باريس: أكدت الحكومة الفرنسية الخميس أن مسألة التوظيف ستتصدر أولوياتها لدى إطلاقها خطة إنفاق ضخمة لدعم الاقتصاد والتغلب على الأزمة التي تسبب بها وباء كوفيد-19.

ووعد رئيس الوزراء جان كاستيكس بخلق 160 ألف وظيفة جديدة في 2021 في إطار خطة لانعاش الاقتصاد بقيمة 100 مليار يورو (120 مليار دولار) أطلقت في وقت عاودت أعداد الإصابات بالفيروس للارتفاع مجددا.

وقال كاستيكس للصحافيين بعدما دعم اجتماع للحكومة خطة تحفيز الاقتصاد، التي أكد أنها ستساعد في إعادة الاقتصاد الفرنسي إلى مستويات ما قبل الوباء بحلول 2022، إن "طموح وحجم هذه الخطة تاريخيان".

وسجل الاقتصاد الفرنسي أسوأ تدهور له منذ 1945، إذ تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 13,8 بالمئة في الربع الثاني، بعد انخفاضه أكثر من 5 بالمئة في الربع الأول.

وتتوقع الحكومة خسارة ما مجموعه 800 ألف وظيفة خلال العام.

"أولوية مطلقة"

وقال كاستيكس إن "الوظائف أولويتنا المطلقة".

وتضاف خطة دعم الميزانية، التي تشمل مزيجا من إنفاق جديد وإعفاءات ضريبية، إلى مئات مليارات الدولارات التي أنفقتها فرنسا حتى الآن في إطار استجابتها لأزمة الوباء.

وأوضح كاستيكس أن الاتفاق الذي توصل إليه الاتحاد الأوروبي في تموز/يوليو وبلغت قيمته 750 مليار يورو سيغطي مبلغاً بنحو 40 مليار يورو تشمله الخطة.

وقال وزير الشؤون الأوروبية في الحكومة الفرنسية كليمان بون إن بلاده تتوقع بأن تعرض البرنامج على شركائها في الاتحاد الأوروبي الشهر المقبل إذ أنها بحاجة للحصول على موافقتهم من أجل تحرير المبالغ.

كما تعهّد كاستيكس بأن الحزمة لن تفضي إلى فرض ضرائب جديدة.

وأفادت كاثرين مولبرونر نائبة رئيس "موديز" إن الحزمة "الكبيرة نوعا ما" والتي تعادل نحو 4,5 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي لن تبدّل رؤية الوكالة حيال قوة فرنسا المالية أو وضعها الائتماني.

وقال كاستيكس لصحيفة لوفيغارو قي مقابلة سبقت عرض الخطة الخميس إن "هذه الخطة ليست مصممة فقط لبلسمة الجروح الناجمة عن الأزمة". واضاف "إنها تحضر الأرضية للمستقبل".

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال خلال فترة وضع خطة التحفيز إنها ستحضر "لفرنسا عام 2030" مع تركيزها على اقتصاد خال من انبعاثات الكربون، وتحسين تنافسية الشركات والوظائف.

وأشار كاستيكس إلى أن فرنسا ستعيد الآن إحياء منصب المفوّض الأعلى للتخطيط، والذي ألغي قبل أكثر من عقد، من أجل مساعدة الحكومة على تحديد الخيارات الاقتصادية الاستراتيجية للعقد المقبل.

وقال إنه سيتم تعيين الوسطي الذي يحظى باحترام واسع فرانسوا بايرو في المنصب.

وأفاد ماكرون على تويتر "حان وقت إعادة إطلاق" الاقتصاد.

"حقبة مضت"

ويستهدف الجزء الأكبر من الخطة الجديدة قطاع الشركات الذي سيحصل على مساعدات قدرها 35 مليار يورو.

لكن رئيس "الكونفدرالية العامة للعمل" (نقابة يسارية رئيسية) فيليب مارتينيز ندد بعدم انتزاع الحكومة تعهّدات من الشركات بحماية الوظائف مقابل الدعم.

وقال "يمنحون الأموال لاير فرانس ورينو مقابل ماذا؟ تسريح موظفين. هل هذا هو الهدف من المال العام؟".

وسيتم تخصيص 30 مليار يورو لسياسات أكثر مراعاة للبيئة.

ورأى ناشطون أن هذا المبلغ ضئيل للغاية ودعوا الحكومة إلى مطالبة الشركات بالتزامات بيئية مقابل المساعدات الحكومية.

وقال رئيس فرع منظمة "غرينبيس" المدافعة عن البيئة في فرنسا جان فرانسوا جويار إن "الحكومة تعرض خطة تعافٍ تعود إلى حقبة مضت".

وأضاف "لم يرد أي شيء عن خفض حركة النقل أو الطيران أو عن خفض إنتاج اللحوم والبيض أو مشتقات الألبان وهو أمر سيكون ضروريا لخفض انبعاثات الغازات الدفيئة".

شركات أو مستهلكون؟

ورفضت الحكومة دعوات إلى اتخاذ تدابير محددة لتعزيز انفاق المستهلكين، وقالت إن تمويلها الكبير لضمان حصول الأشخاص الذين تم تسريحهم من وظائفهم على مخصصات كان كافيا.

وجمعت العائلات الفرنسية 80 مليار يورو بشكل مدخرات متراكمة منذ آذار/مارس، وهو ما يمثل قدرة هائلة في حال تم حث الناس على الانفاق، بحسب محللين.

في الأثناء، قال سياسيون من المعارضة إن التمويل الجديد لربما جاء متأخرا لإنقاذ العديد من الشركات.

وقال زعيم حزب "الجمهوريون" (يمين وسط) كريستيان جاكوب "كان من المفترض أن يتم ذلك قبل الصيف".

ورحّبت أسواق الأسهم الأوروبية بخطة التحفيز التي رأت فيها "إعلان نوايا ضخماً"، وفق كريغ إرلام، المحلل لدى شركة "أواندا".

وقال لفرانس برس إن الخطة، "إلى جانب خطة التعافي (لمنطقة اليورو) توضح أن التكتل سيقاوم" تداعيات كوفيد-19 الاقتصادية.