عندما كتبت عن كيف ان اسرائيل اكثر ديموقراطية من كل الدول العربية، فوجئت ان معظم التعليقات اتت تؤيد هذا الرأي.
وتواصلا مع ما كتبت، ازيد هنا وأقول اسمحوا لي ان اقدم عزائي، الأخير، للشعب الفلسطيني. واسمحوا لي ان اهنئ اسرائيل.
اهنئ اسرائيل، لأني اليوم ادركت انها انتصرت علينا دون حرب، ودون ان تعلم هي بذلك. هو ليس انتصارا عسكريا، بل انسانيا. فالذاكرة العربية المرقعة بالهزائم ماتت الانسانية فيها، فما عادت تفكر بأحد، لا بالشعب الفلسطيني ولا بغيره. ولتفعل اسرائيل ما شائت بالفلسطينيين: تقتلهم، ترميهم الى البحر، تطلق عليهم النابالم، لتفعل ما شاءت، فنحن العرب ما عادت لنا علاقة بالموضوع اطلاقا، طالما الاسهم مرتفعة، وبورصة الجنس منتعشة، والبلاك ليبل في كل مكان.
ذات يوم تحدثت مع مجموعة من المثقفين العرب، عن الاوضاع في فلسطين. نصف المجتمعين قالوا ان الحق على الفلسطينيين، فهم من خان قضيتهم وما اخلصوا لها منذ البداية!
وفي يوم تال تحدثت مع مجموعة من رجال الاعمال، عن نفس الموضوع. اكثر من نصفهم قال الشيء نفسه، ثم انصرفوا يسألون عن اسعار العملات والنساء!
وفي يوم ثالث، تحدثت مع مجموعة من الصعاليك.عن نفس الموضوع. اكثر من نصفهم تعاطف مع فلسطين، والنصف الآخر كان يفكر فيما سيأكل على العشاء!
القاسم المشترك بين المجموعات الثلاثة ان نصفهم فقط، بات يتحدث عن فلسطين، ونصف هذا النصف يتعاطف مع الفلسطينيين، ولا اعلم مع من يتعاطف النصف الثاني؟
ليت صوتي يصل الى اسرائيل لأقول لها quot;لقد انتصرت بلا حربquot; فلا تنفقي الكثير من الاموال على شراء الاسحلة، فلن يقاتلك منا احد.
نحن العرب ما عدنا نريد قتالا، ليس لأننا مسالمون او خائفون من الهزيمة، بل لأننا لا نريد ان نقاتل من اجل غيرنا ولو كانت هناك الف جنة تنتظرنا.
ليت صوتي يصل الىاسرائيل لأقول لها quot;نحن آسفونquot;، على سوء تقديرنا لأخلاقيات سياستك، التي تفضلت على الفلسطينيين بشيء من أرض. فوالله لو ما حصل الفلسطينيون سوى على كيلو متر واحد فقط يتكوموا عليه، ما اعترضنا بكلمة، ولا سألنا.
ليت صوتي يصل الى اسرائيل لأسألها بأدب مكسور: هل تقبلين بمنح الفلسطينيين حقوق المواطنة تحت نجمة داوود؟
وليت صوتي يصل الى كل الفلسطينيين لأقول لهم، لا تستغربوا اليوم ان تركناكم، فما عاد امركم يهمنا. ولا تنتظرونا طويلا او قليلا، فقد نسيناكم. اقبلوا ان تصبحوا مواطنين اسرائيليين، واقبلوا بجنسية تفتح امامكم ابواب العالم كله، لا وثيقة سفر تحرمكم من الدخول الى افقر بلد عربي.
سيحقق الفلسطينيون الكثير مع اليهود لو تعايشوا معا بسلام. ولن يحققوا شيئا واحدا مع العرب.
وان صدق القول ان عدو عاقل خير من صديق جاهل، فعلى الفلسطينيين ان يكونوا مع العقلاء.. ويكونوا هم انفسهم عقلاء.
بالامس كانت فلسطين مجرد سطر في جدول اعمال اي قمة عربية.
اليوم هي مجرد كلمة.
وفي الغد بقايا كلمة.
ليبحث الفلسطينيون عن الحل في تل أبيب او واشنطن.
اما العواصم العربية، فمشغولة مشغولة.. بأسعار الاسهم والنساء.

هاني نقشبندي