بغداد - اكتشف المخرج العراقي محمد الدراجي ان تصوير فيلم عن الحرب في العراق في موقع الأحداث هو تحد وتجربة قد تصل الى الموت.وصرح الدراجي بأن مسلحين فتحوا النار عليه وعلى الطاقم الذي كان يعمل معه وخطفوهم لفترة وجيزة بينما كانوا يصورون في بغداد عام 2004 .
كما احتجزتهم أيضا القوات الأمريكية التي اشتبهت في أنهم ربما يصورون فيلما لصالح تنظيم القاعدة كما حلقت طائرات هليكوبتر أمريكية هجومية فوق رؤوسهم على ارتفاع منخفض أثناء تصوير مشهد به مدفع مضاد للطائرات فوق تل على مشارف بغداد.لكن فيلم (أحلام) بدا جديرا بكل هذه المخاطر عندما قوبل بحفاوة بالغة لدى عرضه للمرة الأولى في بغداد الاسبوع الماضي.

المخرج العراقي محمد الدراجي
وقال الدراجي (29 عاما) لرويترز بعد عرض الفيلم بالمسرح الوطني ببغداد quot;فاز الفيلم بسبع عشرة جائزة في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية. لكن لحظات السعادة تلك لا تقارن بما شعرت به حين رأيت المشاهدين في بلدي يقدرون جهدي.quot;يستند الفيلم الى وقائع حقيقية ويحكي قصة شاب وفتاة مرضى عقليين فرا من مؤسسة للرعاية العقلية كانا يعالجان بها ليتجولا بشوارع بغداد التي سيطرت عليها الفوضى خلال الوقت الذي دخلت فيه القوات الامريكية العاصمة العراقية في ابريل نيسان عام 2003 .

يستخدم الفيلم أسلوب العودة الى الوراء ليظهر أن كلا منهما عانى خلال سنوات ما قبل الاطاحة بالرئيس السابق صدام حسين.احدى الشخصيات الرئيسية في الفيلم هي أحلام التي يحمل الفيلم اسمها والتي خطف عملاء صدام زوجها الناشط السياسي خلال حفل زفافهما قبل عدة سنوات.والشخصية الثانية هي علي وهو مجند شاهد صديقه وزميله حسن يقتل خلال ضربة جوية أمريكية في أواخر التسعينات.
وانتهى الأمر بالاثنين الى دخول مؤسسة للرعاية العقلية بسبب المعاناة النفسية التي تعرضا لها.ولم يكن تصوير هذا الفيلم وهو بين عدد قليل من الافلام التي انتجت في بغداد منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق خاليا من المخاطر.فقد خطف مسلحون الدراجي وثلاثة اخرين من أفراد طاقمه من أحد شوارع بغداد ثم أطلقوا سراحهم بعد بضع ساعات.وحتى يتجنبوا التعرض لهجوم من جانب طائرات هليكوبتر أمريكية أثناء تصوير المشهد الذي استخدموا فيه ما وصفوه بأنه سلاح حقيقي مضاد للطائرات بسط أفراد الطاقم لافتة كبيرة على الارض كتبوا عليها quot;نحن طاقم فيلم أيها الطيار.. من فضلك لا تتغابى وتقصفنا.quot;ورغم ذلك حلقت طائرتان هليكوبتر أمريكيتان على ارتفاع منخفض فوقهم للتحقق.

تكلف الفيلم 300 ألف دولار وهو مبلغ متواضع نسبيا. ويأمل المراقبون أن يحيي السينما العراقية ويشجع الناس مجددا على مشاهدة الافلام بعد عقود من ضعف التمويل والقيود الحكومية خلال حكم صدام.شاهد نحو ألف شخص فيلم (أحلام) بالمسرح الوطني ببغداد. وصور الفيلم في عام 2004 غير أن عرضه على الجمهور في العراق أرجيء لفترة طويلة لاسباب أمنية. وأغلب دور السينما في بغداد مغلقة بسبب مخاوف من التعرض لهجمات في بلد يمزقه الصراع الطائفي.وأعربت الطالبة خولة كاظم عن اعجابها بالفيلم.وقالت quot;كل تفاصيل الفيلم كانت رائعة.. خاصة التمثيل والموسيقى. فيلم بهذه النوعية الجيدة يجب أن يلهم ويشجع صناعة السينما على تقديم المزيد.quot;لم يتمكن الجميع من مشاهدة الفيلم حتى النهاية.
ففي منتصف العرض سرت شائعة داخل المسرح بأن حافلة صغيرة ملغومة توقفت بالقرب منه. وغادر قلة رغم اتضاح أن الانذار كاذب.وقال الدراجي الحاصل على شهادة الماجستير في التصوير السينمائي من جامعة ليدز البريطانية حيث يقيم انه اختار لفيلمه اسم (أحلام) لانه رأى في منامه امرأة مريضة عقليا تتجول بشوارع بغداد بعدما شاهد تقريرا لاحدى وسائل الاعلام عن هرب المرضى العقليين خلال الغزو.

وقال quot;بعدما استيقظت.. سارعت الى كتابة أفكاري وأتيت الى العراق حيث أجريت مقابلات مع عدد من الشخصيات التي جسدناها في الفيلم.quot;وعثر في وقت لاحق على الذين فروا من مؤسسة الرعاية العقلية ببغداد وأعيدوا اليها.وجسد شخصية علي الممثل بشير المجيد الذي حصل على جائزتين دوليتين رغم أن ذلك كان أول دور له في السينما. وقال المجيد ان عرض الفيلم في العراق يعد انجازا كبيرا نظرا لما مر به طاقم الفيلم.وقال quot;خضنا مخاطر كبيرة عندما صورنا على مدى أربعة أشهر في بغداد.quot;
واضاف الدراجي الذي يعتزم عمل فيلمه التالي عن أم عراقية يصبح ابنها الجندي في عداد المفقودين بعد حرب الخليج عام 1991 quot;توقفت.. وفكرت مرارا خلال التصوير أن أنسحب. لكني الان أرى النتائج والبسمات التي نجحنا في رسمها.. انني سعيد لاننا تحلينا بالصبر