الحلقة الثانية والأخيرة
في الشياح (منطقة في بيروت) حيث طبخ الله اول اعراض حصبته الدينية، هناك اواسط السبعينات، كانت المنطقة تؤسس لاكبر جريمة ومجرمين في التاريخ؟، غالبا البداية تبدا بالتوابين من مدمني المخدرات وفاحشي السيرة والسريرة، بسرعة البرق انقلبت هذه الفرق المشحونة بالشعور الذمّّّّي الى لحى ومصلين لتبدا اخطر براكين المنطقة! مشاهد مروعة وحروب مستباحة كان يقوم بها فصيل التبشير باديان الرحمة / الذين لهبوا الغرائز بذاكرة الحسين وجعلوا ماثرته لاغراض انتخابية ومسوغ لكل الجرائم، تغطي الثار له بكربلاء بمذابح حدثت للطائفة السنية في بيروت، وقد نحرتها خناجر دعاة كربلاء، حين فلتوا بشوارع بيروت يستبيحون الخروج حتى على قواعد القتل والاجرام وكانوا مفترسين كما اسماهم سليم الحص انذاك، هكذا سيوف الجسين المنتحلة حركت خوف ابن تيمية، وولادة الخميني خلقت مخاوفا مقابلة جاءت بخميني اخر هو ابن لادن!هنا في الشياح ملاذات من قتل حسين مروة ورشدي عامل ورياض طه ومجموعات من المثقفين، واه لو عرفتم من هؤلاء القتلة الذين دشنوا عصر التكفير، واسسوه بامتياز؟ حينها استفاق كل نيام التاريخ من كهوفهم كي يتباروا في البحث عن الثواب، واي ثواب؟ انه ثواب يطهره دم الكفرة، فتدرج الامر منذ تلك السبعينات، حرقت الكتب واستبيحت محلات بيع الاغاني والحلاقين تفجرت محلات بيع الزهور، وبدات موجة الاكياس السوداء تلف وجوه النسوة وتلف وجوه الرجال باللحى، اذن بدات الحرب على الجمال والحياة من هناك، وفي تليّك الازمنة. هكذا انعطف التاريخ نحو الحجاب ممتعضا من الجمال والسحر والعاطفة واللين والسلام والمحبة، وجاء بديل الغلظة والغلو والقبح، انتصر خطاب الموت على الحياة، سقطت المدنية والمدينة في حفلة الترييف اليابس، ساد الاميون والدهاة والدجالين، وتحول الدين الى طوطم ووثنية مطلقة، اصبح التطيّر والباراسيكولوجيا والتليباثية سيدة الافكار، وصار مدير بنك يحلل مصادفاته اليومية طبقا للخوار التليباثي، ويحلل فلسفة البدء باكل البطيخ من زاوية الثواب، انها حقائق متينة وليس طرفة وكوميديا، اتسع نطاق العهر بغطاء التدين والمتعة وصار البغي المقدس بزنس، له مكاتب سرية يديرها شيوخ دين (كما اذاع برمانج تلفزيوني على الال بي سي يديره الدكتور فؤاد نجيم، وكان فضيحة الفضائح ndash; اكثر من ستمائة عذراء، في الضاحية الجنوبية لبيروت، نكحن بسنة واحدة تحت غطاء المتعة كما اشتكت ام فتاة على التلفاز-).. من هناك مسخت انفلونزا الدين منظومة الفطرة والقيم المكتسبة، كل هذا كان اواسط السبعينات، والاحداث كبيرة ودسمة.فعالم فيزيائي مثل مصطفى شمران ndash; وزير دفاع ايران قبيل موته- يتحدث عن الصدفة التليباثية عام 1974 ويحلل احداث العالم ويعيدها الى هذا الرجع الخاوي من الافكار المتطيرة، وهذا الرجل المتخرج من اميركا يؤسس عقل التكفير الجديد،في لبنان، فتسقط الفيزياء كعلم لمصلحة التطيير الطوطمي الديني، وتنتصر اية الكرسي على واقعية الذرات المنشطرة في دماغ هذا العالم.
كنت الشاهد على ادق تفاصيل هارموني تحويل مجتمعات باكملها الى ضحايا وقتلة، اطفال ذبحوا بجريرة انتساب اباءهم لمذهب ما، خؤولة تذبح اطفال اخواتها فجرا، وخؤولة مضادة تقوم بنفس الذبح، امهات متواطئات على قتل اطفالهن واخريات خائفات من المخالفة المذهبية فيصمتن، هكذا كانت اجساد الاطفال احد اكبر رمزيات التعبير الالهي والولاءات الطائفية، فان جاز قتل الاطفال بهذه البشاعة الى درجة، لو كنت وصفتها لاعطينا للذئاب جائزة نوبل امام وحشية البشر! اذا جاز ذلك فيجوز هدم هذه المعابد لانقاذ الرب من نحولات القتلة.
