما تكبدته في ثلاثة أعوام بعد الكساد الكبير أو الحرب العالمية الثانية. فهذه الأزمة هي الأسوأ، وتداعياتها الاقتصادية مقلقة.

إيلاف من لندن: الصدمة التي يسببها فيروس كورونا للاقتصاد العالمي هي أكثر شدة من أزمة 2008 المالية، لا بل أشد من الكساد الكبير في الثلاثينيات. ففي خلال الأزمتين السابقتين، تراجعت البورصات بحدود 50 في المئة، وتجمدت أسواق الاقتراض، وتلى ذلك إفلاس عدد كبير من الشركات، وزادت نسبة البطالة على 10 في المئة، وانخفض الناتج الاجمالي بنسبة سنوية تزيد على 10 في المئة. لكن كل هذا استغرق 3 سنوات، في حين أن النتائج بدأت تظهر مع الأزمة الحالية خلال ثلاثة أسابيع.

أسرع انخفاض في التاريخ

مع بداية أبريل الحالي، انخفضت الأسواق الأميركية بمقدار 20 في المئة خلال 15 يومًا، وهو أسرع انخفاض في التاريخ. حاليًا، الأسواق اقل مما كانت عليه قبيل الأزمة بنحو 35 في المئة. المؤسسات المالية الكبرى مثل غولدمان ساكس وجي بي مورجان ومورغان ستانلي تتوقع انخفاض الناتج العام الأميركي بنسبة تعادل 6 في المئة سنويًا في الربع الأول من العام الحالي، ومن ثم 24 إلى 30 في المئة في الربع الثاني.

حذر وزير الخزانة الاميركي ستيف مانوتشن من وصول نسبة البطالة إلى 20 في المئة، أي ضعفها في زمن الركود العالمي.

بمعنى آخر، كافة مكونات الاقتصاد من ناحية الطلب الاستهلاك والاستثمار والتصدير تنخفض بمستويات قياسية غير مسبوقة. على الرغم من توقعات بعض المعلقين بأن يكون منحى الأزمة الاقتصادية بشكل حرف (V)، أي الانخفاض السريع في ربع معين يليه ارتفاع كبير في الربع التالي، فمن المرجح أن تسير أزمة كورونا الاقتصادية بمنحى آخر تمامًا. فالبيان يشير إلى خط أشبه بحرف (I)، أي انخفاض سريع متواصل، في خط مستقيم عامودي نحو الأسفل.

علاج لا لقاح

حتى في أثناء الكساد الكبير والحرب العالمية الثانية، لم تتوقف عجلات الاقتصاد تمامًا كما هو الحال في الصين والولايات المتحدة وأوروبا اليوم.

أفضل احتمال أو سيناريو هو انخفاض أكثر حدة من الذي حدث بعد الأزمة المالية، لكن لفترة وجيزة، تليه عودة إلى النمو في الربع الرابع، وعودة الأسواق إلى النمو حال مشاهدة النور في آخر النفق.

إلا أن هذا الاحتمال يفترض العديد من الظروف: أولها، توسيع الدول المتضررة مثل أميركا وأوروبا دائرة فحص المواطنين، وفرض الحجر، لا بل الإغلاق التام في بعض الحالات مثلما فعلته الصين.

ولأن لقاح مضاد لكورونا قد يحتاج إلى 12 إلى 18 شهرًا لانتاجه وتوافره بشكل واسع، على هذه الدول إنتاج أدوية مضادة للفيروسات (لا لقاحات) بكثرة.

المطلوب حوافز مالية

ثانيها، على المسؤولين عن السياسة النقدية الاستمرار بما يقومون به حاليًا من خفض نسبة الفائدة إلى الصفر او حتى نسبة سلبية، وغيرها من الاجراءات.

ثالثها، على الحكومات تقديم حوافز مالية كبيرة، ضمنها إيصال النقود إلى العوائل، في حوافز مالية كانت غالبًا تمثل سياسة اليسار، لكنها أصبحت الآن سياسات مقبولة،