هذا ما يبدو للوهلة الأولى في الفرق بين المعارضة والأكثرية في لبنان، حيث يبدو أن حزب الله مستعد أن يموت من أجل الدفاع عن قضيته، وهي قضية لا نجرؤ على المزايدة عليها بعد أن ضحى السيد حسن نصر الله من أجلها بفلذة كبده ولم يكتف مثل غيره من السياسيين في إرسال أبناء الآخرين والتكسب بدمائهم، في المقابل نجد أن الأكثرية من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وتيار المستقبل يحبون لبنان الى درجة إحيائه وهو أيضا ما لا يجرؤ أحد على المزايدة عليه بعد أن سخر الحريري ماله وجهوده لإعادة بناء لبنان وتعليم أبنائه ولم يبدد ثروته على بناء ميليشيا أو شراء السلاح.

لكن ورغم شجاعة حزب الله الذي نجح في طرد إسرائيل من أراضيه ونجح في التصدي له في عدوانه على لبنان وأثبت قدرته على أن يؤخذ بجدية من قبل العدو ويجعله يعمل له حسابا وهو ما لا يستطيع أن يحققه أي جيش نظامي لبناني آخر، الاأن فؤاد السنيورة والأكثرية أيضا يحملون أكفانهم فوق ظهورهم ومستعدون للموت في سبيل ما يؤمنون به من استقلال لبنان وحريته وسيادته.

أعارتني صديقتي مجموعة من الدي في دي، بعنوان (الحرب في لبنان) وهو برنامج وثائقي بمستوى مهني عال ومن انتاج قناة الجزيرة، يعطي هذا المسلسل الوثائقي صورة بانورامية للوضع في لبنان وتعقيداته عبر تناول الحرب الأهلية اللبنانية بكل مراحلها وصورها وخياناتها ودمائها جنونها وعبثيتها وعبر وجهات نظر مختلفة لمجموعة كبيرة من الكتاب والسياسيين وقادة الميليشيات ، يظهر الفيلم كم أننا أعداء لأنفسنا أكثر بكثير من عداء الخارج لنا، وكم استهلك في هذه الحرب من المال وزهق من الأرواح من أجل لا شيء، فعلى حد تعليق أحدهم في البرنامج أن كل حرب حدثت عبر التاريخ كان لها نتائج ايجابية بعدها اما تحسين وضع سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي أما الحرب اللبنانية فكأنها لم تحدث ولم تتسبب بأي تطوير أو اصلاح، وفي نهاية البرنامج علق جورج حاوي -قبل أن تستهدفه قناصة الغدر هو بدوره -أن مشكلة لبنان الأزلية هي تدخل الآخرين بشؤونه.

ولأن تاريخ الحمقى يكرر نفسه فلبنان اليوم لن يستغني عمن يريد الحياة من أجله وأيضا لن يستغني عمن يريدون العيش من أجله لكن المهم أن يجلسوا معا ويكون هدفهم لبنان فقط ولا يكونوا أدوات لأجندات خارجية من حيث يدرون أو لا يدرون.

[email protected]