عتيق صار في ذاكرتنا الصلاة على شفرة سكين
ممل ان نبرهن على تفوق المتدينيين في بشاعتهم على الطغاة ودول الاقبية وهدم المدن أي سجال دول المخابرات ودول العمائم، هكذا كانت اقدارنا الزمنية ان نحيا بين قاتلين: احدهما خطف النظام والاخر خطف الحرية، حيث لم يبق لنا غير ان نصمت، ونصبح نحن المحاربين القدامى خدما وحراسا لتلامذة علمناهم كي نخفي مشاعر المرارة بتقية الاقليات الخائفة، وهذا ما حدث فعلا، اذ ييدو نظام الفطرة الاول يتحكم بدرجة شجاعتك وحماستك وجبنك وبرودك، وهذه الفطرة محكومة بنظام وجداني صارم يحتله الله كقوة مثال عليا، حين تسقط يصبح الاسد خائفا من صيحات ديك، وتتحول المواقد الى ثلاجات، تنعدم قوة البراءة، لذا كان تاريخ الصمت قديما وبعيدا.
هذه الانذارات المبكرة، التي صرخنا وصرحنا بها، هاجمنا القرامطة وشتمنا تفاهة جهيمان، (في تمرده وسط مكة، فيما مدحته قصائد الثوريين وهم يؤسسون لتواطؤ اليسار مع التدين، كمن يبحث للحرية عن زوج مستبد)قائد السوقة ومهرة الهدم الغوغائي، محاذرة الابتذال الشعبي والجماهيري حذرنا من طغاة الثورة واستبداد العبيد وارهاب الضحية.. والقادم اعظم! لاسيما في احتفاليات المدينة الفاضلة ومجيئيات الوعد المنتظر، سواء في الفكر الاشتراكي السوقي والشوارعي الغوغائي، او بالايديولوجيا الشبيهة له،في تدينها، وقد استمدت طاقتها للغوغاء الشعبية من تعويم الاحتفالية الاشتراكية، وهنا تعاون خطاب الله والشيطان، خطاب الالحاد والايمان في امحاء انظمة الفطرة والبراءة الانسانية وعملت على توليد الانسان الشرطي، انسان الظنون المشوهة، ثقافات الامن الفيزيقي والميتافيزيقي، حلول العقل الظني وتشوه التلقائية والاسترخاءات الدماغية، تلك الممحوة بالتوتر والشك، فتخريب العلاقات المكتسبة والموروثة، وهذا احدث اخطر انقلابات معادية للطبيعة الانسانية مستخدمة حتمية وشروط التركيب في اتجاه تفريغ الانسان من محتواه واحلال عقائد تافهة مجوفة تدير مزاجه ونظامه العصبي وانفعالاته المشوشة نحو الفرح والحزن،بلبلة الارتكازات الوجدانية كلها وتدمير نظام السر، وهذا ما دعوته [ الملاك المفترس]. ليس مصادفة ان يتحالف الالحاد والايمان امام مصير قاتل لهما لوح بـ quot; نهاية التاريخquot;، والاخطر هو [ نهاية الجغرافيا]، - الفكرة لنا نسعى لتطويرها - تلك التي اسقطت الهويات والمعازل الوطنية والازمنة الكلاسيكية، حتى حلول جغرافيا هي كناية عن ومض زمني، اسميناه [ الميجاغرافيا].
كذبة الحداثة وقناع الدين: ضمور العلمانية واورام الدين:
يبدو ان قرنيين من الحداثة كانا كذبة كبيرة، انهما قناع رديء الصنع تمزق في اول الهزيع..ولكن اذا ابتعدنا هل سنجد قواعد التحديث في العصر العباسي، او لنقل التمكن من توهم تلك القاعد، ثم نرمي نتائج الازمة، الكذبة على الغزو التتري؟ تلك نظرية رضائية كاذبة هي الاخرى، اذ كان سؤال الهويات مآلا يقود الى عقل المحمية فتبدو الامم كلها، بهذا الخطاب، اشبه بمحميات هنود حمر وقبائل المجاهل الافريقية المعْرضة عن الانخراط بالحضارة، عبر محمولات وطنية وقومية ودينية، تلك المفعمة بعنصرية قروية لا تشبه حتى عنصرية تفاخر بالتمدن!
