المشهد الممسرح الذي فبركته أجهزة أمن النظام السوري، وفي طليعتها فرع المخابرات الجوية، حول عائدية حادثة قتل العلامة الكردي، ورجل الدين المتنورالدكتور محمد معشوق الخزنوي، يتحدث في طياته وإستقراء خيوطه الأولى، عن ذلك الإصرار المخلص من لدن نظام الأجهزة الأمنية على إنتهاج البطش والبطش المفرط، طريقاً للتعامل مع السوريين لتأديبهم وإرجاعهم لطريق الصواب والطاعة و...ل"تكسير رأسهم" أيضاً!.وليسّ في لجوء جهابذة الأجهزة الأمنية ومٌسيروها من ديناصورات الأمن و"الإستقرار" في سورية، إلى الخطف والقتل ومن ثمّ اللجوء إلى المسرح للتمويه والضحك على الذقون( والتي هي حتماً ليست ذقوناً سورية،كما إنها لم تعد كذلك أميركية أو أوروبية...) ليسّ في هذا كله سوى مغزى واحد معبر وهو: الإصرار على سلوك ملك الغابة المعروف في الفتك والبطش ب"العدو" وتخويف النظام لمن تبقى في الميدان الحراكي ل"ضبضبة القطيع" بشكل تام، وأخيراً، وليسّ آخراً، إستعمال العصا الغليظة والضربات الإستباقية / الإجهاضية المميتة التي درجّ عليها لحماية هيكلية بنائه المهترئ. وهذا ماحصل بالضبط في حادثة قتل الشهيد الخزنوي وحوادث أخرى سبقتها...
والحال، ولكي يتم تفكيك وإرجاع كل "حادثة" أو مصدر "خطر" يواجه الدولة الأمنية السورية إلى دقائقها التكوينية، وكذلك الوقع والإستجابة الشعبية معّ ـ وكذلك رداً ـ على التصرف الأمني هذا أو ذاك، ليسّ ثمة من بد أن نرجع قليلاً بالفلاش باك الكردي للخلف، لإستقراء خلفية حادثة نحر رجل الدين العلماني، ومقدار "الخطر" الذي شكله هذا الإنسان المسالم على أمن دولة المخابرات. فالشيخ معشوق بدأ ،وبشكل خاص في الآونة الأخيرة، يٌزيد من نشاطاته التنظيرية وكذلك الميدانية، ويٌصعد من لهجته المٌجاهرة بمطالبة السلطات السورية بحل القضية الكردية في سورية والتعامل مع الشعب الكردي بشكل أكثر إنسانية وتحضراً.ونظراً لمكانة الشيخ العائلية، كونه ينتمي لعائلة الخزنوي الصوفية الذائعة الصيت في كردستان، والتي إنتهجت خطاً دينياً إبتعد ـ وكذلك أبعدّ الكثيرين ـ عن الخط القومي الناهض في عرض البلاد الكردية في تركيا، العراق و سوريا سواء بسواء، فإنّ تحركات الشيخ الميدانية وخارطة نشاطاته السياسية بتفرعاتها الداخلية: كردياً وسورياً، ومن ثمّ أوروبياً، بوصفه أحد الإسلاميين القلائل الذينّ دعّوا لفصل الإسلام كدين وممارسات طقوسية ويقينية يومية، عن السياسة ولعبة الحاكم والمحكوم الجدلية المحمومة تلك، سلطت الأضواء الكاشفة عليه، ومهدت لجردة حساب بحقه، كلفته لاحقاً حياته.
وقد كانت للشيخ علاقات واسعة ونامية مع جهات دبلوماسية أوروبية نافذة من جهة متابعة ملف الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، وبشكل خاص الدول الإسكندنافية. وهي تحركات وعلاقات ماكانت بخافية عن أعين العنكبوت المخابراتي السوري.
