مستبقا.. اذا كنت ما ساذكره يوحي بانحياز quot; شيطانيquot; للاعداء والمتامرين،على الامة : بدءٌ من ازمة الغاز الى التامر على مواسم الطماطة الى الانقلابات السياسية والتدخل بطلاق النسوة واغتيال العلماء وفرض الاوساخ والتخلف على شوارع العواصم، هؤلاء الخصوم الذين اسسوا اللوفوبيا الاسرائيلية- المقصود تضخم الفوبيا- في الخيال العربي حيث تكال لهم تهمة الاكثار من السجون ومنع بناء المستشفيات، وسيطرت دول الامن، وفي الحقيقة ان دول الامن تعيش على حاجة مبرمة تقوم على فرضية: (وجود اسرائيل عدوة، الى حد توسلها ان تحتل اجزاءٌ من اراضي العرب كي يبرر الجترالات قتل شعوبهم باسم الخيانة والمعارضة في حالة طوارئ ابديةن وتاليا تدمير كل استحقاقات الاصلاح)،كما لو ان كل عربي ومسلم في صدره اسرائيلي يوجه فشله وهزيمته ويعلمه العدوان ومنع تنظيف الشوارع وتعطيل العلم والعرفان ويمنعه العيش في مدن نظيفة وافكار نظيفة،اذا كان الشتم يخلصني من تهمة التعاطف والعمالة للاعداء فانا مستعد ان العنهم ها هنا ! كي اطمئن الثقافة العربية القائمة على العدوان اللفظي، والاستشفاء بالشتيمة، ثقافة العلوم الكلامية والاحتكارات البلاغية لاجل المزيد من تحقير العامة والناس ومنعهم حتى التنعم بمساواة لغوية احتكر مفاتيحها والغازها مجموعات بلاغية حكمت الناس باسم البيان والاعراب الى حد لا يحق لبائع السمك ان يتنفس اذا لم يعرف علاقة التنفس بسيبويه وقواعد الاعراب! لعن الله طواغيت البيان والفقه ولعن حضارة كلامية فقط.. فاذا كان الشتم يمرر نظافة غرضي ما أسلط لساني على الشتم،ولكن هل يغير شتمي ولعني قسوة الحقائق ؟ وهل في إضافة نسخ مكررة من خطاب لعن الاشباح والابالسة يقدم خدمة للمخارج والحلول ونحن امام نفايات لفظية طوال ما يقارب قرنا من التكرار والاجترار حتى اصبح خطاب المؤامرة والاعداء قد اضاف فصيلة من المجترات البشرية لا تضجر مما تكرره صبح مساءٌ. ومع ما يتركه هذا الحوار من ندوب جريحة لدى الاخوة الفلسطينيين، لكن جرحا في حقيقة افضل من خداع في امنية.

اسرائيل اجتاحت سجن اريحا واعتقلت احمد سعدات وفؤاد الشوبكي بارون الفساد المالي!(في مجلة الرصيف جمعتنا واياه، أي الشوبكي، وكنت حينها مع الاخ الشاعر الفقيد علي فودة انذاك / حيث جمعتنا معارك كبيرة مع الشوبكي، تدخل لحلها ابو عمار نفسه وقال هذا لص شبعان فهل تريدوني ان اجلب لصا جوعان؟ كتبنا ذلك في الرصيف اليومية خلال حصار بيروت برغم تهديدات الشوبكي بالتصفية) ما المشكلة، انه محارب وقدر المحارب ان يموت او يقع في الاسر، وبهذا المعنى لا يحتاج الامر لثغاء اعلامي ولا ولولة استدرارية تستغيث بنخوة القبائل العربية التي تنشغل هذه الايام بحروب داحس وتتحول الى عبئ على نفسها. فلا الشوبكي زعيم حركة سلام مدني ولا سعدات رئيس منظمة حقوق انسان انهما عسكرا حتى علاقات الحب والبسا الشعر خوذة فولاذية ! ما المشكلة في سجال المحاربين ان سقط احدهم في المعركة، الم يختاروا دروب المخاصمة النارية ؟