البؤس الاول في التحديث خلال القرن التاسع عشر، كان ردح اهزوجة شعرية لم ثؤثث العقل والافكار بشيء ما خلا تهويمات غنائية تدلل على قيم سديمية وارتجاعات عمياء: (كان بيان التنوير قد بدا بقصيدة عصماء لناصيف اليازجي، ولم يوسس التنوير بمعرفة محسوبة مؤثثة على العقل والمنطق بل العاطفة الشعرية) وقول قادة الهوية بـ:quot; قيمنا وافكارنا وحضارتنا وديننا وتاريخنا quot; كل ذلك ممنوع من الصرف والتفكيك والمساءلة،حيث بهذا الاعماء اسست الحداثة حفلة تنكرية لبس فيها الذئب صوف الحمل، والتوت الافاعي فوق الموائد على هيئة حلوى، مساحات ممنوعة من العقل والتفكير، وهذا جعل الحداثة ترمي تركاتها من نفايات التاريخ على ظهورنا المثقلة بالاحمال، فهرستنا تلك الاثقال. كان ثمة تواطؤ ومدالسة وخداع وترضيات وصفقة لم تستثمر الهزيمة السياسية والاخلاقية للفكر الديني فتجهز عليه وتحجره في المعابد او المواطنة الدستورية، ثلة من الاغبياء والجبناء اسسوا الحداثة والعلمانية،فكانت العنصرية الدينية بعض وقودها الفكري نحو التحرر من النظام التيوقراطي العثماني، ولكن بمقابل تيوقراطي عربي مؤجل، انتهى بهذه الحصبة الكبيرة والطويلة لاستخدام الدين مرة جديدة للسياسة.
مرة جديدة يصبح السلطان مفتاحا لرحمة السماء / يبيعها ويحتكرها، يصبح مجرد مشرفا على ادارة المنتظرين بطاقات الجنة، ويصبح شباك الذاكر للعابرين نحو الجنة مصدرا لسلطانه على الارض، هكذا تصبح المواطنة في السماء تخريبا للمواطنة في الارض، كي تخلو الارض للفاسدين، وهكذا تفقد السماء والارض تناغمها في الايقاع المقدر، عبر حمى عنيفة تقدم استجابات نفسية لمرضى الفتك والهتك والسلطات المطلقة.
حمى العمائم، وانفلونزا الليبرالية:
كان ينبغي استفزاز الدين وهو في ضعف كبير خلال مراحل عدة، كان يفترض استثمار هزائمه لمصلحة المعرفة والعلم والمواطنة، لكن القوى التي كانت تتقابل او يفترض انها تشكل المقابل التنويري معه، خدعت بكمونه وتمويه نفسه بالعزلة والصمت والكارثة انها استمرات الخدعة وعاشت بحبوحة الانتصار بطاقة الاخر وبقوته المستعارة (الغرب)، لذا افترض الماركسي انه يقيم الدليل الديالكتيكي على هيجل ولم يعرف ان هيل في المانيا واوربا فيما امامنا الافغاني والكواكبي وعبده والحصري والرصافي، الوجودي كذلك تصور امامه برغسون وعمانوئيل كنت، فيما الديمقراطي لم ينتبه الى ان امامه طه حسين والعقاد وجمال عبد الناصر وليس جان دوي او تروتسكي، ثم امامه الهات عنصرية لها قبيلة مقدسة وليس الها مشاعا كالمسيحية، انه سلطان المؤلفة قلوبهم، يمارس الاحتقار على غيرهم ويجعلهم قبائل من عبيد مقابل قبيلة من الاسياد!
عفلق وفهد والصدر وفكر اخوان المسلمين هذا اذا اضفنا كارثة الكتاب الاخضر، تلك حصيلة ثقافتنا السياسية وحصيلة الجهود النقدية لعصر النوير، وكل هؤلاء كرسوا عقائد تعبوية مخصصة للمحاربين والجنود والمناضلين والمجاهدين فتنشيط بيئة العنف. وهذا جعلها مشروطة بافكار شمولية، كان لها اخطر التداعيات والحواشي الجانبية على حاضرنا، خصوصا بعد ان قدمت نتيجة عملية واحدة، كانت اشبه بنظام جبري وحتمي، من نتائجه سقوط المدينة في الثقافة السياسية وانتصار العقل القروي والريفي فالبدواني، والمدينة هنا كانت بقايا عصور متعبة خاوية لم يجر تحديثها فهوت مترنحة بسرعة امام صعود الريف المدعوم بتناغمات فكرية موازية لا تختلف فيها ولاية الفقيه عن شيخ القبيلة ولا دكتاتورية البروليتاريا عن سلطة الفرد اياها ولا الزعمائية القومية