إذن، إنّ المخابرات السورية ومراكز "التحليل" ومتابعة المعلومات، الساهرة على إلتقاط ـ ومن ثم لاحقاً ـ وأد أية محاولة قد تشكل خطراً على بنية ومنظومة النظام السوري المعقدة، قد رصدت تحركات الخزنوي هذه، فسجلت عليه كل شيء، ومن ثم قرّرت، وربما بالإجماع، التخلص منه في ضربة إستباقية إجهاضية تريحّها من "الخطر" المستقبلي الذي قد يشكله هذا الرجل/المشروع. وثمّة أسباب أربعة، في أعتقادنا،جعلت من مراكز البطش في الأجهزة الأمنية السورية تصدر أمر تصفية الرجل، وهي:
أولاً: تنامي الدور الكردي في المعارضة السورية الداخلية والخارجية، وقد تصاعدّ وإرتقى هذا الدور وأخذّ حجمه الحقيقي بعد إنتفاضة الثاني عشر من آذار 2004 والتي وقفت الجماهير الكردية في المناطق الكردية، ولأول مرة، في مواجهة السلطة القمعية، متحدية أجهزة مخابراتها ومحطمة كذلك جدار الخوف الرهابي من البطش الأمني، ومنهية نظرية"شرطي واحد يستطيع تدمير منطقة الجزيرة السورية" الذائعة الصيت،والتي روجّ لها بعض "أقطاب" الفعل السياسي الكردي الرسمي طيلة عقود طويلة.
ورغمّ ضعف الحركة السياسية الكردية وتشرذم فصائلها وتناحرها الدائم،إلا إنّها تشكل مقارنة مع نظيرتها العربية، قوة لابأس بها في وجه السلطة القامعة.ولعلّ وجود جالية كردية منظمة في الخارج(بينها عدد جيد من الكوادر والمثقفين المتنورين) تقوم بالمظاهرات والأنشطة الدعائية الفاضحة لممارسات النظام السوري وأجهزة أمنه ضد الكرد، ٌيزيد من قوة ورقة الضغط الكردية، وقد شاهدنا كيف خرجت المظاهرات الكردية في الكثيرمن العواصم الأوروبية للتنديد بقمع السلطات السورية للعزل في قامشلو 12 آذار 2004 و6 حزيران 2005، بل تخطى الفعل الإحتجاجي الكردي ذلك ليتطور إلى عمليات إقتحام للسفارت السورية في كل من بروكسل وجنيف وفيينا، ورفع علم كردستان فوقها، في ردة فعل على قتل وجرح المخابرات السورية للشباب الكرد في قامشلو وبقية مدن وقرى كردستان سورية. وقد تأكدت المخابرات السورية من سعي الشهيد الشيخ للتقرب بين مجموع فئات هذه الحركة، وتأطيرها في موقف ميداني وتنظيري موحد، يصبح هو محورها ونقطة إلتقاء وإحترم أغلب قواها وقياداتها..وشكلّ زيارة الشيخ الأخيرة لأوروبا والتي إلتقى فيها بالكثير من الفعاليات الكردية(الحزبية وغير الحزبية) وٌنظمت له المحاضرات التي جاهرّ فيها بشكل شجاع بتأييده لحقوق شعبه الكردي( والتي إنطلق منها للمجاهرة بحق الأمة الكردية في الإستقلال وتقرير مصيرها إسوة ببقية الأمم الإسلامية)، كما كان لظهوره في الفضائية الكردية (روج تفي) وإطلاله على الجماهير الكردية الواسعة في كل من كردستان تركيا وإيران والعراق،أبلغّ الأثر في إستصدار قرار تصفيته، لشجاعته اللامتناهية في القول والفصل خلال عرضه للحال الكردية، وأذكرٌ شخصياً كيف إنهالت عشرات المكالمات الهاتفية من شمالي كردستان(كردستان تركيا) لتحية الشيخ وطلب المزيد من اللقاءات التلفزيونية معه.كمّا إلتقى الشيخ الراحل مع رئيس مؤتمر الشعب الكردستاني السيد زبير آيدار وتركّ إنطباعاً لاينسى في نفس الأخير بدت بعض ملامحه في برقية العزاء التي أبرقها لذوي الفقيد الخزنوي...
