هونغ كونغ: أثار قانون الأمن القومي الجديد الذي فرضته الصين في هونغ كونغ مخاوف لدى العديد من أهالي هذه المدينة، لكن قطاع التجارة والأعمال أيده على نطاق واسع كسبيل لاستئناف الأنشطة التجارية في هذا المركز المالي المهم.

ويمنح القانون المثير للجدل السلطات الصينية صلاحيات غير مسبوقة في وقت تسعى لوضع حد للتظاهرات المطالبة بمزيد من الديموقراطية، والتي اجتاحت هونغ كونغ العام الماضي.

ورغم تحذيرات مجموعات حقوقية ومحللين قانونيين من أن القانون يمكن أن يشكل ضربة قاصمة للحكم الذاتي وللحريات السياسية في المدينة، إلا أن هيئات عدة في قطاع التجارة والأعمال رحبوا به سبيلا لاستعادة الاستقرار.

ووصفت غرفة التجارة العامة لهونغ كونغ تبني القانون في وقت سابق هذا الأسبوع بأنه "مهم في المساعدة على استعادة الاستقرار والثقة إلى هونغ كونغ التي تضررت بشدة من الاضطرابات الاجتماعية منذ العام الماضي". أضافت "نحتاج بيئة مستقرة يسعى (القانون الأمني) إلى توفيرها".

انضم المصرفان البريطانيان العملاقان إتش إس بي سي وستاندرد تشارترد، اللذان يتمتعان بحضور كبير في هونغ كونغ وفي البر الصيني، إلى مؤسسات أخرى في دعم القانون علنا في الشهر الماضي.

وقال محللون وشخصيات من قطاع الأعمال إن القانون يمكن أن يزيد من مخاطر وتعقيدات القيام بأنشطة تجارية في هونغ كونغ، لكنه من غير المرجح أن يتسبب بخروج جماعي للمؤسسات الأجنبية.

وسجلت بورصة هونغ كونغ ارتفاعا بنحو 3 بالمئة الخميس، تقدمته شركات العقارات مدفوعة برهان المستثمرين على أن يعيد القانون الاستقرار إلى المدينة.

ورأى المحلل السياسي لدى مركز لوي انستيتيوت الاسترالي للأبحاث بن بلاند أن "عقلية رجال الأعمال بشكل عام هي محاولة المضيّ قدماً كما لو لم يتغير شيء والسعي لتجنب المخاطر السياسية".

قال "لذا لست مندهشا بهذا النوع من ردود الفعل التي شهدناها".وأضاف "لن نتدخل في سياسات هونغ كونغ".

قلق كبير
أثار نص القانون قلقا إزاء تعريفه الواسع للمخالفات ومنحه محاكم البر الصيني الخاضعة لسيطرة الحزب الشيوعي، سلطة على هونغ كونغ.

وتحولت المدينة إلى مركز مالي عالمي مهم بفضل سمعة قضائها المستقل لتصبح مكانا لفض النزاعات، وخصوصا مع شركات من الصين القارية.

والحكم الذاتي القانوني، الممنوح مع حريات أخرى للمواطنين، ضمنه لخمسين سنة اتفاق إعادة بريطانيا لمستعمرتها السابقة إلى الصين في 1997، بموجب مبدأ "دولة واحدة بنظامين".

وأدى ذلك إلى قيام جدار حماية بين المدينة والنظام القضائي الصيني غير الشفاف، وساهم في أن تكون هونغ كونغ بوابة عبور لمؤسسات أجنبية إلى البر الرئيس. وقوّض القانون الجديد ذلك النظام، وقالت نقابة محامي هونغ كونغ إنها تشعر "بقلق كبير" إزاءه.

ويهدد القانون ضمانات من بينها المحاكمات النزيهة والحقوق الأساسية وحرية التعبير، وفق ما ذكرت المنظمة في انتقادات لاذعة الأربعاء. وفيما لن تكون هناك عمليات مغادرة مفاجئة على الأرجح، قال المحللون إن تلك الاحتمالات ربما ستزداد في المستقبل.

قال وليام ني من منظمة العفو الدولية لبلومبرغ "على المدى البعيد، سيشجع القانون على الأرجح بكين وحلفائها المحليين على ممارسة ضغوط سياسية أكبر على الشركات وموظفيها للتقيد بشدة ... بأجندة بكين".

وأشار المحللون إلى استهداف بكين لمؤسسات على خلفية مسائل سياسية، وبشكل خاص ردة الفعل القوية تجاه شركة طيران هونغ كونغ كاثاي باسيفيك بسبب تقارير عن دعم موظفيها للتظاهرات المطالبة بالديموقراطية.

وبدوره تعرض مصرف إتش إس بي سي لضغوط من مسؤول تنفيذي سابق لهونغ كونغ موال لبكين قبل إعلانه عن تأييده القانون، وقال محللون إن الشركات ستكون حريصة على تجنب ذلك المصير.

سوق ضخمة
لكن موقع هونغ كونغ كبوابة عبور لثروات الصين القارية، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، سيظل ربما في أولوية الاعتبارات بالنسبة الى امستثمرين، وفق محللين. فأسواق الأسهم والعقارات في المدينة غرقت بمليارات الدولارات من البر الرئيس في السنوات الأخيرة.

وبنهاية 2019 بلغت حصة تلك الشركات 73 بالمئة، أو 3,4 ترليون دولار من القيمة السوقية، بحسب مجلس التنمية التجارية لهونغ كونغ. وبعض أكبر الشركات الصينية الحكومية والخاصة مدرجة في بورصة المدينة.

يشار إلى أن عملاق التجارة الالكترونية الصيني جي دي دوت كوم تمكن من جمع قرابة 4 مليارات دولار في الشهر الماضي في ثاني أكبر عملية اكتتاب عام أولي هذا العام.

وقال جون بي ليو من مؤسسة ترابيكا لشركاء الاستثمار في تصريحات لبلومبرغ "أشعر بأن هذا سيزيد من تعقيدات العمل في هونغ كونغ أو من خارجها". وأضاف "لكن أعتقد أن هونغ كونغ لا تزال تتمتع بأهمية كبيرة جدا وهي المركز المؤدي إلى الصين التي هي سوق ضخمة".