والوطنية عن ذلك النزع القروي. دعمت هذه الايقاعات تناغمات عدة، منها الحرب وسيطرت الجنود والضباط على الطبقات السياسية، ناهيك عن انعدام التنمية في الحياة برمتها وتاجيلها لمصلحة الحرب والطوارئ، وهذا خلق مدنا مشوهة مستسلمة وضعيفة، توازيها درجة من الميول الجماعية الى خيال الهوية، ناهيك عن سقوط أي توليد للافكار.. اية افكار، بحيث اصبح التقابل النقدي يحمل خصائص البيئة السائدة: من فخاخ الفكر الثوري والانقلابي المغطى بغشاوة اممية حداثية، كل ذلك اسهم في موت الاصلاح والمصلحين، وافرز مجموعة اعراض غاية في الخطورة اهمها تحقير ثقافة السلام والذكورية المفرطة، وهذا حكما فرض شروطا على الامن والسلام العالميين، كانت اولى بشاراته تلك الرسولية النارية المتجسدة باحداث 11 ايلول وباقي المطاردة المروعة للمنتج الحضاري والتنموي والسلمي للبشر. حتى بات من المستحيل التفريق بين كوارث الطبيعة وهذه الحصبة الدينية المنتشرة في ارجاء مفاصل الامن العالمي، متسوقة بمقولات الايمان والتعذير الثوري التحريري! الطبيب لم يجلب المريض كي يستمع منه لمحاضرة فوضى افرازات البنكرياس بل الاستماع عن مصادر الوجع والاضطرابات، لذا لا يمكن الاستماع الى الواقعين بهذه الحمى العدمية، فالقرضاوي والازهر والظواهري وملالي ايران هم في طور الحمى، حمى العمائم، لذلك من غير المعقول ان يحاضروا بالطب الامني والاستشفاء الرحماني، فقد يلتبس الامر عند المرضى.
مجموعة من الفاسدين وااللامكترثين والطغاة والرعيان والقتلة سيطروا على منتج التنوير الملتبس والمرتبك والمتواطئ في عالمنا ناهيك عن انفلونزا االليبرالية التي ستنتهي حتما في معركة التحديات الاخلاقية، اثر تصور سفيه ربط بين الحداثة والفساد، بين الفجور والفسق والتطور بين الشتائم والحرية، بين الخلاعة والعلمنة، وهذا تجلى بابهى رمزياته، في ما حدث من انتخابات في فلسطين والعراق، وكرة الظلام تتدحر الى الامام!(عبد العزيز الحكيم امام الجلبي وزعران فتح وفاسدوها امام المتانة الاخلاقية والزهد في حركة حماس) كذلك ما حدث من تراجع شعبي يستحق الدراسة والتدقيق في ايران لجهة الميل نحو الطرفية وسقوط مشروع التنمية الخلاقة فانتصار ثقافة الطوطمة الدينية، لذا هزمت بسمة خاتمي وانتصر تجهم وكآبة احمدي نجاد، والحال في باكستان والبنغال والافغان، وان كبتته نمور بيضاء بمواجهة ذئاب سوداء، سواء في تركيا او اندونيسيا او ماليزيا، الى الشيشان والبوسنة.. الخ وهنا تجدر الاشارة ان بطش النمور افضل من افتراس الذئاب، ولكن هذه النمور البيضاء مثل: برويز مشرف وجنرالات الجزائر وتركيا ومصر والاميركان في العراق وافغانستان، ناهيك عن البنغال وروسيا وطبقات الليبرالية المعلبة في البلقان، هؤلاء بحاجة لمنظومة اخلاقية عالية، نؤثر نجاحها في جبهة تحديات كبرى في مواجهة ما ادعوه:الشر الاخلاقي الذي تتمتع به كاريزمات الارهاب وسطواتها البراسيكولوجية على جزء من الناس ناهيك اتباعها، اذ لا نعتقد ان زهد ابن لادن وايمانه الصادق باعماله يناظر ويتقابل مع النظام الاخلاقي لدى دولة براويز مشرف او تقشف الظواهري يتقابل مع فساد الطبقة الحاكمة في مصر، او غيرها، كذلك حال حماس وفتح التي عرفت كتجمع لشتى اعمال الفحش والتهتك والاستباحات الامنية والمزاج الدموي والقمع الاحادي واعتى انواع اللصوص والسرقات، نفس الحال في سوريا ومصر والجزائر، اذ سقطت هذه المجموعات النمورية والتسلطية امام الجبهة الاخلاقية لحركات التطرف الاصولي، وفي شتى اصقاع