مرات عدة ينتحل خطاب الادانة نوعا من تقمص في غير محله، واحيانا يقوم بعملية تعبوية لاجل محارب كما لو انه يطالب بحقوق مدنية وانسانية بين متحاربين، أعلنوا جهارا مشروعهم المقاتل مع خصم اخر، ما لا يمكن ان يتحمل هذا الحوار ما يتحمله العدوان على مجموعات محايدة ومدنية ليست لها علاقة بالحروب. ماذا يتوقع جندي وماذا يتوقع الجندي من جندي اخر غير تراشق الموت والقذائف والحرائق والاحقاد والكراهية؟ فهل ثمة مهنة اخرى لدى الجنود / مثل حياكة السجاد او زرع الحدائق ام مهنة الموت؟
ماذا يتوقع محارب اعطى اوامره لاغتيال وزير في دولة معادية غير القتل وخرق القانون بالمثل، أي كما خرقه هو، وتلك مهمة المحاربين، وهي تتجلى بالاختراقات والاستباحات كلها وليس نصفها، ولكن ما الذي اثبته الفلسطينيون للمجتمع الدولي من [كشف براءة او تورط] بعد هذا الحادث ؟ انهم حقا قدموا دليلا على شرعية الاختراق الاسرائيلي حين كشفوا عن امكانية خبيئة حيال تعاملهم القانوني مع بعثات وملحقيات اجنبية لا حول لها وهي في ضيافتهم القانونية، ولا تبدو ثكنات او معسكرات تدريب، وهذا يدل على حدود احترام الوجود المدني والمضافات الدولية الدبلوماسية، والامر اته يتساوق مع الدعاية المضادة ليثري خطابها وحجتها بالدليل المؤكد على الشروع الارهابي لهذه المجموعة وهي تتعرض لمؤسسة دبلوماسية مدنية / تكرس بفعلتها هذه انعدام القانون والسلطة والردع وفلتان شريعة المليشيات والسلاح مما يجعل سجن اريحا في هذا السياق الذي يكرس سلطة التنظيمات والاحزاب ودويلات الظل، ولعله يمنح اسرائيل صفة شرعية لاقتيادها واختطافها سجينا لا يخضع لقصاص وعقوبة دولة وسلطة، انما هو اما في منتجع يسمى سجنا فيما هو طليق مؤجل ريثما تستمزج تلك المليشيا الهجوم على السجن واطلاق سراحه، ناهيك عن قتله ان هي ارادت لاشعال فتنة معينة تخرب مباحثات السلام والحوار... وهذا الدليل الذي اعقب بفوضاه ما تعرضت له اماكن مدنية تابعة لبريطانيا واميركا اكبر شهادة على الخطر الذي يهدد حياة المراقبين، في غياب دولة القانون وغياب علاقة الاحترام بين الدولة والمواطنة، كما هو سائد في مجتمع الطوفان الناري والمليشيوي، الذي وجد بخطاب الجهاد والنضال تغطية وردية لاعماله التشنيعية ونشره الرعب والفوضى والقتل المقدس، تحت قيم التطهير في المجتمع، حتى تماهت تلك الفوضى من الواجب الاخلاقي والديني فالنضالي واصبح من يحاربها موسوم بالعمالة والخيانة كما يحدث في لبنان حيال سلاح حزب الله الذي اصبح سياقه الفوضوي المليشيوي نوعا من الصراط الوطني المستقيم فيما انتزاعه نوعا من الخيانة والعمالة لاسرائيل، يا لخيبة معادلاتنا ونحس قدرتنا على الصمود امام حيلة الدهاء الجهادي.، وسيطرت اغوات الدم وبارونات الارهاب !
