بكين: فرضت السلطات الصينية الأربعاء تدابير إغلاق تشمل 600 ألف شخص في المنطقة المحيطة بأكبر مصنع لهواتف "آي فون" حيث اشتكى العمال من قيود اتسمت بالفوضى.

وقال مسؤولون في منطقة مطار تشنغتشو الاقتصادية (وسط) إن جميع الأشخاص باستثناء المتطوعين في مجال مكافحة كوفيد والعمال الأساسيين "يتعيّن عليهم عدم مغادرة منازلهم إلا للخضوع لفحوص كوفيد والحصول على رعاية طبية طارئة".

وتأتي الخطوة بعدما انتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي الصيني الأسبوع الماضي لأشخاص يهربون من المنشأة التي تديرها مجموعة "فوكسكون" التايوانية للتكنولوجيا وتصنع منتجات "آبل".

ظروف سيئة

واشتكى بعض الموظفين عبر الإنترنت من الظروف السيئة ونقص الإمدادات وهم اضطروا للفرار من المعمل سيراً على الأقدام لتجنّب قيود كوفيد التي تطال وسائل النقل. وتفيد "فوكسكون" بوجود أكثر من 200 ألف عامل حالياً في معملها في تشنغتشو.

وقال موظف في "فوكسكون" يبلغ من العمر 30 عاماً لفرانس برس "لم يعد تلقي الأجر مهما، الأهم هو البقاء على قيد الحياة"، مشيراً إلى أنه باق في المصنع لخشيته من نشر الوباء في بلدته.

وقال العامل الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن "إجراءات مكافحة الفيروس في الموقع فوضوية إذ يعيش غير المصابين مع المصابين".

وأشار إلى أن الطعام المقدّم للموظفين "غير كاف" واشتكى من نقص الأدوية المتوفرة لزملائه المصابين.

تعد الصين آخر قوة اقتصادية كبرى ملتزمة باستراتيجية "صفر كوفيد"، إذ تفرض تدابير إغلاق سريعة وعمليات فحص واسعة النطاق وإجراءات حجر صحي مطوّلة لوقف تفشي الوباء.

لكن المتحورات الجديدة اختبرت قدرة المسؤولين المحليين على السيطرة على الفيروس بشكل يتجاوز سرعة تفشيه، ما دفع الجزء الأكبر من البلاد للعيش في ظل قيود تتغير كل فترة.

فحوص كوفيد

وأفادت السلطات المحلية في تشنغتشو الأربعاء بأنه سيتعين على الموظفين في جميع الأعمال التجارية العمل من المنزل ولن يُسمح إلا "للكيانات الأساسية" مواصلة العمل، من دون تحديد الأعمال التجارية التي ستندرج ضمن هذه الفئة.

ولن يسمح إلا للمركبات الطبية وتلك التي توصل الأساسيات التجول في الشوارع.

وذكرت السلطات أنه سيتعيّن على أكثر من 600 ألف شخص يقطنون المدينة الخضوع لاختبار الحمض النووي كل يوم، محذرة من أنها "ستنفّذ حملة أمنية حازمة ضد كافة الانتهاكات"

وذكرت صحيفة "داهي" الصادرة عن الحزب الشيوعي الأربعاء بأن السلطات المحلية "ستعقّم بشكل مكثّف" منشآت "فوكسكون"، بما في ذلك مساكن الموظفين خلال الأيام الثلاثة المقبلة. وسيتعيّن على العمال الخاضعين لحجر صحي في المصنع إبراز فحوص كوفيد بنتية سلبية على مدى سبعة أيام متتالية قبل المغادرة للتوجه إلى بلداتهم.

كما ذكرت الصحيفة بأن الحكومة تعهّدت تقديم وجبات وتأسيس خط استشاري ساخن للعمال.

بقاء أو مغادرة

وأفادت "فوكسكون" فرانس برس الأربعاء أن مجمّعها في تشنغتشو "يحافظ على العمل ضمن حلقة مغلقة"، من دون تقديم تفاصيل.

وذكرت الشركة نهاية الأسبوع بأنها تجري فحوصات يومية للموظفين وتبقيهم ضمن "حلقة مغلقة" وتوفر وسائل النقل للراغبين بالمغادرة، بعدما أظهرت تسجيلات مصوّرة انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي موظفين يسيرون على الطرقات السريعة حاملين حقائبهم.

وأظهر تسجيل مصوّر زوّد موظف في "فوكسكون" فرانس برس به مجموعات كبيرة من العمال وهم يجرّون حقائبهم في طريق مقفر بعد ظهر الثلاثاء، باتّجاه صف من الأشخاص الذين ارتدوا بزات واقية.

وأفاد المحلل الرفيع لدى Counterpoint Research إيفان لام فرانس برس بأن مصنع تشنغتشو يساهم في 80 في المئة تقريباً من إنتاج "أي فون 14".

ولم ترد "آبل" فوراً على طلب فرانس برس الحصول على تعليق.

وطلبت السلطات المحلية في المنطقة المحيطة بمدينة تشنغتشو من عمال "فوكسكون" إبلاغ السلطات في حال عودتهم والخضوع لحجر صحي لأيام لدى وصولهم.

كما ذكرت الشركة الثلاثاء بأنها ستضاعف بأربع مرّات المكافآت للموظفين المستعدين للبقاء في المصنع أثناء تفشي الفيروس.

رفع "صوري" للقيود

واتّهم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في الصين سلطات تشنغتشو الأربعاء برفع قيود كوفيد بشكل "صوَري" بعدما أعلنت المدينة قبل يوم بأنها "ستعيد الإنتاج والحياة إلى طبيعتهما".

وسأل مستخدم ويبو تاوديشينغ "ترفعون تدابير الإغلاق في الصباح وتفرضونها مجدداً خلال الليل، ما الذي تحاولون القيام به؟".

سجّلت الصين أكثر من ألفي إصابة محلية جديدة الأربعاء لليوم الثالث على التوالي.

وفي مقاطعة خنان، حيث تقع تشنغتشو، سجّلت رسميا 359 إصابة بكوفيد الأربعاء، مقارنة بـ104 حالات الثلاثاء.

وفي غوانزو التي تعد مركزا صناعيا في جنوب الصين، أعلن عن تدابير إغلاق جزئية في عدة أحياء هذا الأسبوع استجابة لارتفاع عدد الإصابات.

وبحسب محللين لدى "كابيتال إيكونوميكس"، بلغ عدد الأشخاص الخاضعين لحجر صحي في الصين أعلى مستوياته منذ الإغلاق الذي فرض في شنغهاي خلال الربيع، مع تفشي الإصابات في أكثر من 50 مدينة.