العالم. لقد هزم القيصر الروسي وهزم دور الكنيسة امام الزهد والتقشف والصرامة الذاتية عند الرعيل الاول للشيوعية، ولكن انتصر الدين في بولونيا وانهارت كل الشيوعية حين سقط النظام الاخلاقي فيها، ولعل الديمقراطيات الغربية ان لم تستمر بالخسارات الكبرى امام استدراج التطرف وقوى القمع لها، نحو التنازل عن حرية التعبير ستخسر نظامها الاخلاقي وتسقط منظومة الصدق مع ذاتها وتاليا سيجرها التطرف الى الفساد والازدواجية والتقابل اللامفكر فيه، انها تخسر التجارة وتربح الحرية وكسب معركة الديمقراطيات، والويل لها ان تنازلت، لان التنازل انتقل عن الجوهر الادبي لاشكالية الصور واصبح الكباش الرمزي(بين الحرية والقمع) مسيطرا على المعركة، حيث انتهى بين جوهر حرية التعبير وجوهر حضارة القمع والذي يهدف الى تحديد الحرية كي تكر السبحة الى حد المطالبة بهدم كنائس الفاتيكان لانها تحوي على رسوم رفائيل وانجلو والغريكو [القمع والارهاب والعنف يتحجب باشكالية الصور،والحرية تتمسك بحماية التعبير بلا حدود، وهذا كباش رمزي تتماهى فيه عناصر الحمى والحصبة امام جبهة الوقاية من حمى حضارة القمع، عبر ممحمولات وجدت باشكالية الصور منطقة للكباش، ولعلي لا اجد احتفالية صدام الحضارات صحيحا لان الحضارة هي ليست جغرافية او قومية لذا فالصدام هو بين البرابرة والحضارة بمحمولات مقنعة في جزء منها ازمة الصور وستكر المسبحة الى كدس من ازمات صور جديدة، انه كباش رمزي بين الاستبداد والحرية ]
ما يخيف هو ان تفرض التجارة والنفط والاجبان شروطهما، فترتدي كونزاليزا رايس الحجاب، ويصبح الحاج بوش ملتحيا، ويعتمر رامسفليد عمامة سوداء، بعد ان سيده النسابون،الذين عرفوا بتزوير الانساب والذمم، فيكون اصله القريشي قد بدا منذ رعيل كورستوفر كولومبس الذي كان فيه بقايا من عرب الاندلس. ولعل احدهم قريشي هو جد رامسفليد! من يدري؟، نخاف على افكارنا ان تصاب باحباط وهزيمة بعد كل تلك الهزائم الذاتية. اذ نخشى حين نشاهد سولانا يرتدي دشداشة قصيرة، ويصحوا شارون من رقددته مصابا بعمى الاديان! الويل لنا اذا هزم اعداؤنا وانتصر حلفاؤنا واهلنا!
حيث ننتصر يجدر بنا الاكثار من الهزائم
مزيد من الخيانة والكفر سيحميان اوطاننا من الطغاة ومن بدائلهم، الكفرة يحمون الدين من توحش المؤمنين... يحمون الله بصوت فيروز لينقذوه من زعيق داعية
يا لسوء النكد والحظ، هتلر كان يعرف ادق التفاصيل عن الموسيقى الالمانية ولديه نظريات نقدية بالفن التشكيلي، وكان موسوليني يعرف روفائيل وشعراء روما القديمة، فيما نحن ما الذي يعرفه صدام عن زرياب وعن صديقة الملاية؟ ما الذي يعرفه الخميني عن صداقة الله لعمر الخيام وجلال الفردوسي، ما الذي يعرفه عن علاقة الخالق بصوت غوغوش؟ كافر من منع تدفق الرب في صوت غوغوش، ولانه يعرف الله في القبح والتجهم اذن لا يعرفه بصوت غوغوش، لم يعرف ان الله لا يفضل مذابح محتشمي ليحرم سكان الفردوس من صوت تلك المراة العظيمة.
يا لسوء الاقدار امم ننتج طغاة كغوبلز وامم نتج طغاة كبرزان وغازي كنعان والقذافي، امم تخلق محررين كديغول وايزنهاور ومصلحين بنائين كاديناور وبناة اليابان وايطاليا، فيما نقدم محررين كالشلبي والحكيم وكريم ماهود! يا لحظنا الطايح والمطوح، هناك يرسم بيكاسو الجورنيكا وهنا يرسمون جنديا في النصب التذكارية كبطل للحرية، وشتان بين ان تاتي الحرية تارة بجندي او تارة بعمامة وتاتي الحرية براهب قاتل الغزاة لانه دافع عن قيثارة ولم يدافع عن ثكنة او حجاب نسوة.
