أصبح التهجّم على رسول الإسلام وعلى المقدسّات الإسلامية سمة لبعض الحاقدين على الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية في الغرب ، علما أنّ العديد من المفكرين الغربيين ما فتئوا يعلنون أنّ أعظم الرسل على وجه الإطلاق هو محمّد بن عبد الله ndash; ص -.
وفي سابقة خطيرة هي الأولى من نوعها في هولندا قامت نائبة هولنديّة من أصل صومالي بسبّ رسول الإسلام ndash; ص ndash; وتنتمي هذه النائبة الصوماليّة إلى حزب الشعب من أجل الحرية والديموقراطية الهولندي.
وكانت النائبة الهولنديّة حرسي علي قد أدلت بتصريحات صحفيّة مثيرة لجريدة هولنديّة وصفت فيها رسول الإسلام والدين الإسلامي بأخسّ النعوت والتي لا تليق مطلقا برسول علمّ البشريّة أسمى المبادئ.
وكانت حرسي علي من خلال هذه التصريحات تهدف إلى كسب تأييد الهولنديين وإستثمار هذا السبّ في الإنتخابات العامة الهولندية.
وأرادت حرسي علي العزف على الوتر الذي يأنس إليه الغربيون، حيث صرحّت أنّ رسول الإسلام حارب المرأة وحرمها من العمل والخروج من بيتها.
وفي كل لقاءاتها التلفزيونيّة كانت تتهم الإسلام بأخسّ النعوت، وقد رأى المراقبون في هذه التصريحات وتقلها بسرعة البرق في وسائل الإعلام الهولندية بأنّ اليمين الهولندي يريد أن يفتح معركة مع الجالية المسلمة في هولندا، وكثيرا ما يختفي اليمين الغربي عموما بأشخاص من أصول عربية ومسلمة ليهاجم من خلالهم الحضارة الإسلامية، ليقال هذه الحرب على الإسلام يقف وراءها ناس قدموا من الجغرافيا الإسلامية ويدينون بالإسلام على شاكلة سلمان رشدي وتسليمة نسرين وحرسي علي ومئات آخرين.
وقد أبدت الجالية العربية والمسلمة عبر ممثليها في هولندا إستياءهم الشديد من تصريحات حرسي علي وقرروا إيصال المسألة إلى أعلى المستويات في هولندا حتى لا يصبح رسول الإسلام الذي علمّ البشرية أروع المبادئ على ألسنة الباحثين عن موقع سياسي هنا وجائزة أدبية هناك وحفنة من الدولارات هنالك.
و لا يكاد يمرّ يوم في الغرب إلاّ وتتحفنا الصحف الغربية في كل البلاد الأوروبية بمقالات وتصريحات مضادة للإسلام ورسول الإسلام محمد بن عبد الله ndash; ص ndash; ولم يعد التهجم على الإسلام في الغرب حكرا على الملوك ورجال السياسة والقرار ورؤساء الأحزاب الدينية بل باتت كل طبقات المجتمع الغربي تشترك في نعت الإسلام بأخس النعوت، ومن قبيل ذلك ما صرّح به الكاهن والواعظ السويدي رينار سوغارد Runar Souml;gaard زوج أشهر مطربة في السويد كارولا ، لجريدة أفتون بلادت وقد وصف سوغارد رسول الإسلام بأنّه مرتبك للغاية ومزواج ويحبّ النساء وخصوصا الصغيرات منهنّ حيث تزوج بفتاة لم يتعد عمرها تسع سنوات، كما خصّ سوغارد الإسلام بأوصاف قبيحة . كما قال سوغارد لجريدة أفتون بلادت Aftonbladet أنّ كتب التاريخ تحدثنا عن شخصية محمد المرتبكة وهي نفسها التي تشير إلى حبّه للفتيات الصغيرات وولهه بهنّ.
و يقول في تصريحه بالحرف : محمد، الله ليس ربّا مطلقا، و قد أورد سوغارد كلمة الله بصيغته العربية و كما يتلفظها المسلمون.