ثانياً: الدورالإجتهادي للشيخ في تفسير وتقديم الإسلام، وتضادد كل ذلك مع المد الإسلاموي السياسي الناهض حالياً في المنطقة والعالم: المسبب الأول المسؤول عن كل هذا الإرهاب الدامي.لقد كانّ الشيخ الدكتور ذو منهج إصلاحي معتدل ووسطي نادر.وكان لايداري مجاهرته في إنتقاد العمليات الإرهابية الحادثة الآن في الكثير من بلاد المسلمين، وبشكل خاص في العراق.وكانت له مواقف وآراء واضحة جد متسامحة فيما يخص مسألة التعامل مع الآخر، الغير مسلم،جاهرّ ببعضها في الحلقة الثانية من برنامج (الرأي) الذي حاوره فيها الزميل نواف خليل.ولعلّ دعوته من قبل مؤسسات أوروبية للحوار بين الأديان وعلاقاته الطيبة مع جهات حكومية رسمية في أوروبا، وبشكل خاص في الدول الإسكندنافية يوثق بعضاً من جوانب دوره التنويري في منطقة تعج بالغلو ودعاة التطرف ومٌطلقيّ فتاوي الكره والصدام هنا وهناك. وكانّ دور الشيخ هذا لايرضي السلطات السورية، والتي أصبحت ومنذ مدة تجاري الإتجاه الإصولي الدعوي لتعبئة الشارع السوري وتهييجه ضد القوى الغربية والولايات المتحدة وبشكل خاص بعدّ تحرير العراق وصدور(مشروع الشرق الأوسط الكبير)، وشحن المقاتلين السوريين إلى حيث "الجهاد والرباط" في العراق،عبرّ وسطاء دعويين وخطباء مساجد في مدن حماة وحمص وحلب ودمشق السنيّة.
ثالثاُ: إحتمال تأهيل الشيخ مستقبلاً ليصبح شخصية كردية نافذة تستقطب حولها جميع الوان الطيف الكردي،السياسي والإجتماعي وحتى الديني.فالساحة الكردية السورية تفتقر لوجود شخصيات كاريزمية تؤثر في الشارع وتقدرعلى تحريكه وقيادته القيادة المؤثرة. والشيخ الذي جمعّ في شخصه عراقة النسب العائلي والعلم الديني والسمعة الوطنية الطيبة والحس القومي العالي،كان مؤهلاً لقيادة مثل هذا الدور،لابل ونكاد نجزم إنه كان يسعى للعب مثل هذا الدور في مستقبل قريب مدركاً طبعاً لحجم الأخطار التي كانت تحيق به،وهو الطالب لحق مغتصب في بلاد تسيطرعليها مجموعة مافيات أمنية/تجارية لاترعوي عن البطش بكل من تعتقد إنه يهدد مصالحها وحالة "الإستقرار" التي وطدتها في البلاد طيلة عشرات السنين من عمر حكمها القمعي الشمولي.
حيث كان الشيخ ينادي علانية الكرد للإستفادة من العامل الديني في سبيل الوصول إلى حقوقهم المغتصبة، وإنّ "دين المرء لايكتمل مادامت له حقوق إنسانية مٌصادرة"، وتبدى ذلك عياناً في قوله أثناء حضوره حفل عيد النوروز الماضي الذي أقامه حزب الإتحاد الديمقراطي في قامشلو"إنني لاأجد أي تعارض بين الإسلام والقومية الكردية، فالإسلام لايعارض القومية، وإنّ كنتم تجدون من ثمة تعارض حاضر، فإنني أقول سأقف في صفكم ومعكم، مادم الحال هكذا"... وكانّت هذه الجرأة والشجاعة أيضاً جزءاً من السبب الذي أدى لإختطافه، ومن ثمّ نحره بتلك الطريقة الجبانة...