حتى السوء له منازل وسوئنا اسوء منزلا، شتان بين فرانكو وان سقط لوركا، هذا الذي حولته تجارة الرقيق الادبي اليساري الى مهرج، وبين طغاة شرق اسيا، حتى هنا بالقرب منا في لبنان، يصبح كاتب قصائد فيروز فاشيا مثل سعيد عقل (تنظيم حراس الارز) فيما في الطرف الاخ يقابله فيلسوف ككمال جنبلاط، مفكر الحكمة البوذية. اما نحن يا لهول المقارنة من متقابليّن، برزان وصولاغ / الزرقاوي ومقتدى/ بدر هنا والقاعدة هناك، هذا هو فجر حريتنا يكتب حروفه اميّ ويتلو قصائده اخرس، ويرسم مشهده اعمى، ويؤسس رحمته وسلامه جندي غير نظامي، او ذئاب ملثمة... او فرق للموت وبناء المزيد من المقابر.. امة تعمر البلاد بالجماجم، يا للاخلاق كم هي مكتملة المكارم؟
ايلوار كان زميل ديغول في التحرير حيث اختارت فرنسا رمزية مثقف في ملامحها الوطنية، فيما وزاراتنا للمثقفين، في بلا يتعادل فيها رقم الجنود برقم الشعراء، نختار لوزارة الشعر ضابط امن او تاجر خشب او قارئ ادعية عاشوراء، نحن امة زرياب ومنير بشير وفائق حسن والواسطي والكندي، لا نملك وزيرا لاهانتنا غير جندي وشرطي، وعلى ايقاع النسخ الكشواني نكتب دستور اوركاجينا وحمورابي ووصايا عشتار في ليلة سدوم وعمورة والطوفان. البلاد التي خانت الهتها جنس الملكوت لتنقذ البشر، امة عشتار وايرنيني ونينوى، شعب اينانا، ذلك الذي علم الامم التعرف لى الله بالموسيقى لا بتطبير الرؤوس، بلاد تصدر الاوتار وتتشكل قلوبها مثل كرنفال اخضر، ينحني شغافه وحنينه كاقواس سعف النخيل، بلاد تتقمص النخلة وتمضي كالكرنفال الراقص بين الامم الحزينة التي يبس فيها الرجاء، جاؤوا الان يمحون وجه المرايا، فتصبح عازلا بين القلب واللسان، ينتهي ارث الله في الاوتار ليبدا ارث الله في خنجر.
قيثارة خرساء دفنها اخرس!
كل هذا الصمت.. كل تلك القيثارات الخرساء، المسجية على خرائب، دفنتها رمال عاتية اثارتها سنابك خيول، تارة تاتي من قريش وتارة تاتي بالبرابرة والتتر، حسنا فعل التراب المُهال على اوتارنا، يخفي من ملامحها ندوب الصلاة وبقايا النبيذ حين يرحل الى الملكوت، تكسر اضلاعه الغبطة في جلال المغبوط، حسنا فعل ابراهام هاربا من ارض لا عبادة فيها الا لوثن او مخلوق، وان جاء بوصايا خالق عبدوا المخلوق ودفن في رمزيته الخالق، الخالق في امم فطرت على الوثنية وعبادة الرموز مغيب والى الابد، كما لو انها عبادة مصابة بالخجل، ومن الخجل ننسب للرب ما يجعل المخلوق متماهيا ومسيطرا على الخالق.. انه مجرد ايلازابيت سماوية تجيد برتكول الزيارات، بعيدة عن أي قرار، في ارض لا تنجب غير العبيد، يهرب منها الانبياء كي لا يخلع العبيد عليهم صفة الالوهة، هكذا محطم الاوثان يخشى ان يكون وثنا بديلا.
حطم نفسه كي يبقى رسولا، هدمها كي لا يعبده العبيد
مزق صوره كي لا تكون مرايا، حطم المرايا كي quot; تصبح ابوابا quot; ndash; اشتقاق من اكتافيو باث-
، يدخلوها الى انفسهم، لان الله ليس في الاعالي لا مكان له، انما الله حيث تجعل المرايا ابوابا الى روحك العظيمة.
هل نحتاج لغرق كي نوقف دروس الكراهية؟
اجل نحتاج لاقصى السكر كي نجيد احتراف الغرق، كم تحتاج للسكر كي تموت؟ ساجعل الفرات نهرا يجري فيه النبيذ كي تموت!
هذا المنسوب الاخلاقي المفزع، تلك التشوهات السعيدة باعوجاجها، رمم من بقايا رمم تتشح بالماضي، ثم تؤسطره كي تهرب من وقائع واستحقاقات ليست اصعب من شربة ماء، فاعلم ان التشوه اصعب من دروس الفيزياء، كن الكلب الذي نام في الكهف مع جماعته (كما تقول اية الكهف)، ولا تكن الانسان الذي اعتقد مئات الاعوام ليلة لان الكلب لا تعنيه قياس الازمنة سواء الليلة الواحدة بمئات الاعوام ام عبور ليل واحد، اذن الكلب من الفرقة الناجية من فوضى الازمنة والتباس الوقت، انجو باخلاقك غبيا، حيث لا تفرح على خزي اعدائك، لا تفخر بنصر امام عدو مهزوم، كلما انكسرت روحك وانت منتصر ازداد نصرك في قلب عدوك، وانتصر لك على نفسه من نفسه.