هذا وقد نشرت جريدة أفتون بلادت الذائعة الصيت في السويد تصريحاته بالعنوان العريض : سوغارد يتهجم على الإسلام، وفور صدور هذه التصريحات من شخصية مشهورة في السويدي حيث لسوغارد حضور إعلامي كبير في السويد ودول شمال العالم، بادرت المؤسسات الإسلامية إلى التنديد بهذه التصريحات حيث نددّ عبد الحقّ جيلان المسلم السويدي ورئيس جمعية إسلامية في السويد بهذه التصريحات التي لا تستند إلى واقع كما قال جيلان.
أما رئيس المجلس السويدي للأئمة فقد إتصل بالجريدة المذكورة ونددّ بهذه التصريحات، و طالب المؤسسات الإسلامية بالقيام بواجب النصرة خصوصا وأنّ القوانين السويدية تكفل حرية الأديان وتمنع المساس بأي دين معترف به في السويد.
للإشارة فإنهّا ليست المرة الأولى التي يتمّ فيه التهجم على الإسلام في السويد حيث سبق لبعض القساوسة و السياسيين و الأحزاب التهجم على الإسلام، و تحديدا الحزب الديموقراطي النازي الجديد المحظور في السويد والذي لديه صفحة في شبكة المعلوماتية و فيها العديد من التصريحات المضادة للإسلام.
و في النرويج فعلى الرغم من أنّ الإسلام يعتبر الديانة الثانية في النرويج التي يقوم أساسها الدستوري على مجتمع متعددّ الثقافات وعلى الرغم من أنّ القوانين النرويجية تقرّ مبدأ حرية التدين و المعتقد وتحظر التمييز ضدّ الديانات أو المعتقدات والأقليات إلاّ أنّ رئيس حزب التقدم المسيحي النرويجي كارلي هاغين المعادي للعرب والمسلمين قد تجاوز كل الخطوط الحمر وراح يتهجّم علانية على رسول الإسلام الذي في نظره يجبر الأطفال على قتل الآخرين لأسلمة العالم، وعلى الرغم من الإتصالات المتكررة بحزبه الذي يأتي في المرتبة الثالثة في ترتيب الأحزاب النرويجية و المتحالف مع أحزاب اليمين النرويجي من قبل المهاجرين المسلمين وحتى بعض البعثات الديبلوماسية العربية و الإسلامية في العاصمة النرويجية أوسلو إلاّ أنّه واصل التهجم على رسول الإسلام وبشكل علني وهو مؤشّر على أنّ هذا الحزب والمدعوم من قبل أحزاب اليمين النرويجي بدأ يخرم حتى القوانين المتفق عليها في النرويج والتي تحظر التهجّم على الأديان. وفي هذا السيّاق قام سفراء خمس دول إسلامية بالتنديد بماقام به كارلي هاغين وهو الأمر الذي تسببّ في إثارة مشاعر المسلمين في النرويج كون هذه التصريحات طاولت رسول الإسلام محمد بن عبد الله وبشكل مباشر وعلني وصريح.
ورأى سفراء مصر وتونس والمغرب وباكستان وإندونيسيا- في رسالة نشرتها صحيفة أفتون بوستن Aftonposten المحافظة- أن هاغين لم يوجه فقط إهانة إلى 1،3 مليار مسلم في العالم وإنما انتهك مبدأ التسامح والتفاهم والحرية الثقافية التي يرتكز عليها المجتمع النرويجي وخرم أيضا نظرية مجتمع متعدد الثقافات والأفكار والديانات التي تقوم عليها.المنظومة الإجتماعية و السياسية في النرويج.
وللإشارة فإنّ كارلي هاغين وفي إجتماع موسع جرى في النرويج دعت إليه جمعية الكلمة الحيّة في في محافظة برغن النرويجية قال مستشهدا بقول المسيح
quot; دعوا الأطفال الصغار يأتون عنديquot; ثم أضاف كارلي هاغين quot; أنا لا أعرف قولا مشابها لمحمد، فهو قال دعوا الأطفال يأتوا إلي لكي أستطيع إستخدامهم في الحرب لأسلمة العالمquot;. وهو الأمر الذي علقّ عليه بإسم الرابطة الإسلامية في النرويج زاهد مختار حين قال أن كلام هاغين يظهر مدى جهله بالإسلام، فالرسول الكريم محمد تحدث كثيرا عن الأطفال وإذا أراد هاغين معرفة وتعلم ذلك فليتفضل بزيارتنا أو زيارة أي مسجد في النرويج. وقد أستنكرت وزيرة التنمية المحلية والبلديات النرويجية آرنا سولبارغ هذه التصريحات وأعتبرت أنّ وصف المسلمين بالإرهابيين غير مقبول بتاتا. وقد إحتجت المراكز والجمعيات الإسلامية على هذه التصريحات العنصرية ضدّ المسلمين ونبيّ الإسلام محمد بن عبد الله ndash; ص-.