رابعاً: البعد الإقليمي، لايخفى دور الدولة التركية في محاربة الشعب الكردي والقوى السياسية والشخصيات الكردية، وبٌعيد إستسلام النظام السوري للإرادة العسكرية التركية بتنازله عن لواء الإسكندرونة "السليب" وتوقيعه لإتفاقية أضنة الأمنية( وهو الإتفاق المبهم النقاط للمواطن السوري للأن) والذي تنازل بموجبه عن كل أوراق الضغط السورية الإستراتيجية. ومن ثم رضوخه لمشيئة أنقرة في مسألة مياه نهري دجلة والفرات، وتسليمه لأعضاء (مؤتمر الشعب الكردستاني) للسجون التركية، بٌعيد كل هذه الخطوات والتنازلات المجانية من قبل النظام السوري، قويّت شوكة التدخل التركي في الشأن السوري الداخلي(معّ طغيان نبرة اللامبالاة والإحتقار في الخطابين الشعبي والرسمي: ومن ذلك تصريحات وزير الخارجية التركي عبدالله غول الأخيرة حينما نفى وجود علاقات قوية معّ النظام السوري، والذي وصفه بالديكتاتور، قاتل 80 ألف إنسان في حماة!)، حيث بدأت تركيا في مراقبة تحركات أكراد سورية التي تقوت بعد تحرير العراق وتصاعّد دور الكرد العراقيين هناك من جهة المشاركة في تسيّيرالدولة العراقية وصنع القرار في المركز.
فأثناء الإنتفاضة الكردية في قامشلو عقد مجلس الأمن القومي التركي جلسة طارئة لمتابعة التحرك الكردي الشعبي في سورية، حيث شكلّت لجنة على عجل لتقديم المعلومات للجانب العسكري السوري(وكأن الأمر مواجهة عسكرية بين دولتين، وليسّ هبة شعبية قامّ بها جزء من الشعب السوري للمطالبة بالديمقراطية والمساواة) وسربت الصحافة التركية أخبار المواجهات و"التحضيرات" الكردية المرتبطة بالخارج، كعادتها في فبركة الأخبار وإنتهاج الإسلوب اللاأخلاقي في صنع ونقل المادة الخبرية. وقالّ رئيس الوزراء التركي رجب طيب أرودغان حينها،إنّ الخطوط الهاتفية التركية المستعملة في المناطق الكردية السورية الحدودية شهدت إتصالات كثيفة وبشكل خاص من أكراد المهجر، ملمحاً لوجود أمر مدبر أو "خطة خارجية" معدة سلفاً لإحداث تدخل ما في سورية، للإيقاع بين الحكومة السورية وأكراد"ها".
والحال، إنّ المخابرات التركية(الميت) كانت تتابعّ تحركات الشيخ الخزنوي أول بأول، ملاحظة خروجه عن الخط العتيق للعائلة الخزنوية المهادنة والمبتعدة عن الهم القومي الكردي: في خطها التاريخي العريض...
وليسّ من المستبعد أن تكون قد أعلمت السلطات السورية بتحركات الشيخ ولقائاته وبشكل خاص في أوروبا،بحيث صدقّ النظام السوري هذه المعلومات وتعاملّ معها المعاملة السيئة تلك(والغريب أن مؤتمر حزب البعث الحاكم الأخير قد أثبت في جملة قرارته توصية بتقوية العلاقات مع كل من إيران وتركيا!).
والخلاصة،إنّ عملية إغتيال الشهيد الخزنوي تندرج في جملة الأخطاء البنيوية الكبرى التي درجّ النظام السوري على إرتكابها منذ وفاة الرئيس الراحل حافظ الأسد. فمن التعاون والإنفتاح التجاري/المافيوي مع النظام العراقي البائد، رغم تحذيرات الأمم المتحدة والدول الغربية، وإستقبال قيادته المجرمة على رؤوس الأشهاد بدون خجل أو وجل،إلىّ دعم المنظمات الفلسطينية المناهضة للسلام وتقوية خطها المتشدد المتصلب حيال عملية التسوية الفلسطينية ـ الإسرائيلية، مروراً طبعاً بدعم الإرهاب في العراق وإرسال المقاتلين السوريين و الأجانب لقتل العراقيين وعرقلة العملية البنائية/الديمقراطية في البلاد، وليسّ إنتهائاً بقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري والصحافي المعارض سمير قصير ومتابعة التدخل الفظ في الشأن اللبناني رغم الإنسحاب المذل منه تحت وطئة قرار دولي مٌجمع عليه وبتلويح من العصا الأميركية المباركة تلك.هذه الأخطاء الكبرى ماكانت لترتكب لو وجدت سياسة واضحة ومتزنة لدى القيادة السورية(هل ثمّة قيادة سورية حقاً؟) وإنتهاج الطريق الإصلاحي، ولو بالحد الأدنى من التحرك والفاعلية الإصلاحية، وما إرتكاب جريمة قتل العلامة الخزنوي والقمع المنقطع النظير للكرد السوريين وتغذية المشاعر المعادية في صفوف المواطنين العرب وشحنهم ضد أبناء وطنهم الكرد إلا متابعة عمياء لهذه السياسة الخاطئة والكارثية،فهل من مصلحة النظام السوري، ببنيته المعقدة والمركبة الحالية، أنّ يٌعادي الشعب الكردي، القوة الرئيسية في المعارضة الديمقراطية والقومية الثانية في البلاد؟.