اذا خدعك صديق فانخدع له، وامنحه فرصة كي يراجع قلبه فيخدع نفسه لاجل نبلك، واذ ذاك تثأر من خساسته باقل الخسائر، فيعلو شانه عندك وتعلو نفسه امام نفسه، الخساسة قصاص ذاتها وان نجحت بكل الاوقات، والفضيلة ربح ذاتها وان فشلت بكل الاوقات
المبغضون لا تمنحهم نصحك في ايقاف مباغضهم سيكرهوك، اجعلهم يختارون بانفسهم المتعطشة للعداوة مكارههم كي يشبعوا، واذ ذاك سوف لا تدفع ثمن كبتهم من البغضاء،لان ثمنا كهذا اسوء من اضرار بغضائهم.
لا تحتكر الضرر لوحدك، لانك حتما ستسعى لاحتكار الفضل لنفسك، كن مفلسا من جني هذا الضرر ستربح كل الفضل، لا تقل بخصمك كلمات خسيسة لان فعلتك هذه تجعلك اخترت حوار الخساسة، ارتق بخصمك الى حوارات تعليه فتعلو معه. ماذا يقول المرء عن زاني يتهم زانيته بالعهر، كانما فعل الزنى كان حلما ولم يصنعه هو؟ اذا كان الجرم يجعل السكين والجرح في عدالة رعناء تساوي بيتهما، فان السكين على حق ايضا.. ولكن باي معنى؟ ثمة جروح تصبغ نفسها باحمر الشفاه، وثمة سكين تلطخ نصلها بدماء جرذ لتدعي القتل، ثمة بورصات ومضاربة بالالم والجروح.
لا ينزل الانبياء الا للامم الفاسدة ومع ذلك تزاد فسادا، فيما الامم الصالحة لا تحتاجهم ومع ذلك تزداد بهم صلاحا وسلاما، وما دام الله لا يصلح من لا يصلحون انفسهم، لماذا اذن يحب هذه المتاعب؟ لا يصبح الكرم اسطورة الا في الامم البخيلة / لا يصبح للعدالة رموزا الا في الامم الظالمة / لا يصبح للحق قربانا بشريا الا في امم طرشاء وخرساء / لا يكثر الخيال الا في مجتمع اعمى، ولا اعماء الا مع جبن على مواجهة الوقائع.
ان تصدر الاجبان اجمل عند الله من ان تصدر الكراهية والقتل والخراب في نصوص دينية
ان تصدر السيارات اصلح عند الله من تحويل خدماتها من ناقلة لمؤخرات البشر الى قاتلة للابرياء
يضع اية الكرسي في سيارة مفخخة كما يضع صياد اسماك تميمة على شباك صيده، اليس المؤمنون هناك صيادو ضحايا، بحيث كلما جاء مدد القتلى كثيرا ووفيرا زاد رزق الصياد وزاد رهان الجنة فالجنة تجري تحت اقدام المفخخات؟
يصرخ باسم الله ثم يقطع راسا بشريا عن رقبته! ترى من يعفي الله ورسله عن قطع الرؤوس؟
يبقر بطن امراة حبلى بوليد، ويقرأ اية quot; واعدوا لهمquot; فاية quot; وقاتلوهم quot;... الخ ترى هل المؤلف شكسبير ام اندرية مارلو؟
قال لي: سقيت الحشيشات والافيون وصليت الجمعة
قال لي: خرجت من الجامع وتوجهت الى شارع الحمراء ببيروت، شاهدت مجموعة من طائفة كذا، قتلتهم جميعا عن بكرة ابيهم، وكان يبتسم كصبي نجح في بكالوريا الابتدائية! يا للانجاز!
كتب سبعة كتب كي يصبح شرطيا
رجل مخابرات اميركية كلفوه بقتل ابن لادن فوصفه بشخصية عظيمة وانتقد من يسفهه من العرب، اخر عمل كل المغامرات في المخابرات الاميركية كي يؤلف كتابا واحدا ويشار له ككاتب لا ضابط ممخابرات، اراد محو تاريخه بكتاب كمن يمحو عاره، فيما حضارتنا تقدم النموذج المقابل، وهو تاليف مجموعة كتب كي تفوز بالعار والقاب الشرطة وتحصل على وظيفة مناضل سري..