احمد سعدات هو مناضل وقائد، اختار طريق المعركة والكباش الناري مع الخصوم، ومن المفترض ان المحارب لا يجب ان يتصور ان هناك قاذفات زهور وليس قاذفات موت، فاذا ما مات محارب، فهذا خياره مع سبق الاصرار، وهو خيار لا يتطلب بكائية او مراثي شعرانية، تتكسر فيها الافئدة والعواطف، وتنفتح الجراح على نهم تراجيدي، يفترض ان حدث فانه نقيض تلك الخيارات. اسرائيل دولة ديمقراطية في حالة حرب وهذه اكبر بطولة ودليل على الديمقراطية وهي تحدث في اسوء ظروف تتطلب التعبئة وانظمة طوارئ واحكام عسكرية، فالعرب ودولهم في حالة طوارئ دائمة دون حرب ودون خصم الا شعوبهم التي يخاصمونها وربما هم في حرب quot;راجحquot; (على ما ذكر في مسرحية فيروز، وراجح شخصية وهمية خلقها المختار كي يخيف الناس ويشعرهم بحاتهم لحمايته)، أي هم دول طارئة وطوارئ دون حرب فيما اسرائيل دولة ديمقراطية بحالة حرب دائمة وهذه اكبر حجة على امكان الديقراطية حتى في حالة الحرب، أي دمقرطة الحرب وحالة الطوارئ فيما نحن نعسكر السلم والمجتمع ونخلق الثابت طارئا ابديا حيث لا تنتهي حروبنا حتى مع النجوم والكواكب الاخرى.. الى يوم الدين !
هذا الوضع يفرض على دولة ديمقراطية حقوق مواطنة الحرب والصراع، وهي تكيف نمط الحقوق ومنهجتها في حالة الحرب بحيث يكون مطلبا شعبيا اختطاف متهم بقتل وزير والا فان الحكومة ستكون متقاعسة في نظر مواطنيها، فاذا اعتاد العرب على استرخاص المواطنة وتحقيرها فان الديمقراطيات لا تبنى الا على كرامة والمواطنة وتضخيم روح الاحرار في الذات / عزتها كبرياؤها، وجعلها كونا محوريا يفردنها لا يجمعنها في سياق العبوديات المزيفة بالمقدس والمهوّل والشمولي والرمزي، لهذا تاتي الخطب المستغيثة في اطار الضمير والتضمير التحقيري للمواطنة، دون ان يحلل الخطاب عبر نشاط ذهني حقيقة ما يحدث، ذلك لانه خطاب مبني على الاشارات العاطفية والانفعالية المفرطة، تلك التي تمجد الزعماء والقادة والتغييب القصدي للذات من اجل تذوبها بالرمز الجمعي وتاليا تعطيل وظائف الذهن في صياغة الكلمة.
من لا يريد ان يخاصم دولة عليه ان يقدم لنا كشفا في تحوله المدني، سواء في الثقافة والتربية والاستعداد والتعاقد، والا فليتلقى نتائج عدوانه وخطابه العنفي، كما تتعامل اسرائيل بتعقيم ضحاياها من الشعر والندب في الخطاب السياسي، دون ان تدخل في خطابها اناشيدية الموتى والابطال والشهداء، انما تتعامل مع قتلاها كافراد شاء خيارهم ان ينتهي هكذا. لم نسمع ذلك الصراخ خلال العمليات الانتحارية ولا حدث ان تتحول الهولوكوس الى كربلائية دائمة البكاء، انما تمكن كل اؤلئك الموتى ان يقدموا ارواحهم لفائدة الاحياء والحياة فيما نحن نميت الالاف لمجد قبر تهدم ولمجد ميت منذ مئات الاعوام، تحترق المدن وتخرب العلاقات الدولية، ويقتل الاف الناس، وهذا يدل على انتصار الموت على الحياة في عالمنا... حبذا لو ان الموتى يموتوا ويتوقف فضولهم على الحياة، حبذا لو انهم خدموا الاحياء لا ان يجعلوا الاحياء في خدمتهم.
