باريس: سجّلت أكثر من 400 ألف وفاة بكوفيد-19 في أوروبا، ثاني أكثر المناطق تضررا من فيروس كورونا المستجد، وحيث تعيد دول عدة في نهاية الأسبوع فتح مؤسساتها التجارية استعدادا لأعياد نهاية السنة.

في فرنسا، أعادت كل المحال السبت فتح أبوابها حتى الساعة 21,00 بما أن حظر التجول لا يزال مفروضا، وسط التقيّد بتدابير الوقاية الصحية الصارمة، ما انعكس ارتياحا لدى أصحاب المؤسسات التجارية الذين يعوّلون على فترة الأعياد لتعويض جزء من الخسائر التي تكبّدوها بسبب تدابير احتواء الجائحة.

وسجّلت فرنسا السبت نحو ألف وفاة إضافية بكوفيد-19، علما أن الحصيلة المعلنة تشمل الوفيات التي أحصيت في الأيام القليلة الماضية في دور رعاية المسنين.

وسيسمح للمواطنين بالخروج للتنزه ضمن نطاق يبلغ 20 كيلومترا ولمدة ثلاث ساعات بدلا من كيلومتر واحد مدة ساعة واحدة.

واعتبرت أوريلي البالغة 36 عاما والتي تدير متجرا في مركز "غاليري لافاييت" التجاري أن الأهم "بالنسبة إلينا، سواء كانت هناك زحمة (متسوقين) أم لا، أن الحياة اليومية تعود إلى طبيعتها".

وأعاد مركز التسوق الفرنسي فتح أبوابه وقد استقبل الموظفون أوائل المتسوقين بالتصفيق.

في بولندا، أعادت المراكز التجارية فتح أبوابها السبت. في المقابل سينتظر الإيرلنديون والبلجيكيون حتى الثلاثاء لتفتح المتاجر مجددا، إلا أن تراجع الوباء في هذين البلدين يتأكد.

وقال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن عبر هيئة "أر تي إي" العامة "نجحت جهود كل فرد منا وتضحياته. وانقذت أرواح بشرية".

وأكد نظيره البلجيكي الكسندر دو كرو "الوضع في بلادنا يتحسن (..) لكن من المهم المحافظة على هذا الاتجاه".

واعتبارا من الأحد، سترفع ثلاث مناطق إيطالية جديدة القيود ما يسمح للمتاجر غير الأساسية بإعادة فتح أبوابها. لكن في مناطق لومبارديا (شمال) وبييمونمتي (شمال غرب) وكالابريا (جنوب) ستبقى المطاعم والحانات مقفلة كما الحال في فرنسا وبلجيكا.

وأوروبا هي ثاني اكثر مناطق العالم تسجيلا للوفيات جراء الجائحة مع 400 ألف و649 وفاة من أصل 17 مليونا و606 آلاف و370 إصابة وراء اميركا اللاتينية والكاريبي (444 ألف و26 حالة وفاة من أصل 12 مليونا و825 ألفا و500 إصابة).

والسبت تخطّت القارة عتبة 400 ألف وفاة، وفق تعداد لفرانس برس، وسجلت وفاة أكثر من 36 ألف شخص في الأيام السبعة الأخيرة (36 ألفا و147 وفاة) وهي الحصيلة الأعلى في غضون أسبوع منذ بداية الجائحة.

وفي الإجمال، سجلت حوالى ثلثي الوفيات الأوروبية في بريطانيا (57 ألفا و551 وفاة من أصل مليون و589 ألفا و301 إصابة) وإيطاليا (53 ألفا و677 وفاة من أصل مليون و538 ألفا و217 إصابة) وفرنسا (51 ألفا و914 وفاة من أصل مليونين و196 ألفا و119 إصابة).

في ألمانيا حيث سجّلت 15 ألفا و965 وفاة، والتي تعد من الدول الأوروبية الأكثر احتواء للجائحة حذّر وزير الاقتصاد بيتر ألتامير في صحيفة دي فيلت بأن "القيود المفروضة يمكن أن تبقى قائمة حتى الأشهر الأولى من العام 2021".

وقال إن "أمورا كثيرة" ستكون منوطة باللقاح، بعدما سجّلت البلاد أكثر من 21 ألف إصابة إضافية في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة.

