رغم المخاضات المرهقة والتحديات الصعبة لقوى الحرية في العراق وهي تكافح وتتحدى كل أهل الإرهاب ، والمشاكل الميدانية المرعبة التي جابهت تشكيل الحكومة الإنتقالية العراقية الجديدة إلا أن ماحصل من تشكيلات وزارية وإسناد مناصب إدارية لم يكن مجرد مفاجئات محزنة فقط، بقدر ماكان كوميديا سوداء وفانتازيا سياسية مذهلة، تجلت إحدى معالمها اليوم في ساحة السياسة الخارجية وفي العلاقات مع دولة الكويت تحديدا، وحيث أثار وزير النقل العراقي الجديد المدعو (سلام عودة المالكي) أزمة سياسية عابرة بين الكويت والعراق لاتتعلق أساسا بنشاط وزارته الفنية والعملية، وليس لها علاقة بإختصاصات (معاليه)!! وهي الإختصاصات التي أهلته لأن يكون وزيرا للنقل في عراق جديد كل مافيه يمشي زحفا حتى الآن! ونظرا لخبراته السابقة في تهريب البترول العراقي في الجنوب أيام كان نائبا لمحافظ البصرة السابق ثم يقوم (بنقل) أموال وعوائد التهريب مع الرفاق في الجمهورية الإسلامية المناضلة لجيب عصابة مقتدى الصدر وجيشه المهدوي أيام كان يتأهب لتخريب وحرق وإذلال مدينة (النجف) عبر معاركه البهلوانية والتي تشير كل المؤشرات الراهنة على أنها ستعود بحلة جديدة خلال الفترة المقبلة ! فلقد عاد الشيخ لصباه! وأظهر مقتدى رأسه مرة أخرى! وهو يتهيأ لامحالة لفتنة جديدة ستضاعف المشاكل المتهاطلة على رأس حكومة الدكتور الجعفري! فقد صرح وزير النقل الصدري الهمام (لافض فوه وهلك حاسدوه) وهو بالمناسبة يسمى في العراق (الطفل المعجزة)! لصحيفتي الحياة اللندنية والتآخي العراقية معلنا عن إطلاق سراح المتبقى من السجناء العراقيين في دولة الكويت ! وقد نسب مصدر تلك الرواية لمسؤول كويتي على مستوى رفيع!! موحيا بذلك أنه يملك كما هائلا من العلاقات الدبلوماسية والخاصة مع الجانب الكويتي وهو الأمر غير الصحيح بالمرة.. لأننا وغيرنا أيضا نعرف (البير وغطاه)!، ونعرف أن السيد المالكي ليس بالعير ولا النفير وسطوته على وكالة محافظة البصرة في غفلة من الزمن الأغبر لاتعني أن (الزرازير قد أصبحت شواهينا)!، المهم في الأمر إن تصريحات الوزير الخطير قد إتخذت أبعادا واسعة وحيث تجمع أهالي السجناء العراقيين على الحدود الكويتية ينتظرون عودة أبنائهم!! وهو الأمر الذي لم يحدث! لأنه ببساطة لم تكن هنالك أي أسس لتصريحات الوزير الصدري الذي يهرف بما لايعرف ! مما أثار حالة من البلبلة الشعبية ، كما أعرب الجانب الكويتي عن دهشته التامة من تلك الأنباء المفبركة على لسان وكيل وزارة الخارجية السيد خالد الجار الله الذي تساءل عن هوية المسؤول الكويتي الذي يقصده السيد المالكي!! وعما إذا كان شبحا أم حقيقة؟ ونحن نثني على أقوال السيد الوكيل ونقول إن السيد المالكي وبحكم إختصاصه الوظيفي الذي قفز إليه بطفرة وراثية مدهشة كانت من نتيجة عملية المحاصصة الطائفية وهي من عجائب الزمن العراقي الجديد، وحيث قفز السيد المالكي من مترجم بسيط في الجيش البريطاني في البصرة، وطرد من مهنته تلك لأسباب ذات علاقة بالتحرش بالجواري البريطانيات!! اللواتي طلبهن ذات مرة مكتب السيد مقتدى!!، ثم ليقفز بعد ذاك لمجلس محافظة البصرة لنراه نائبا لمحافظها السابق ويطلق تصريحه العنتري عن ( نيته وجماعته في جيش المهربين التابع لمقتدى بفصل الجنوب عن العراق)!!، وبعد مغامرات وعنتريات جيش (الحرامية المقتدويون) الذين دمروا بحماقاتهم مدينة النجف، نرى السيد سلام المالكي وزيرا في الحكومة العراقية وحاملا لحقيبة النقل فيها!! وهي نكتة عراقية سوداء ومخجلة أيضا!! ولا أدري وفق أي حق أو منطق يطلق المالكي تصريحات هلامية وغير مسؤولة وبعيدة كل البعد عن إختصاصه الوظيفي! إذ يبدو أن التهريب قد علمه الجرأة والخيال الواسع! فهو قد سطا على إختصاصات وزير الداخلية الأخ (بيان جبر)!! كما أنه قد هيمن على إختصاصات وزير الخارجية الكاكا ( هوشيار زيباري )!! فضلا عن سطوته على إختصاصات وعمل وزير حقوق الإنسان! فهل يطمح السيد سلام المالكي لمنصب الوزارة الأولى؟ وهل سنجده قريبا في ذلك الموقع؟ ولم لا فالمفاجآت السياسية في العراق تفوقت على أحلام العصافير! لقد عرقلت تحركات وتصريحات سلام عودة المالكي جهود قيادات وطنية وقانونية عراقية تتحرك حثيثا لحسم تلك الملفات الخاصة والتي تحمل طابعا سياسيا وسياديا وإنسانيا بالدرجة الأولى! كما أضر كثيرا بشكل ومصداقية وهيبة الحكومة العراقية الجديدة! وسيطرة سلام أفندي المالكي على القطارات (الخربانة) و(الباصات الكحيانة) بإعتباره وزيرا للنقل لاتعني أبدا أنه قد تحول لقائد دبلوماسي فذ أو لزعامة تاريخية يطمح لها! وأستطيع القول دون مواربة من أن السيد وزير النقل العراقي قد لجأ إلى إستغلال منصبه الرسمي لتصفية حساباته الشخصية مع مخالفيه! ولمحاولة الظهور بحجم ودور هو أكبر منه ومن إمكانياته بكثير! فقبل أسبوعين كان سلام المالكي في زيارة عمل لدمشق كان من المقرر أن تستمر ليومين ولكنه مدد الزيارة لأربعة أيام إختفى خلالها من الفندق وذهب بمعية عدد من رجال الأعمال السوريين ( كما علمنا من مصدر أمني سوري )!! ليمرر الصفقات والعقود لحسابه الخاص وهو الأمر الذي أتمنى من الجمعية الوطنية العراقية مناقشته ومساءلته! لقد تحولت المهزلة العراقية الدائرة فصولا متتالية لمحنة حقيقية في ظل الفشل الواضح في التعاطي الصميم مع أهم مبدأ من مباديء العمل الديمقراطي وهو وضع الرجل المناسب في المكان المناسب!! ولكن يبدو أن ( دنيا الزعاطيط ) لم تزل هي السائدة في العراق الجديد... فلاحول ولاقوة إلا بالله.
* الزعطوط : هي كلمة عراقية تعني الطفل الغر!وجمعها ( زعاطيط ) .. لذلك إقتضى التنويه












التعليقات