والحملة الشرسة على الإسلام ومقدساته في الدانمارك والنرويج وغيرها من البلدان الغربية لم تنطلق بشكل مفاجئ من خلال رسومات مهينة لنبينا الحبيب محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام والتي كانت وراءها جريدة يولاند بوستن الدانماركية، بل إنّ الحملة على هوية المسلمين و حضارتهم و ثقافتهم ترتبط بمشروع متكامل في الجغرافيا الغربية وهذا المشروع على تماس مؤكّد مع الإستراتيجية الأمريكو-صهيونية..
وتأتي هذه الغارة الكبرى على ثقافة المسلمين و مقدساتهم لتتممّ الهجمة العسكرية الأمريكية على جغرافيا واسعة من العالم الإسلامي وإذا كانت الهجمة العسكرية الأمريكية تستهدف الجغرافيا فإنّ الغارة الغربية الأوروبية و الصهيونية تستهدف الحضارة الإسلامية و التاريخ والهوية و الإنتماء..
و قد شهدت الجغرافيا الغربية العديد من الإهانات التي وجهت للإسلام عبر الإعلام و المسرح و التصريحات السياسية و المواقف الحزبية، وقد إنطلقت هذه التصريحات والمواقف في وقت واحد في شمال أوروبا كما في جنوبها الأمر الذي يؤكّد وجود مشروع حيوي يستهدف الوجود الإسلامي في الخارطة الأوروبية، وقد تكرسّ هذا التوجّه بعد الحادي عشر من أيلول ndash; سبتمبر، وبعد نشر الإتحاد الأوروبي لإستطلاعه الموسّع والذي إعترف فيه الأوروبيون بأنّ أخطر دولة على السلام العالمي هي الدولة العبريّة..
وقد لوحظ بعد هذا الإستطلاع نشاط ساخن للسفارات الإسرائيلية في العواصم الغربية لقلب الصورة و جعل المسلمين الأخطر على السلام العالمي بدل الصهاينة.
لقد دخلت وسائل الإعلام الغربية و المملوكة في مجملها ليهود غربيين والذين نعرفهم بأسمائهم وتاريخهم في حالة طوارئ، وبشكل سريع ظهرت مئات الكتب والمقالات والدراسات والبرامج الوثائقية المصورة و التي تحمل في مجملها على الإسلام و تعتبر الخطر الأخضر أشد خطرا من الخطر الأحمر و أنّ على الغرب أن يتصدى لهذا الخطر، وقد شكلّ وصول حركة حماس إلى الحكم في فلسطين المحتلة حافزا لتصعيد هذه المواجهة وبداية وصف الإسلام بالأحادية و وأد الرأي الآخر و تكميم الأفواه و ما إلى ذلك من النعوت التي نعتت بها الحضارة الإسلامية في الغرب.
أما إنطلاق هذه الحملة في الدانمارك وبالتالي في شمال العالم على وجه التحديد، فالمسألة كانت في نظري مقصودة، فدول شمال أوروبا النرويج و الدانمارك والسويد و فنلندا و إيسلندا لم تدخل في صراع تاريخي مع العالم الإسلامي ولا توجد لهذه الدول إرث إستعماري في العالم الإسلامي كما لفرنسا و بريطانيا وإيطاليا و إسبانيا و أمريكا وبلجيكا وهولندا والبرتغال، و هذا ما أهلهّا أن تمنح بعض الحرية للمسلمين والتي قد لا تتوفرّ لأقرانهم في الدول ذات الإرث الإستعماري، وقد ركزّت بعض الدراسات الإسرائيلية على ضرورة ضرب الوجود الإسلامي في هذه المناطق، وجرى التحريض على هذا الوجود خصوصا عندما وصل اليمين المحافظ إلى الحكم في الدانمارك وقبول قادته الإنصياع بالمطلق للسياسة الأمريكية، حيث أصبح رئيس وزراء الدانمارك راسموسين شبيها برئيس وزراء بريطانيا توني بلير الذي وصفته بعض الصحف البريطانية بكلب بوش، و بدأت السياسة الدانماركيّة تتحركّ في خطّ مواز للسياسة الأمريكية، ومعروف أنّ دانمارك اليمين المحافظ أرسلت جيشها وطائراتها المقاتلة إلى أفغانستان و إلى العراق رغم الحيادية القانونية الموجودة في الدستور الدانماركي..