إنّ إرتكاب هذه الجريمة سيجلب مزيداً من التداعيات على الساحة السورية الداخلية، وإذا كانّ الرئيس السوري بشار الأسد قد رممّ بعضاً من "جدارالثقة" المتداعي بين حكمه والكرد بٌعيد إنتفاضة قامشلو، بتصريحه المشهور ذاك لقناة الجزيرة الفضائية في 1/5/2004 والذي قالّ فيه" إنّ الكرد جزء رئيسي من تاريخ ونسيج المجتمع السوري، وإنه لاعلاقة لجهات خارجية بحوادث القامشلي" فإن إختطاف وإغتيال الشخصية الكردية المعروفة وذات المكانة الكبيرة لدى الشعب الكردي العلامة معشوق الخزنوي، قد قطع كل حبال الثقة وأتى على البقية الباقية منها (والتي كانت بدورها على قاعدة اللي بتعرفوا أحسن من اللي بتتعرف عليه، المعروفة) بين الكرد والنظام السوري. وهي أقرب إلى خطأ التخلص من الحريري، الذي أفضى إلى طرد السوريين من لبنان وإيقاعهم في أزمة كبيرة لم تنتهي تداعياتها بعد، ولانظنها تنتهي في الوقت القريب، مادامت لجنة التحقيق الدولية لم تقل كلمتها الأخيرة الفصل بعد...
لقد أدانت منظمة العفو الدولية حادثة مقتل الخزنوي وحملّت النظام السوري المسؤولية عن ذلك، كمّا ادانّ أبناء الشيخ الخزنوي في بيان لهم، السلطات وحملوها المسؤولية المباشرة عن مقتل والدهم، رافضين تماماً السيناريو الذي فبركته المخابرات السورية للتبرأ من دم الرجل، وتحدثوا عن حدس الشيخ بنهايته المتوقعة على يد أجهزة الأمن الآثمة، وشجاعته المتأتية من إيمان عميق وصاف بالقضاء والقدر لمواجهة مثل هذا المصير...
بقي أنّ نقول، إنّ موقف المعارضة العربية كان متخاذلاً، ولم يتعد، في بعض أوجهه، عن بيانات إستنكارية غلبّت عليها إنشاءات "الوحدة الوطنية" المعروفة تلك. بينما يمكننا وصف موقف رجال الدين العرب والكثير من الكرد أيضاً، أصدقاء الفقيد الخزنوي، بالتواطئ والسكوت ـ عن سبق إصرار وترصد ـ عن الحق، بينما كانّ موقف عائلة الخزنوي، وخصوصاً راعي الطريقة الشيخ محمد بن عزالدين ضبابياً، لم يتعدى نفي الإتهامات الحكومية له بقتل أخيه، والإنزواء بعيداً بعد ذلك، دونّ قول (كلمة الحق) التي يتشدق بها كثيراً وخصوصاً إذ ما كان الحديث عن فترة جهاد النبي محمد ضد خصومه، أو قتال المسلمين في بلاد البلقان والشيشان والسند البعيدة، لكنه أختارّ صمت القبور حينما تعلق الأمر "بشريان رقبته" الأخ الشهيد، المجاهد: قولاً وفعلاً. وهذا هو،إجمالاً،عينٌ النفاق لعمري.
ونكتفي بهذا، لأن ما أوردناه، حتى الحين، كاف لما أردناه...
صحافي كردي مقيم في ألمانيا
التعليقات