طفل نائم في سرير وثير. في فمه quot;لهايةquot;. صورة ميلادية بامتياز. وتصلح لأن تكون بطاقة معايدة. لكني تردّدت كثيرا في تحويلها بطاقة ميلادية. لسببين:
الأول أنّ ميلاد المسيح في بيت لحم، لم يكن بهذا الترف والارتياح الباديين على وجه طفل الصورة. فلم يكن يسوع قد بلغ أياما قليلة، قبل أن تأخذه مريم على عجل وترافق يوسف في هروبهما مع قوافل النازحين قسرا من بيت لحم، الى مصر. لماذا مصر؟ لأنّها خارج تنظيم مملكة القتل الخاصّة بهيرودس، وهي بلغة اليوم مملكة الإرهاب.
وثاني أسباب التردّد هو قصّة هذه الصورة. أبدعت في تصويرها الفنانة والكاتبة الأردنية هند خليفات. أستوحتها من مجزرة قانا الثانية ndash; تموز 2006- حيث تسابقت كاميرات الإعلام على تصوير أحد الضحايا الصغار، من بين صفوف الأبرياء وصنوفهم، ذات فجر ليوم أحد، ذهبت الناس إلى كنائسها مذعورة خائفة، بعد شيوع ما حدث وكأنّه من أساطير هيرودس قاتل أطفال بيت لحم. طفل يغفو غفوة أبدية، قبل أن يتعرّف على ما في العالم من قوى بنّاء وأخرى هدّامة. وفي فمه quot; لهايةquot;، مصوّرة أنّ قتل الأطفال قد أتى في ساعات نومهم الطبيعي المعتاد. لكن غير المعتاد ألا يصحوا منه. الطفل في quot;قاناquot; نام بدون فراش ولا أحبّة يبكونه. والطفل، كما في ريشة هند، ما يجب أن تكون عليه الطفولة لا ما يحصل معها.
اذا، ليست هذه صورة فحسب، انّها صرخة من أجل إنقاذ الأطفال والطفولة.
أضم صوتي عبر هذا الموقع الى صوت الكاتبة، فقد استطاعت أن تقدّم بكلماتها المرسومة ما تعجز كاميرات الإعلام عن تصويره. الطفولة كما هي لا كما يريدها أصحاب الجنون أن تكون.
أعود الى الصورة، صباح هذا الميلاد، مخاطبا الضمير الإنساني الصاحي... أنقذوا الطفولة. لها حق في نوم تتوفر فيه جميع أسباب الراحة، من quot;لحافquot; دافئ إلى quot;لهايةquot; طريّة تعطيه بعض أمان.
أخوتي وأخواتي القرّاء في كل مكان، اعذروني ان أتت معايدتي لكم بهذه الطريقة. الصورة تلاحقني منذ رأيتها قبل أشهر. خبّأتها للعيد، وقلت عندها اذا تطوّرت أحوال الشر- ق إيجابا... ابعثها للتذكير بالماضي وأخذ العبرة منه. لكنّ الأحوال لم تتطوّر وها أنا أبعثها خائفا على الطفولة في الشرق وفي كل مكان تختبئ للأطفال، في زوايا العالم الباردة، هدايا مفخخة، كما حصل مع 3 أطفال عراقيين مؤخرا، عندما أرادوا اللهو بدمية، أسوة بأطفال لهم الحق ببعض فرح بريء، لكنّ الدمية أدمتهم بعد تفجّرها في وجوههم التي لم ترتسم عليها علامات الدهشة سوى للحظات. لذلك أبعث لكم الصورة ، أدعوا معي، رجاء، من أجل الطفولة... ولنقل بصوت واحد:
أعيدوا السيوف إلى أغمادها
ليعود الأطفال الى أسرّتهم...
والطفل يسوع الى مهده... بدل التشرّد والضياع على طرق غريبة.
أخوتي وأخواتي... في كل مكان،
أجدّد محبّتي لكم، فليحفظكم الله المحب تحت ريش حمايته...
كل عام وأنتم بخير
أو كما يعلمنا روبير شكيبان من لبنان، لتكن تحيّتنا الميلادية نابعة من روح الميلاد...
ولد المسيح... هللويا
الأب رفعـت بدر
www.abouna.org
[email protected]