شتمني احدهم ذات مرة، وكانت شتيمته quot; يا يهودي ابن اليهودي quot; تصور اني سالكمه، لكني شكرته على منحي هذا الشرف بين من عاشوا كل الالام والاحزان والخوف، حين يجعل شعب من ديانة اخرى كشتيمة وتحقير كيف يدعي ان ديانته تدعو للتسامح؟ وحين يطرد اليهود من بلدانهم ويعتبرون زيارتهم لبلدانهم او لمقدساتهم من المؤثمات وتخوين الدولة التي سمحت لهم، فيما هم يكرمون المسلمين ويعطونهم برامج اذاعية وسلطات ونواب في البرلمان، ترى اين العدل ومن هو العنصري؟ مع من يقف الله ومن الكافر من يعبده فيكثر ظلم شعبه ام من لا يعبده فيكثر من العدل؟ هل الرب عدالة ام ظلم؟
قال لي رجل عجوز كنت نازيا في البصرة لاني اكره الانكليز، وفي سنة الفرهود حميت اليهود وقتلت مسلما لاجل عائلة يهودية في البصرة اراد اغتصاب فتاة فيها / اخر قال لي اليوم صرت في الحزب الشوعي، يقصد الشيوعي، والان سازور مرقد الامام علي كي اوفي نذري بعد ان اصبحت شيوعيا! احدهم اقسم بفاطمة الزهراء، واخر اقسم بشرف كروبسكايا زوجة لينين، ولا يخلو الامر من القسم بحياة سيمون دي بفوار ان كنت وجوديا!! ترى ما الذي يتشابه هنا وما الذي يتخالف؟ خلطة عجيبة من معجون الافكار ومفاقس الايديولوجيا... والامامية في كل عهد وفكرة ومعتقد.
كان صدام يبيد خصومه بتهمة علاقتهم بالفرس وايران، وجماعات ايران تدمر المنازل وتقتل الناس تحت حجة اعوان صدام، ثم هنا تكفيريون وهناك صفويون، نفس الاسطوانة تدور رحاها، منذ اقدم العهود وهذه الارض تحتضن حروب البرابرة مع البداوة، فمرة تخطفنا البداوة ومرة يخطفنا البرابرة، سجال البطاح الجبلية وبطاح الرمل على ضفافنا مازال منذ بدء التكوين حتى الان يلبسنا قناع الغربة ودروع المحاربين، وكلما البسنا الغرباء هدوء العالم وتامل الفقيه وسكرة الشاعر تنتصر الثكنات والدروع على الكلمات والمعرفة فنعود الى الثكنات فقهاء حروب وعلماء دروع وشعراء مديح وهجاء، نلهب القلب بالعداوة ولا نلهب العداوة بالعشق والحب، حتى صورة عنترة الذي quot;تـذكرها والرماح نواهل وبيض الهند تقطر من دمه quot; اختفت طرائقه بترويض الادوات المتوحشة للغرام والهيام، وصار وطن الجماجم والحبال والسحل، يروض الحب على التوحش فانتصر البرابرة روحيا وادبيا، ويا ليت مدننا احترقت ونهبت ولم يصبح الحب اداة قتل وافتراس، كما لو ان روحه المتيبسة كروح قبائل محاربة تشعر باستفزاز كلما شاهدت مدنا عامرة ومتحضرة، انها عقدة الغزاة حيث ينتصرون بالجنود وينهزمون بالعلماء والمعرفة فينقلون المعرفة الى علوم العنف والقبح والحروب.
اول قصائد هذا الكوكب مرثية شاعر سومري يبكي ابنته المخطوفة، وبعد اربعة الاف عام جاءت حضارة وئد الفتيات كي تعلمنا درسا في الرحمة والمحبة! نحن الذين ضاقت الكراهية ذرعا في صدورهم فانتخبوا امراة ملكا عليهم لئلا يقودهم الذكور الى ثقافة العضلات، ترى هل نحتاج درسا في الرحمة كي لا نجعل النساء ملوكا علينا ونوقف وئد الاطفال الرضع منهن، نحن الذين فتحنا الشعر في كوكب على احزان ابنة وامراة، فتورط كوكب بالشعر لاجل فتاة ؟
من كان مسيحيا او يهوديا لا يفترض جعله مرتدا او وثنيا يعبد الاصنام، فهل تصح مفاعيل الانثروبولوجيا الحجازية ما يصح على العراق؟ واذا كان التوحيد هدفا لماذا اذن تدرج التكفير حتى طال التوحيديين؟ الدول المحاربة لا تعيش بلا اعداء ومتامرين، فالبحث عنهم يتطلب كوابيسا وخيالا كي لا تكون الدولة عاطلة عن الحرب وعن العمل، عمال القتل يحتاجون لضحايا واعداء، اذن تدرج مفهوم وخيال الكفار حتى طال الموحدين ايضا، وسوف يتدرج لاحقا فيطال المسلمين من قبل المسلمين ايضا، ويتطور التكفير حتى يضرب الجماعة التكفيرية في داخلها الى حد يبقى اخر واحد فيكفر نفسه وينتحر، هكذا سيوفر علينا دفع ضرائب اضافية لمكافحة الحصبة التكفيرية.
التعليقات