فريمانتل (أستراليا): في ميناء فريمانتل، وهي بلدة ساحلية في غرب أستراليا ، يصطف الناس في طوابير طويلة أمام أكشاك صيادي الكركند المتضررين بشدة من قرار بكين الأخير بحظر استيراد هذا النوع من ثمار البحر من أستراليا.

ويبلغ حجم الصادرات الأسترالية من الكركند نحو 400 مليون يورو سنوياً، وفي الأوضاع الطبيعية تستورد الصين 94 في المئة منها.

قبل بضعة أسابيع ، حظرت بكين كل واردات هذه القشريات من أستراليا تقريباً، في إطار المواجهة التجارية بين البلدين.

وقال الصياد فيديل كاماردا لوكالة فرانس برس "لقد أثر علينا هذا القرار بشكل كبير". وأضاف "دخلنا انخفض كثيراً".

شهد عام 2020 تدهوراً في العلاقات بين كانبيرا وبكين، واتخذت الصين سلسلة من الإجراءات الاقتصادية الانتقامية طاولت أكثر من عشرة منتجات أسترالية من بينها الشعير والنبيذ.

وبات المصدرون يخضعون للتعرفات الجمركية أو القيود، ما قد يجعلهم يخسرون ما بين 1,6 إلى 3,2 مليارات يورو من المبيعات.

ونجا الاقتصاد الأسترالي من هذه العاصفة حتى الآن ، حتى أنه تمكن من الخروج في الربع الثالث من السنة من الركود الناجم عن فيروس كورونا.

واضطرت الشركات بين ليلة وضحاها إلى إيجاد زبائن جدد وأسواق جديدة لتجنب الخسارة المالية، أو عمدت إلى تسريح موظفين أو حتى إلى إشهار إفلاسها.

وقرر بعض مزارعي الشعير التوجه إلى حبوب أخرى أو إيجاد أسواق جديدة في الشرق الأوسط بينما اختار مزارعو الكرمة بيع المزيد لليابان.

أما قطاع صيد الكركند ففضل تعزيز سوقه المحلية.

وسعياً منها إلى دعم هذا القطاع، بادرت السلطات الأسترالية إلى تعديل التشريعات للسماح بالبيع المباشر لمنتجاته السمكية في كانون الأول/ديسمبر وكانون الثاني/يناير.

أثار هذا القرار حماسة السكان، ووفّر شريان حياة حقيقياً ًلكاماردا وزملائه في ظل الوضع الصعب جداً الذين كانوا يعانونه.

قبل جائحة كوفيد-19، كانت الأسعار في غرب أستراليا تصل أحيانًا إلى نحو 43 يورو للكيلوغرام الواحد.

وفي الأسبوع الذي سبق عيد الميلاد ، تمكن الزبائن الذين تحدوا شمس الصيف الجنوبي الحارقة من شراء الكركند مباشرة من الميناء بسعر 28 يورو للكيلوغرام ، أي أن انخفاض الأسعار يتجاوز الثلث.

وقال كاماردا الذي نجح في التكيف مع زيادة وتيرة الطلبيات إن هذا السعر "بالكاد يكفي للوصول إلى عتبة الربحية".

وكان الطلب كبيراً في كل أنحاء الجزيرة الضخمة، إلى درجة أن بعض محال السوبرماركت اضطرت إلى الحد من كمية الكركند التي يمكن لكل زبون شراؤها.

ولم يتردد نيك فان نيكيرك، أحد سكان بلدة موسمان بارك المجاورة، في الوقوف في طابور لمدة نصف ساعة "لدعم الصيادين المحليين" وتناول الكركند "بسعر معقول".

لكن الجميع يدرك أن البيع المباشر هو حل قصير الأجل. ويأمل الصيادون في المستقبل أن يبيعوا غلتهم بسعر أعلى في أسواق مثل اليابان والولايات المتحدة وأوروبا ، وهي أيضًا طريقة لعدم الاعتماد على زبون واحد.

وشدد كاماردا على ضرورة "تنويع الأسواق تفادياً لمواجهة هذه المشكلة مرة أخرى" ، مبدياً تفاؤله بقدرة القطاع على الخروج من الوضع الراهن.

ويأمل كاماردا في الحفاظ على التقليد العائلي، إذ إن جده بدأ الصيد في فريمانتل عام 1912 ، بعدما كان جاء قبل أربع سنوات إلى أستراليا من إيطاليا.

وإذ ذكّر بأن عائلته "تعمل في هذا المجال منذ أجيال"، قال "هذا من الأمور التي يجب أن نتحملها من وقت الى آخر".

أما نجله جيمس (21 عاماً)، فبدأ الصيد معه ويأمل في أن يتمكن من الاستمرار.

وقال "نحن باقون هنا لمدة طويلة. وسنجد وسيلة للاستمرار".