أحمد ديركي: على الرغم من ليلة صراع طويلة مع البعوض الذي يستوطن في غرفتي الذي يستقيظ حين نام كي يتغذى من دمي تماما كما يتغذى عليه من يستغلني في سوق العمل،أستيقظ مبتمسا في الصباح الباكر ظاناً بأن كل شروق شمس هو يوم جديد أي حياة سعيدة جديدة رغم كل ما يمكن لهذا اليوم الجديد أن يحمل.أستيقظ مع ابتسامتي لظني بأن محبوبتي سوف تراني مما يجعل منها ابتسامة فرح نابعة من قلب بقى طوال فترة نومي يبنبض بإسمها.لكن ظني لم يكن في موضعه. محبوبتي ليست بجانبي اذ انها تواجدها الى جانبي محكوم ومقيد بأسباب اجتماعية وشرعية .. اتقبل هذا الوضع بكل رحابة صدر .

فانا اعلم جيدا انني وعلى الرغم من عدم ايماني بهذه القيود الاجتماعية انني لن اتمكن من تغيير شيء بها وان اي معركة من هذا القبيل ستجعل من محببوتي الضحية الاولى. وهذا غير وارد عندي لأنها هي من أصارع من أجله.

تبقى الابتسامة مرتسمة على شفتي فأستعيض عن رؤية وجهها بتخيله وهكذا فان اول فعل اقوم به بعد الابتسامة هو ارسال رسالة تعبر عن مدى شوقي لها من خلال الهاتف النقال.
آه كما مفيد هذا الجهاز، لكنه فعليا مزعج جداً. فأنا مجبر في التعبير بأن التزم بحدود الرسالة كي لا تصبح رسالتين. هذا يعني بأن الرصيد المتواجد فيه سوف ينتهي بأقل من أسبوع وعليَّ ان اعيد تعبأته كل أسبوع ما يعني بأنني أعمل فقط لتعبئة رصيد هاتفي.وهذا مستحيل فأنا بحاجة الى بعض المال كي ابقى على قيد الحياة. من هنا احد التعبير عن شوقي لها ببعض كلمات ارسلها من دون ان افكر بكلامتها بشكل مسبق.اكمل استيقاظي مع ابتسامتي واذهب لأداء عملي الذي يكون في أحيان مرهق وحتى اثناء القيا م بعملي تبقى محبوبتي عالقة في عقلي الدائم التفكير بها فأرسل لها رسائل هاتفية أخرى بين الحين والآخر لأقول لها تارة عما ينطق به قلبي وتارة عما يفكر به عقلي.

انتهى دوام العمل اوبتسامتي ما زالت على حالها ..مرتسمة بفرح على وجهي .أغادر عملي على أمل اللقاء بها. لكن دوام عملها أطول من دوام عملي. أبحث عن مكان اقتل فيه الساعات الفاصلة كي لا اشعر بثقل الانتظار الذي يمكنه في لحظة ما ان يسرق مني ابتسامتي أو شوقي للقاء .لكن العثور على هكذا مكان ليس بالمهمة السهلة ..فأينما ذهبت الزمت بمحادثة من اتواجد معهم في الوقت الذي يكون فيه عقلي وقلبي يحادثون محبوبتي.

إنتهى دوام عملها. قد ترسل رسالة هاتفية في بعض الاحيان ، وفي احيان اخرى تتناسى امر الرسالة وتذهب مباشرة الى جامعتها ..وحين تتهي من نهارها المضني تصلني رسالتها .. تخبرني بأنها أصبحت في المنزل.تتسارع نبضات قلبي وعقلي لا يفكر سوى في كيفية انهاء الحديث مع الآخرين بأسرع طريقة ممكنة لكي أذهب لرؤيتها. أذهب اليها فأجد نفسي في المأزق عينه مع بعض الاختلافات.

هي محاطة بالاهل وعلينا ndash; أي هي وأنا ndash; أن نتصرف بشكل طبيعي كي لا يلحظ أي من المتواجدين بما يجول في خاطرنا فهذا غير مسموح اجتماعيا. نتبادل النظرات خلسة فتتمتع عيني برؤيتها، أتحدث معها أو مع أفراد اهلها فقط كي اسمع صوتها الذي تطرب له أذني.أطير كالعصفور لكي أحط في حضنها لأنعم بحبها، أفعل هذا بعقلي وقلبي كون اي خطوة واقعية لتطبيق ذلك ستؤدي الى مشاكل لا تحمد عقباها . فأعيش معها في عالمنا وأعيش معهم في عالمهم .أشعر وكأنني quot;الكواركquot; في الفيزياء الكمية فانا اتواجد في مكانين مختلفين في الزمن عينه. .معها بكل حواسي ومعهم بكل جسدي.

فجأة تدق الساعة. لقد حان وقت الرحيل..فأرحل حاملا معي صورتها حالما برؤيتها مجددا مع شروق جديد للشمس.
أستسلم للنوم بعد متعة التفكير بلقائها على أمل أن رؤيتها في أحلامي. فأنام والابتسامة مرتسمة على شفتاي وأستيقظ والابتسامة ما زالت على حالها ظانا بأن شروق شمس يوم جديد سوف يحملها الى أحضاني.فهل لهذا بأن يحدث في مكان اللامكان لأكون فيه مع محبوبتي خارج اطار الرسائل الهاتفية والمحيط الاجتماعي والاستغلال العملي؟!


[email protected]