بسببالضائقة والهجرة والحرية الإجتماعية
اللبنانيون يتأخرون في دخول القفص الذهبي
ريما زهار من بيروت: يرى المجتمع اللبناني أن بلوغ سن الرشد يجب أن يبدأ من الزواج الذي يضع المرء أمام المسؤوليات التي تقتضيها تأسيس العائلة.
ولكن الشباب اللبناني حاليًّا بدأ بتأجيل الزواج أو حتى إلغائه أحيانًا لأسباب عدة.
وبحسب إحصاءات عام 2002 فإن نسبة الأعمار للنساء المقبلات على الزواج قد ارتفع إلى 29 حتى 33 سنة مقابل 22 إلى 23 سنة عام 1970.
أما لدى الرجال فقد ارتفع معدل الأعمار إلى 33حتى 36 سنة مقابل 28 إلى 29 سنة عام 1970. فما هي الأسباب التي أدت إلى هذه الزيادة في نسبة الأعمار؟
عدم التوازن في الأعداد
تقول المرشدة الإجتماعية رنا حلو، إن عددَ الشباب في لبنان أقل من عدد النساء. مما خلق خللاً إنعكس سلبًا على نسبة الزواج. وبالإستناد إلى دراسة قامت بها الجامعة اليسوعيّة نجد أن عدد الشباب اللبنانيين في السن الناشط (30 إلى 50 سنة) أقل بكثير من عدد النساء في السن نفسها. كما إن نسبة النساء العازبات في سن الخمسين هو أكثر من عدد الرجال(%8.6).
الضائقة الماليّة
إن الهمّ المشترك لدى جميع الشباب اللبنانيين هو تأمين وظيفة لائقة يستطيعون من خلالها تحقيق أحلامهم المهنيّة والماديّة . لكن البحث عن الوظيفة لم يعد بالأمر السهل. مما اضطر عددًا من الشباب بالقبول بوظائف موقتة لا تليق بمستواهم الجامعي (البطالة المقنعّة)، بالإضافة إلى ذلك فإن الكثيرين منهم لا يزال يعتمد ماديًّا على أهله بانتظار فرصة العمل المناسبة التي قد لا تأتي خلال سنين عدّة.
لقد أظهرت الدراسات أن %71.3 من العاطلين عن العمل هم شباب بين 18 و 35 سنة. هذا الوضع القاتم يجعل من الإرتباط مسألة شبه مستحيلة للشباب اللبناني الذي يبقى شغله الشاغل البحث عن لقمة العيش.
الهجرة
أمام هذا الوضع الإقتصادي وأمام مشكلة السكن الذي لا يزال شديد الغلاء وأمام عجز الدولة عن إيجاد الحلول وإيجاد فرص العمل، وضع اللبناني أمام خيارين: القبول بالأمر الواقع أو السفر إلى الخارج لإيجاد الحل (هجرة موقتة أو دائمة). إن ثلث الشباب اللبناني وخصوصًاالمسيحيين (لظروف سياسيّة) أعلنوا عن رغبتهم في الهجرة. مما أحدث تغييرًا على الصعيد الإجتماعي والسكاني.
دخول النساء إلى الميادين العامة
مع التطور الحاصل عالميًّا كان لا بد من نهضة المرأة اللبنانيّة فأصبح التحصيل الجامعي والعمل أهدافًا يمكننا القول إنهم أبعدوها عن الزواج بعمر صغير- الزواج الذي كان الهدف الرئيس الذي تصبو إليه. وإن كانت بعض النساء اللبنانيات لم يتزوجن، فهذا لا يخلق عندها إحساسًا بالنقص كما في السابق، لأن عملها عزّز لدى المرأة شعورها بالإستقلاليّة الماديّة والفكريّة والنفسيّة. إن المرأة اللبنانيّة في مقتبل العمر بدأت تضع الشروط على زوج المستقبل وترفع سقف مطالبها عاليًا: أضحت الثقافة والمستوى الإقتصادي والإجتماعي شروطًا أساسيّة للزواج. ولكنها عندما تكبر في العمر تبدأ بالتنازل عن مطالبها. وهذا يعني أن الزواج لم يلغَ من حساباتها.
الحريّة الإجتماعيّة
إن الهجرة والتعليم أعطيا الشباب اللبناني حريّة أكبر من قبل. فخروج المرأة إلى الميدان العام أتاح للشباب اللبناني فرصة لقاء الجنس الأخر والتعرّف إليه. لذا لم تعد المرأة أو الرجل يشكلان سرًا لبعضهما. وبدأت علاقات بين الطرفين تتشكل خارج إطار الزواج. لم يعد الشاب اللبناني مكبوتًا إن جاز التعبير لا على الصعيد العاطفي أو الإنساني أو حتى الجنسي وإن كان قلة من اللبنانيين يعترفون بهذه العلاقة. كنتيجة لهذه العلاقات لم يعد الزواج حاجة ملحّة للشباب اللبناني بل نستطيع القول إنه صار يخطط له بتأن.
بالخلاصة إن الشباب اللبناني يجد نفسه اليوم غارقًا في البحث عن حلول لمستقبله الغامض فاقدًا التوازن بين قطبين: المهني والشخصي وهو المفتاح لحياة ناجحة. ولكن ورغم أن عدم الزواج لم يعد مصدر قلق أو هاجس للبنانيين إلا أن هذا لا يعني أنه بقي في اللاوعي للمجتمع هدفًا يجب التطلع إليه في أحد منعطفات الحياة.
التعليقات