وللإشارة فإنّ القس السويدي رونارد سوغارد والذي إتهمّ الرسول محمد ndash;ص- في عظة يوم أحد في السويد بأنّه مزواج ويحب الفتيات الصغيرات و التي نشرت جريدة أفتون بلادت الشهيرة في السويد تصريحاته، تلقى الضوء الأخضر بإطلاق هذه التصريحات من الكنيسة الإنجيلية المحافظة ndash; التابعة للمحافظين الجدد - في كاليفورنيا في أمريكا، وقد كان ذلك قبل إهانات يولاند بوستن لرسولنا الحبيب ndash; ص- بشهور..
وفيما يتعلق بالموقف الأوروبي من القضية فإنّ أوروبا التي حاولت مبدئيّا الدفاع عن الدانمارك، بدأت تنأى بنفسها عن الدانمارك وخصوصا بعد الضربات القاصمة و الموجعة للإقتصاد الدانماركي جراّء المقاطعة الرائعة للمسلمين للبضائع الدانماركية، و الأمن الإقتصادي بالنسبة للغربيين قد يكون أهم من الأمن السياسي، وقد حاول العديد من الرسميين في الغرب إبداء تفهمهم لغضب المسلمين، بل إنّ المخابرات السويدية بادرت إلى إغلاق فوري لموقع إلكتروني تابع للحزب الديموقراطي اليميني المتطرف والذي أعلن هو الآخر عن مسابقة لرسم النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
وما حدث في الغرب من إستهداف لحضارة المسلمين يؤكد أنّ مصطلح حوار الحضارات ما زال حبيس التنظير النخبوي و لم يتقدم قيد أنملة بإتجاه المجتمع الغربي، و نحن ندرك سعة الفجوة بين النظرية والتطبيق عندما يتعلق الأمر بحوار الحضارات الذي أسميته خواء الحضارات.. لأنّ الحضارة الغربية ولحدّ الآن لم تخلع ثوب الكبرياء الذي ترتديه ومازالت تنظر إلى بقية الحضارات من عل مادامت هي المنتصرة و مادام نموذجها هو المتفوّق كما قال فرانسيس فوكوياما صاحب نظرية نهاية التأريخ. و ما كاد المسلمون يتخلصون من تداعيات جريدة يولاند بوستن وما أحدثته في العالم الإسلامي من تعالي على أقدس رمز في الإسلام وهو النبي محمد عليه الصلاة والسلام حتى إنضم بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر إلى الحملة واصفا رسول الإسلام بأخس النعوت و هو بذلك بات يشبه بابا واشنطن الذي أوجد لنفسه كل المبررات السياسية لإستباحة العالم الإسلامي..و قد إنضم البابا بنديكت السادس عشر إلى جوقة الحاقدين على الإسلام والحضارة الإسلامية فإستشهد بمرجع لا يعتد بعلميته، و غقتبس منه مفردات تحمل أكبر الإساءة إلى رسول الإسلام الذي نال منه مجموعة من شباب الحزب اليميني الدانماركي الذين مازتالوا مصرين على إهانة مقدسات المسلمين، و بهذا الشكل يوفر بنديكت السادس عشر الأرضية الدينية لبابا واشنطن جورج بوش حتى يواصل حربه على الإسلام والمسلمين، خصوصا بعد أن قتل جيشه في العراق أزيد من نصف مليون عراقي، بإعتبار أن مواثيق جمعية الأمم المتحدة تنص على أنالأمن من صلاحية المستعمر بكسر الميم، فأي أمن حققه الأمريكان في العراق أو في أفغانستان.
إن بابا واشنطن أوجد الذرائع السياسية لإستباحة العالم الإسلامي، وبابا الفاتيكان أوجد الذرائع الدينية لإستباحة العالم الإسلامي، وبهذا الشكل تتكامل الغارة الكبرى على عالمنا الإسلامي بشقيها السياسي العسكري و الإيديولوجي الفكري..