لم أستطع أن أخرجك من تفكيري، بقيتِ تلوحين في نفسي نسمة هواء، تدفعيني إلى التداعي.. فأحس براحةٍ ليس لها سماء، تعانقين فرح كل صوت، وتسمعيني عبث ضحكك، وأنا متمتعا في جنون هذيانك الطلق، وحالي طفلا يقلد ما يرى ويسمع، فألهو ملأ رغبتي، وأتمتع بما ترينه جميلا، أحس برغبة مطر أشوق تراب، حرقه صيف طويل. بعد ذلك اللقاء لا أخفي عليك، أنفتح لي أفقا آخر في بلسم وجوديتي، يرويه الخدر والتجلي.. وأنا الساحر البابلي الجوال، أجد النساء تزرع خطوي جنح ليل، تتنازعه حمحمات وتنهدات ولوعات وآهات، فأحس بانتصاري يلمع بين عينيك، فاشتهي صلوات صوت الجلالة في عيني إله متميز في نفسه.
لم أعر لنساء قبلك لمّا تفنن عشقا.. واشهرن ودا.. وكتمن سرا، بقيت عبثيا حتى حابني ضوءك الشفاف، يحتويني في كل خطوة أحس أنني انزلقت بها الى سابق عهدي. ليس سوى أنوثتك توقد في نفسي المشتهاة لجسد يلمع فوق ضوء، أنثر لمع خيوط الضحى، quot;أنا لهاquot; هكذا قال ليّ النداء، عندما وجدت نفسي مطاعة لسحرك الناعم الأنيق، أرتمي مولعا مأسورا بين فوح غاردينيا نهدين، اخذن يلمعن في بهجتي عصيانا وتمردا .. سمو التنهدات الموحية بدلالاتها ووحدانيتها العرفانية، حين تسري نحو سماء لها نفس راضية، تستهويه ملذات ليس في قاموسها حدودا أو قانونا، لا تخضع لطعن بوح بلاغة الأنوثة،هو سر يضيء هيئة امرأة، تفيض عزف أنثى تفضح ظمئها الطاعن في خيالها الطليق.. وتكتم.
ايتها الامرأة العفيفة تعالي نلغي الحدود ما بيني وبينك ونحسم.
ما كيّفَ لحنك وأغواك..؟ وما حسنَ عودك وطراك..؟ وما عسّلك وحلاك..؟ خذيني فلا في نفسي أبدا سواك.. ما أنا إلا قبلة تحاور فاك، وما أنا إلا عازفا على لحنك ورضاك.
اغفري لي.. وبوحي توتر مزاج هاج أجنحة هواك.. يشتم عبير شمام قد استوى وحان انفعاله.
كل الذي أستطيع قوله.. انكِ الواحدة من النساء الآتي يدخلن صومعة العقل ولا يخرجن منه بسهولة، صدقيني أيتها الوحيدة الوديعة الحزينة، نفسي مشدودة هناك وكأني لم أغادر مكان لقيانا، بقيت صامتا في نفسي حائرا في ذاتي، تأخذني الملامات تارة، وتارة تحطني نزاعات رغبتي إليك بلا حدود، فكم أتمنى أن تعودي لكي أَكحل ناظري برؤاك.. فقط أراك، لست أنانيا.. إنما هي براءة شهوة تلح ولم تتوقف، أن تشبعيها من خمرتك الموحية جلالة.
ما زلتِ تختالين أمامي فراشة تحوم حولي في طوفانها الأزلي، وأنا أدرس تلك المهارة الممزوجة بالكمال الأنثوي، والحزن يلف صمتك ببلاغة ممهورة بالنجع، ورغم أني لا أميل إلى صلاة الحزن، إلا أنني أحببته عليك، وكأنه شذا اطفي على وجهك هالة جمال حنونة، فتجديني أقدسه بطاعة ليس لها حدود، أو شأنا منحرفا أو خوفا لنوح آت.
ومشى دلالك الصامت الظريف ومشيت خلفه، وجدتك تمرحين بقدسية الأميرات، وحجابك الأناني ينزلق عن رأسك بهدوء ممل، شدني سريانه البطيء أليه، كم أتمنى في تلك اللحظات أن أفك رباطه وأخفيه دهرا، لأجعلك عارية الرقبة تسمو بجمالها الأسطوري، وأنا أشوق وأمعن النظر وأتمزق.. من حسن يسمو على لمع طغى، لا أقوى لأن أزيح ناظري، ودي أن أشبع رغبة محتارة تلوع وتلح وتشتكي، قبل لحظات كنت أتمتع في طيب وجهك فقط، وها أنا الآن راضيا محظوظا بكرم حجاب، كشف لي عن كنوز جمال لطيفٌ ناعمُ الجسمِ أمْلَسُ، وفتنة ممشوقة القد رشيقة الطرف، هو الفرح الذي أخذني عرفانا أن أقيم النظر وأعبد، ليس لأني لم أر رقاب نساء قبلك، لا.. فالكثير من نساء اوروبا عاريات الرقاب، وفي الحسن يتقدن، لا بل عاريات حتى النهود، ولكن لرقبتك سحر فواح لم أعتد عليه من قبل، ربما هي أنوثتك الطاعنة حسنا ملائكيا، يتوهج فتنةَ دلالٍ، أو لربما هي حشمتك التي يسري في قدسيتها صوت مقام الجلالة.
لا أخفيك سرا.. صرت أغار من ذلك الحجاب الكريم أحيانا واللئيم في أحايين أخرى، فهو يحتضن ويكتنز عطرك المنساب ندى، يتمتع في وجهك ورقبتك في رفضك ورضاك في رائحتك وأنفاسك، وغيرتي تلوب وتعيا.. تفيء فؤادا مأسورا بصبابة حرة، كيف لا.. وهذا الحجاب القماشة يتمتع بكل هذه النعمة.. وأنا المظلوم من لمسة تحاورها.. المحروم من شقاوة تخدرها، أليس هذا ظلما وحزنا يأسر نفسي البريئة!! وأنا أللا كذاب، أللا أزعر، سائح أبيع الحب لكل النساء، واشتري امرأة واحدة، أخاطبها الشعر تارة، وتارة نثرا مموسقا وأقول:
quot;الابتسامة ضعت بيها
العيون مكحله وخايف عليها
الشفايف طعم عنبر
الخدود رياحه تسحر
الكلب والروح حيرانه شبديه..quot;
لا علاج لي سوى الشعر، أعزف له على شفافية رشيقة الدهشة والغرابة والشيطنة والوقاحة، ألومه فشاديه وأشتكي إليه.. أعاتبه وأقتص منه، أبكي واتمرغث واسقط عاريا مهزوما ملاما في حضنه، ولومي مأسورا في تلك الرقبة الهيفاء الآخذة فتنة، المخبوزة سحر أنوثة زرعتني عقيق يمتص من نكهتها الرحيق، أُشادي طيفاً سقى الروح حيرة، وراح يروم جلالك عاشقا مهشما مسحورا مشبوكا مصادرا مصادا معذبا متوترا ملعونا برغبة لا تتحقق، ترى لم كل هذا الجوى..؟
يا مفتن النساء.