وفي قبرص، قررت السلطات تمديد ساعات حظر التجول اعتبارا من الاثنين. أما في تركيا سيفرض حظر تجول بحسب العمر اعتبارا من السبت.

أما في بريطانيا، ستشدد ويلز القيود المفروضة على الحانات والمطاعم للحد من انتشار الفيروس قبل عيد الميلاد. وأتى ذلك بعد إغلاق جديد قررته أيرلندا الشمالية وعودة إنكلترا إلى نظام إنذار من ثلاثة مستويات.

إلا أن بريطانيين كثرا يعارضون هذه التدابير. وأصبحت مصففة شعر قرب برادفورد في شمال إنكلترا رمزا لمناهضي الإغلاق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، باستنادها إلى "ماغنا كارتا"، الوثيقة التاريخية المؤسسة للديموقراطية الحديثة في بريطانيا. وفرضت عليها غرامة متراكمة قيمتها 17 ألف جنيه استرليني لأنها أبقت صالونها مفتوحا رغم قرار إغلاق لمدة أربعة أسابيع اعتبارا من مطلع تشرين الثاني/نوفمبر في إنكلترا.

وأصيب أكثر من 61 مليونا و585 ألفا و860 شخصا في العالم بالفيروس، توفي أكثر من 1,4 مليون شخص منهم، فيما تعافى 39 مليونا و186 ألفا ومئة على الأقل حتى اليوم.

وتبقى الولايات المتحدة أكثر البلدان تضررا على صعيد الوفيات مع 264 ألفا و866 حالة. وأدى مرض كوفيد-19 الجمعة إلى تراجع المشاهد الاعتيادية للجموع الغفيرة التي تنتظر في طوابير امام المتاجر في يوم الحسومات الكبير "بلاك فرايداي".

وأتى الإقبال هذه السنة عبر الانترنت خصوصا. فانفق الأميركيون عبر الانترنت الجمعة 6,2 ملايين دولار في الدقيقة أي ما مجموعه 4,5 مليارات وفق تعداد نشرته مساء الجمعة شركة "أدوبي ديجيتال إنسايتس" للمعلوماتية. وقالت الشركة إن "بلاك فرايدي" و"سايبر مانداي" الذي يليه الاثنين المقبل "قد يسجلان أكبر مبيعات عبر الانترنت في التاريخ".

وفي مدينة لوس انجليس التي تشهد تفشيا كبيرا للوباء، منعت السلطات غالبية التجمعات العامة والخاصة.

وقالت السلطات في كبرى مدن ولاية كاليفورنيا (غرب) "كل التجمعات العامة والخاصة لافراد لا ينتمون إلى اسرة واحدة محظورة باستثناء المراسم الدينية والتظاهرات" لفترة ثلاثة أسابيع على الأقل حتّى 20 كانون الأوّل/ديسمبر.

والولايات المتحدة ليست الوحيدة التي لا تزال تعاني في الصميم من الموجة الثانية من الوباء. ففي طوكيو، طلبت السلطات من المؤسسات التي تقدم المشروبات الكحولية بما في ذلك نوادي الكاراوكي إغلاق أبوابها عند العاشرة مساء اعتبارا من السبت مدة ثلاثة أسابيع.

وكانت اليابان بمنأى نسبيا حتى الآن عن الوباء مع أكثر من ألفي وفاة و135400 إصابة وفق الأرقام الرسمية وهي لم تفرض إجراءات إغلاق كما في دول أخرى. لكنها تواجه الآن عددا قياسيا من الإصابات اليومية.

وفي دول أخرى من العالم تستمر كلفة الجائحة الاقتصادية بالارتفاع الشديد. فأعلنت الهند الجمعة تراجعا في إجمالي الناتج المحلي نسبته 7,5 % بين تموز/يوليو وأيلول/سبتمبر في الربع الثاني من سنتها المالية لتدخل بذلك في حالة ركود تقني للمرة الأولى منذ استقلالها العام 1947.

وهذه الدولة الآسيوية العملاقة التي سجلت فيها تسعة ملايين إصابة، هي ثاني أكثر دول العالم تضررا من الجائحة على صعيد عدد المصابين بعد الولايات المتحدة.