تشهد ايران هذه الأيام ملتقى عن الهولوكوست، او محارق اليهود في العهد النازي.
رأيت بعض اليهود قد شاركوا في الملتقى. ولست اعلم حقيقة لم هم يشاركون في ملتقى معروف النتيجة مسبقا. اي النتيجة التي تقول ان تلك المحارق وهم ولا أساس لها من الصحة ولا علاقة لها بالواقع.
ليس الملتقى وحده من يقول ذلك ربما، بل وكل العالم العربي والاسلامي.
فقد تربينا منذ الصغر على ان المحارق اليهودية ليست سوى دعاية صهيونية هدفها كسب التعاطف مع اليهود في العالم.
فهل هذا صحيح؟
سأختصر وأقول ان المحارق اليهودية ليست خرافة، بل حقيقة واقعية.
نعم.. حدثت هناك محارق لليهود.
ونعم.. قضى فيها عدة ملايين من الابرياء.
ونعم.. يجب ان نتعاطف مع هؤلاء الابرياء بصرف النظر عن دينهم وهويتهم.
وأقول ان الدليل على ذلك نجده في صلب نفينا للقصة نفسها.
فنحن نقول ان اليهود ادعوا المحارق اليهودية لكسب الرأي العام الغربي والعالمي. معنى ذلك ان العالم الغربي، والعالمي، لم يكن ينظر الى اليهود بشكل ودي. فلم نستغرب ان تقدم النازية على ما اقدمت عليه اذا؟
بل إننا بأنفسنا نستشهد بما يقيم الحجة ضدنا. فكتبنا التاريخية تقارن في معظمها بين حال اليهود تحت الحكم الاسباني في الاندلس، على سبيل المثال، وحالهم تحت الحكم الاسلامي. فنصور درجة كراهية المسيحية لليهود وتنكيل الاسبان بهم، مقابل تسامحنا معهم.
فلم ننكر المحارق النازية الالمانية اذا؟
فوق هذا وذاك اقول بأن لدى اليهود ادلة تؤكد حدوث المأساة، فما الذي بين ايدينا نحن لنؤكد عدم وقوعها؟
هناك الافران لا تزال قائمة حتى اليوم.
هناك المعتقلات ما تزال قائمة حتى اليوم.
هناك وثائق اعترفت بها المانيا نفسها، فكيف ننكرها نحن؟
ما الذي لدينا نحن من ادلة لننفي وقوع المحارق؟
المانيا النازية كانت تكره اليهود والعرب والسود. ولو حدث معنا ما حدث لليهود فهل كنا سنقول ان المحارق وهم؟
اليهود لم يخدعوا العالم بقضية المحارق. ولم يكونوا في حاجة الى اختلاق قصة كهذه. لكنهم احسنوا استغلال القصة، لا اختلاق القصة.
فالغرب الذي نصوره اسير اللوبي اليهودي ليس غبيا كما نريد ان نتصور. ولا هو بالمختل عقليا، مثل بعضنا، ليعتقد ان اليهود يخدعونه بقضية لا وجود لها.
الشعوب الاوربية تعرف التوثيق التاريخي الدقيق اكثر مما نعرفه نحن. ولست اعتقد ان هذه الشعوب من الغباء لتوثق ما لا توثيق فيه بحجة اللوبي اليهودي.
نعم.. حدثت المحارق.
وقتل ملايين الابرياء.
اعرف ان ذلك لا يبرر ما تفعله اسرائيل بفلسطين. ولا ينبغي ان يبرر عنف اليهود ضد ابنائنا. لكن انكار المحارق اليهودية ليس هو ما سيعيد لنا فلسطين، بل الاعتراف بالتاريخ بكل ما فيه ولو خالف رأينا، علنا بذلك نفهم أين نحن، ومن نكون، وكيف سنعيد ما ضاع.
[email protected]