محمد الشرقاوي من القاهرة: يأخذ مركز توثيق التراث الطبيعي والحضاري التابع لمكتبة الإسكندرية، منذ نشأته علي عاتقه مهام الحفاظ علي التراث الحضاري، بجوانبه المادية الملموسة والمعنوية غير الملموسة، باعتبارها فنا من الفنون؛ كما يقوم بتوثيق التراث الطبيعي لمصر . وقد بدأ المركز - الذي يتخذ من القرية الذكية بالقاهرة مقرا له - مشروعا طموحا لتوثيق تراث الموسيقى العربية في صورة رقمية.
وحول هذا المشروع يقول الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية، منهجنا هو جمع القطع الموسيقية المتبقية من هذا الكنز المبعثر وإتاحتها لأجيال المستقبل؛ حيث يركز المشروع على الجمع و التوثيق و البحث، في مجال الأغنيات و المؤلفات الموسيقية المصرية .
واضاف أن النظام المعلوماتي للتوثيق في المشروع يتكون من ثلاثة مستويات يرتكز الأول منها على توثيق المعلومات الأولية التي تتعلق بالملحن والمؤلف والمؤدي والمقامات والقوالب والإيقاعات ومطلع الأغنية وعنوانها وتاريخ إصدارها. أما عن المستوى الثاني ،فينطوي على تجميع نصوص الأغاني للأعمال الموثقة في قاعدة البيانات والنوت الموسيقية وأجزاء من التسجيلات الصوتية والمرئية الأصلية بينما يعد المستوى الثالث تطويرا وارتقاء في مجال نظم التكنولوجيا وخاصة نظم المعلومات والوسائط المتعددة.
كما أوضح أن المستوى الثالث والأخير يهدف إلى إنتاج اسطوانات مدمجة تقوم على البيانات المجمعة وكذلك على التحليل الموسيقي التفصيلي لبعض الأعمال الموسيقية التي ينتقيها خبراء الموسيقى.
وتم من خلال هذا البرنامج إصدار سلسلة من الكتب فيما يعرف بموسوعة أعلام الموسيقى العربية التي خرجت في شكل كتاب وأسطوانة صدر منها حتى الآن أم كلثوم وسلامة حجازى وسيد درويش ومحمد عبد الوهاب.
ويعد هذا المشروع من الأهمية الكبيرة للتراث الموسيقي لكونه يسعى لتوثيق تراث الفترة الممتدة من عقد العشرينيات إلى سبعينيات القرن العشرين التي تعتبر من أهم الفترات التاريخية بالنسبة للموسيقى العربية.
وقد أعرب الدكتور فتحي صالح مدير مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي عن أسفه لعدم حفظ الأغاني القديمة والنادرة بطريقة منظمة فكانت النتيجة اندثار الكثير من ذلك التراث الموسيقي بينما يظل القليل المتبقي منه مهددا بالضياع إلى الأبد.
وأفاد أن المركز يسعى إلى الحفاظ على التراث الموسيقي والمسرحي العربي معا ومثل هذا الانجاز يتطلب توثيق ذلك التراث من خلال إنشاء قاعدة بيانات للموسيقى العربية يتم فيها حصر أسس وعناصر هذا الفن العظيم ثم المساعدة في نشر التراث الموسيقي العربي باستخدام تكنولوجيا الوسائط المتعددة.
وأشار إلى أن ذلك يتطلب المساهمة في دعم التعليم الموسيقي في المعاهد والمؤسسات الموسيقية والتعليم الموسيقي للكبار والصغار غير المتخصصين من خلال برامج تعليمية وترفيهية باستخدام الحاسب الآلي.
وأوضح صالح ان المركز يتولى تنفيذ خطة قومية لتوثيق التراث المصري بمختلف جوانبه والتي تشمل خريطة مصر الأثرية وتراث مصر المعماري الطبيعي والشعبي والتراث الموسيقي والعلمي والتراث الإسلامي للمخطوطات وأشار إلى إن المركز قام أيضا بنشر هذا التوثيق في أشكال مختلفة منها الإصدار الورقي والنشر الالكتروني .
ومن أحدث المشروعات التي تم انجازها، مركز مبارك للتراث بالأقصر .حيث افتتحه سيادة الرئيس محمد حسني مبارك ، والذي تم تنفيذه بناء علي بروتوكول تعاون بين وزارة الاتصالات وتكنولوجي المعلومات والمجلس الأعلى لمدينة الأقصر بشأن مشروعات تطوير البنية التكنولوجية لمدينة الأقصر .
كما أن المركز له مشاركات عديدة مع الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية حيث يشارك في سبعة مشاريع مع الاتحاد الأوروبي لتوثيق الجوانب المختلفة من التراث الحضاري لحوض البحر المتوسط. وأضاف الدكتور فتحي صالح أن مركز توثيق التراث يشارك مع منظمة اليونسكو في مشروع توثيق التراث المخطوط كما يقوم بتطوير وصيانة الموقع المتميز على شبكة الانترنت quot;مصر الخالدةquot; وذلك بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار بمصر ومؤسسة اي بي ام. الذي تم إعداده باستخدام أحدث التقنيات لكي يكون بمثابة خزانة عرض لمجموعة منتقاة من كنوز التراث الحضاري لمصر باللغات الثلاث العربية والانكليزية والفرنسية.