بات واضحا وبشكل لالبس فيه خلال أحداث العراق الطائفية الأخيرة مدى خطورة المليشيات الطائفية الفاشية المسلحة والبدائية ذات الروحية والنمط والنموذج الإيراني المتخلف أو النموذج الأفغاني السلفي التكفيري البائس على وحدة العراق السياسية والفكرية والنفسية والكيانية! كما أضحى معلوما مدى خطورة نتائج ترك الحبل على الغارب لتلكم الجماعات بإستمرارية التواجد الشاذ في الشارع العراقي وبما يشوه كل صور ومعاني النصر الكبير الذي تحقق على الفاشية البعثية القومية العنصرية المهزومة بمساعدة قوى الحرية في العالم، ولعل القليل من العراقيين والعرب ما زالوا يتذكرون تصريحات بعض الفاشيين والمتخلفين التي هددوا فيها بفصل جنوب العراق عن الوطن العراقي!! تؤكد ما ذهب إليه جميع الأحرار من الحريصين على وحدة العراق وأمن المنطقة الخليجية والعربية من أخطار التقسيم والتشطير التي تهدد تلك المليشيات المتخلفة والفاشية بجر العراق إليه!، وهي أخطار حقيقية ذات توجهات ملموسة وقدرات دعم لوجستي إيرانية المصدر ومدعومة من بعض الأطراف الإقليمية والجماعات العصابية السلفية والأصولية للإجهاز على حاضر ومستقبل التجربة الديمقراطية في العراق والتي هي اليوم تجربة مريضة بل أنها في غرفة الإنعاش؟ ولا أدري حقيقة من هي تلك العناصر المريضة أو ماذا قدمت في ساحة النضال ضد الفاشية البعثية؟ ولا ندري سوى أن العديد من المجرمين والمنحرفين قد تدثروا بعباءات الدين والطائفية ليتسللوا لعالم السياسة في ظل الفراغ السياسي والأمني وخلو الساحة العراقية من القوى الفاعلة التي تستطيع حفظ وصيانة الديمقراطية الوليدة نتيجة للتقصير الكبير لإدارة قوات التحالف خلال الأسابيع الأولى لتحلل النظام البعثي البائد و الفشل في الوصول لصيغة سياسية توافقية حقيقية وليست ملغومة بأمراض المحاصصة الطائفية المريضة تستطيع سد الفراغ القاتل وتمنع حالة التشرذم والتشظي واللوذ والإحتماء بالطائفة والمذهب والعشيرة وتلاشي المشروع الوطني الجامع! وإنحلال كل الشعارات الوطنية التوحيدية الجامعة، وتصريح أحد الطائفيين و (الزعاطيط ) الجدد بفصل الجنوب العراقي وإقامة إمارة مهدوية طالبانية مضحكة لاتنفصل عن الهلوسات السابقة التي أدلى بها (الشيخ الذي كان طبالا بعثيا) قبل شهور أيضا وطالب خلالها أتباع (السيد حبيبي.. إن صح التعبير)!! بشراء (جارية إنكليزية أو دانماركية) لتكون في (خدمة السيد) (أعزه الله)!!، فهل هذه النماذج البائسة والمريضة والمغرقة في أميتها وجهلها وتخلفها هي من يهدد بفصل الجنوب العراقي؟ ليشكلون مع عصابات الإرهاب وإمارات الموت الطائفية الزرقاوية المجرمة و مجاميع علمائهم من المنافقين وضباط المخابرات البعثية البائدة بؤرا للتدمير الذاتي للعراق؟ ماذا يحصل حقيقة؟ وكيف تدهورت أحوال العراقيين إلى الدرجة التي سمحت لسقط متاع القوم بالبروز والهيمنة بل والتهديد بتغيير الخرائط والإستراتيجيات! فبعد شهور من تحرير العراق تهيأت لي الظروف لزيارة مدينتي البصرة بعد غياب وهجرة دامت لأكثر من22 عاما كاملات؟ فماذا وجدت؟ لقد صدمني الموقف صدمة تامة وعنيفة وخيل لي منذ ساعات اللقاء الأولى بأنني في مدينة (الأهواز) الإيرانية أو في أي قصبة إيرانية! وليس في مدينة عراقية عربية؟ فلقد تغيرت المعالم بفعل حروب النظام البائد والتدمير المنهجي الذي كان متبعا، ولكن التغيير الأكبر كان في الديموغرافية السكانية التي شهدت تحولا كبيرا عن حالة ما قبل العقدين الدمويين الماضيين، وكان المشهد الأكثر دراماتيكية هو حجم ودرحة المؤثرات الإيرانية في المدينة سياسيا وتعبويا وحيث هيمنت على المدينة الأحزاب الدينية والطائفية المتخلفة غير التي نعرفها سابقا وبرزت أسماء غريبة عن الثقافة العراقية لأحزاب وجماعات ودكاكين طائفية مغرقة في ضحالتها وجهالتها من أمثال (ثأر الله)!!و (سيد الشهداء)!! و(منتدى الولاية)!! و(منتدى الفضلاء)!! و(حزب الله العراقي)!! وحزب الفضيلة التي أثبتت الوثائق الأخيرة مدى إرتباط قادته بنظام صدام البائد؟؟ وغيرها من التنظيمات الواجهة لأجهزة المخابرات الإيرانية النشطة التي سربت عناصرها لتلكم الأحزاب بكل سحناتهم وأشكالهم الغريبة والمتجهمة والمسلحة ليشكلوا ظاهرة كارثية في الشارع البصري في ظل تجاهل القوات البريطانية والحليفة لتلكم العصابات وهي تحتل مكاتب وبنايات الدولة العراقية وتمارس تعبئتها الإرهابية وتهدد بتفجير الموقف؟ وكانت سيطرة الجماعات الدينية على حياة البصريين واضحة إلى الدرجة التي باتت تفرض نفسها كظاهرة حياتية في فرض القوانين الدينية المتشددة ومضايقة المسيحيين وإضطهاد النساء ومصادرة الحريات والتعدي على طلبة الجامعة بل وتحويلها لحسينية كبرى بعد أن كانت معسكرا بعثيا كبيرا!! والقيام بتشكيل عصابات القتل والخطف والإغتيال والتهريب وتوزيع المخدرات والأفيون وحبوب الهلوسة الوردية اللون القادمة من إيران والتي يدمنها العديد من عناصر مايسمى بجيش المهدي الذي يطلق البصريون عليه إسما آخر وهو ( جيش الوردي)!! نسبة لحبوب الهلوسة الوردية اللون التي يتعاطاها (الإخوة المؤمنون)!!.

لقد أضحت مسؤولية الحكومة العراقية القادمة تاريخية وحاسمة في ضرورة تصفية و إنهاء تلك المليشيات الإرهابية وإنهاء سطوتها المسلحة والإرهابية على الشارع و الشعب العراقي وإسترداد هيبة الدولة والأمن الإجتماعي وطرد العناصر الغريبة خارج الحدود والمباشرة بنشر ثقافة الحرية والإنفتاح بدلا من سياسة الإغراق في تعميم الجهل، وعلى إجراءات الحكومة العراقية القادمة سيتحدد مستقبل العراق والإقليم ككل، فإما قيام عراق حضاري دستوري تعددي وإما خيارات الموت والتشظي والطائفية والتخلف وشبح الحرب الأهلية المرعب الذي بات العراقيون يواجهون مصائبه.... كما أن وحدة العراق وإستمرايته كدولة موحدة متعلق أساسا بتصفية جماعات الموت تلك وإرسالها لمكانها الطبيعي وحضنها البيولوجي وهو (مزبلة التاريخ)، والتاريخ لن يرحم المهزومين؟.