لندن: باشرت بريطانيا الإثنين إصلاحات جذرية لقطاع سكك الحديد المخصخص والذي يرزح تحت تداعيات فيروس كورونا المستجد، تقضي باستبدال الامتيازات التجارية باتفاقيات تخضع لعمليات تدقيق أكثر صرامة ويكون فيها للدولة دور أكبر.
ولن تكون خدمات القطارات بعد الآن تحت إدارة الامتيازات التجارية التي نقلت هذه الإدارة إلى شركات تشغيل خاصة ستحل مكانها اتفاقيات تشبه الامتيازات.
وقالت وزارة النقل في بيان "اليوم أنهى الوزراء العمل باتفاقيات امتياز سكك الحديد بعد 24 عاما كخطوة أولى نحو جمع الشبكة المجزأة. والمنظومة الجديدة ستخلق بنية أكثر بساطة وفعالية ستتضح معالمها في الأشهر القادمة".
وفيما لا تزال سكك الحديد البريطانية بيد الدولة، إلا أن القطارات تديرها على نطاق واسع شركات خاصة تحظى بمبالغ دعم حكومية كبيرة.
ما عاد يصلح
غير أن حكومة بوريس جونسون المحافظة قررت في مارس أن تتولى عائدات ومخاطر التكاليف خلال أزمة كوفيد-19. وجاءت تلك الخطوة في إطار تدابير طارئة بلغت كلفتها 3,5 مليار جنيه استرليني (4,5 مليار دولار، 3,8 مليار يورو) بحسب تقارير وسائل إعلام.
وأعلن وزير النقل غرانت شابس الإثنين أن نموذج سكك الحديد المخصخص لا يصلح في المناخ الحالي إذ أن العديد من الركاب والمسافرين يلزمون منازلهم.
وقال شابس إن "نموذج الخصخصة الذي تم تبينه قبل 25 عاما شهد زيادات كبيرة في أعداد الركاب، لكن هذا الوباء أثبت أنه ما عاد يصلح".
وأضاف أن النظام الجديد سيبقي على أفضل عناصر القطاع الخاص لكنه سيضيف إدارة أفضل ومحاسبة.
وأكد بأن "خطتنا الجديدة للسكك الحديد تطلب المزيد من أجل الركاب. ستسهل رحلات الناس وتضع حدا لحالة الريبة والالتباس بشأن ما إذا كان يتم استخدام البطاقة الصحيحة أو شركة القطارات الصحيحة".
دعم حكومي "كبير"
قالت وزارة النقل إنها ستبقي على المستويات "الكبيرة" للدعم الحكومي بموجب اتفاقيات إدارة الانتعاش في حالات الطوارئ، لكنها تهدف للتوفير على المدى البعيد.
وقالت الوزارة "حتى عودة أعداد الركاب، ستبقى الحاجة إلى دعم كبير من دافعي الضرائب، بما في ذلك بموجب العقود الانتقالية المعلنة اليوم. لكن الاصلاحات ستمكن من تحقيق توفير كبير على المدى المتوسط والبعيد بالنسبة لدافعي الضرائب".
وسيستمر دفع أجور إدارة لمشغلي السكك الحديد لقاء خدماتهم بموجب اتفاقيات إدارة الانتعاش في حالات الطوارئ، لكن هذه المصاريف ستكون أقل بموجب قوانين الطوارئ التي فرضت في مارس.
ورحب كيث وليامز، المدير السابق في خطوط بريتش ايرويز والذي فوضته الحكومة القيام بدراسة "جذرية" لشبكة سكك الحديد، بالاستراتيجية الجديدة.
وقال إن "هذه الاتفاقيات الجديدة تمثل نهاية نظام اتفاقيات الامتياز المعقد، وتطلب المزيد من خبرات ومهارات القطاع الخاص وتضمن عودة الركاب إلى خدمة سكك حديد أكثر دقة وتنسيقا".
غير أن النقابات التجارية نددت بالخطوة التي تعد أول إصلاح كبير لقطاع بأكمله منذ أن خصخص المحافظون خدمة "بريتش ريل" (السكك الحديد البريطانية) في منتصف التسعينات الماضية.
وقال الأمين العام لاتحاد النقل البحري والبري ميك كاش إن "هذا الإعلان يجب أن يرغم الحكومة الآن على مواجهة ما هو جلي منذ ثلاثة عقود -- تلك الملكية العامة هي النموذج الوحيد الذي يصلح وبإمكانه أن يقودنا خلال أزمة مثل كوفيد-19".
التعليقات