بروكسل: قررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال قمة عبر الفيديو الخميس تجنّب التصعيد وإتاحة الوقت لإيجاد حلّ لتعطيل المجر وبولندا خطة الانعاش الاقتصادي، وعادت للتركيز على الموضوع الأصلي للقمة وهو إدارة جائحة كوفيد-19.

ولا يخفي الأوروبيون سخطهم منذ يومين حيال الفيتو الذي أعلنته وارسو وبودابست الإثنين لتعطيل تبنّي خطة التعافي لما بعد أزمة كوفيد-19 والتي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو، وكذلك موازنة الاتحاد الأوروبي.

وترفض الدولتان ربط منح التمويلات الأوروبية باحترام دولة القانون.

وبدأ الاجتماع بعيد الساعة 17,00 ت غ، وركّز مباشرة على الموضوع، إذ أخذ الكلمة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ونظيره البولندي ماتيوش مورافيتسكي وكذلك السلوفيني يانيز يانشا الذي انضمّ لهما.

لكن عقب ربع ساعة، تم إغلاق الموضوع. وقال مصدر أوروبي إن "الرافضين الثلاثة كرّروا دوافعهم" دون عرض عناصر جديدة.

وتعارض وارسو وبودابست بقوة آلية تربط منح تمويلات أوروبية باحترام دولة القانون (استقلال القضاء ووسائل الاعلام إلخ). ومن الممكن أن تقرّ الآلية بالغالبية الموصوفة، أي من دون موافقتهما.

وبناء على ذلك، عطّل البلدان قراراً يسمح للاتحاد الأوروبي بجمع تمويلات لخطة الانعاش الاقتصادي البالغة قيمتها 750 مليار يورو ما أعاق الميزانية الأوروبية (2021-2027) المربوطة بهذه الألية، لغياب الإجماع المطلوب.

ويخشى رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أن يحرم من التمويل الأوروبي بموجب قرار "تعسفي" من بروكسل بشأن سياساته المناهضة للهجرة، وهو يطالب بـ"معايير موضوعية" و"إمكان اللجوء إلى القضاء".

وتؤكد الحكومة البولندية المحافظة أنها تدافع عن قيمها ضمن "صراع إيديولوجي" مع "الأوليغارشية الأوروبية".

وبخصوص آلية دولة القانون، أفاد دبلوماسي أن مورافيتسكي أسف خلال القمة قائلا "أنتم تستعملونها فقط ضدنا، وهذا التفاف على معاهدة الاتحاد الأوروبي".

وردّاً على ذلك، اكتفى رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بالإشارة إلى أن جهود حلّ الأزمة "يجب أن تجري الآن في الأماكن والمستويات المناسبة"، وفق مصدر أوروبي.

وأوضح المصدر أنّه "لم يكن أحد جارحاً، كانوا جميعا هادئين، والنقاشات ستتواصل خارج القمة"، مشيراً إلى محادثات مقبلة ستجري برعاية ألمانيا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.

وأشار دبلوماسي قبل القمة إلى أن "الهدف ليس التصعيد بل خلق هوامش مناورة للعمل على إيجاد حلّ. الفكرة أيضا هي أن نظهر للمجر وبولندا أنهما معزولتان".

ووفقا للمصدر، فقد جرت في الأيام الأخيرة "محادثات هاتفية عاصفة بين القادة الأوروبيين" ورئيسي الوزراء المجري والبولندي، "ولم يتّضح إن كان لذلك أي أثر أو إن كانا سيلعبان لعبة الوقت".

ويمكن أن تخسر وارسو وبودابست الكثير باعتبارهما المستفيدتين الرئيسيتين من التمويلات الأوروبية.

وأكّد مسؤول أوروبي رفيع أنّ شارل ميشال "اتّصل بجميع القادة بشكل استباقي لضمان بقاء النقاشات تحت السيطرة".

وشدّد على أنّ تنظيم القمة عبر الفيديو لا يسمح بإجراء لقاءات جانبية هامة لبناء توافق ولا يفسح المجال "لنقاشات حول موضوع بهذا التعقيد".

ولا يبدو أنّ الضغط على وارسو وبودابست سيضعف، في وقت تواجه فيه دول عدة أزمة مزدوجة صحية واقتصادية وتحتاج لتمويلات خطة التعافي الأوروبية.

وتحدث دبلوماسيون عديدون عن إمكان "إعطاء ضمانات" حول عدم انحياز الآلية، ترضي بودابست من خلال التأكيد على أن الدولة المستهدفة يمكنها أن تلجأ إلى محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي.

وفي هذا الإطار قد تصبح الخطة موضع اتفاق حكومي يستثني الدول المعارضة وهو خيار معقد من الناحية التقنية و"سابق لأوانه لكنّه مطروح"، على ما أفاد مصدر اوروبي.

وفي ما يخصّ جائحة كوفيد-19، يفترض أن يناقش القادة الاعتراف المتبادل بالفحوص السريعة ورفع مستوى التنسيق حول التدابير التقييدية لتجنّب موجة وبائية ثالثة.