لا انصح الفلسطينيين تصديق السعار الفضائي التلفزيوني، هذه التقنية التي تدار بعقل داحس والغبراء حيث بدونها الاعارب، وهي وتحثهم على الموت نيابة عن ازمات المسلمين والعرب، وهكذا دلت ازمة صور الرسول الى ان الفلسطيني ما يزال مسحورا بخطاب العرب والمسلمين الذين ورطوه بالعقل البطولي وكذبوا عليه كي يموت فيقدم لهم تراجيديا الشيطان والرحمان، لتنتعش رياح الخرافة والاسطورة، المسماة، ايمان وعقيدة في نفوسهم... ومن الغرائب ان يهب سادة الفلتان المسلح الى الاحتجاج حول ازمة صور الرسول فيما لم تتصرف حماس بهذه المسلكية، وهذا يدل الى ان قادة الحشيش الناري (فتح العتيقة) يبحثون عن ازمات تعيدهم الى السطح، في وقت ان هؤلاء انفسهم حرقوا القرائين والكتب المقدسة واليافطات الممجدة للاسلام في مخيم عين الحلوة حين حدثت معركة بينهم وبين جماعة ابو محجن : quot;عصبة الانصار quot;.. كما هي حال نظرية استباحة الخصم التي أعمت فريقا عراقيا من دعاة الاسلام ليحرقوا جوامع جماعة اخرى متناسين ان فيها الكتاب الجمعي المقدس (القران)، فهل هذا يدل على غيرة دينية ام غيرة على طاقة انعاش روح العدوان في نفس لا تعيش من دونه؟

لعل اسرائيل تختبر الان، وامام العالم، فكرة الفريق المفاوض لها، ما اذا كانت له دولة قانون ودستور وسلطات امنية واحدة ام هناك مساواة في توزيع حرية العنف والردع بين المنظمات تتحول فيها الدولة لقوات فصل او مرقبين شرف بين متحاربين، بحيث يشكل هذا الاختبار، في لحظة سياسية معقدة الامتحان، بان اسرائيل نجحت في تقديم الدليل على انعدام وجود طرف مفاوض بمستوى تعهداته وتوقيعه، فدولة لا تحم بعثات دبلوماسية او مراكز ثقافية لا يمكن ان تكون مؤهلة للمفاوضات او صناعة السلام ! وهذا ما قدمه المتهيجون مجانا لاسرائيل دون اجور مدفوعة كما هي حماقات صدام،اكبر المتبرعين مجانا بحماقاتهم ! اذا كان الخيال العقائدي الذي اشتهر بدمج الخلطات اللفظية العجيبة مقبولا لدى العرب المهيئين اصلا لكل المغالطات فان العالم ليس المساحة التي يتحرك بها خطاب الخلطات السحرية، العالم ليس مصلى ولا خلية حزبية ولا ثكنة، انه يحتاج لاقناع اكبر مما هو رهان على جمهور معبد او جامع او ثكنة فخلية حزبية، عالم دمر موثوقاته وموعوداته، واصبح في التوحش العملي والواقعي، وهذا يستدعي انظمة متينة بقانون المواطنة لا انظمة متينة بوطنية تسحق مواطنيها او مواطنين يسحقون مؤسساتهم ونظامهم فدولتهم، [دولتنا سيئة ومواطنتنا اسوء ]وهذا لا يؤهل حوار السلام الا مثل حب من طرف واحد، كما هو حوار الحضارات، الذي بهرجه وهرجه قادة الالفاظ الاحتفالية كما لو انهم طرف حضاري يتكافأ ويتقابل مع الطرف الاخر، فيما الحقيقة ان الحوار من طرف واحد والحقيقة قائمة على الصدام لان الحوار يقوم بين زمنين، بين علاقات القرن السادس عشر وربما اسوء وبين الالفية الثالثة.

علينا خلق انظمة، سلاح تدميرها الشامل هو تكريم النفس البشرية وتضخيم الذات العزيزة، انظمة سلاحها للتدمير الشامل قوة العرفان ونشاط المعرفة وحرق العبوديات كلها.. تلك مهمة لا تحققها اموال النفط كما السلاح النووي بل تحققها منظومة اخلاقية رفيعة الكرم والعدل والحقوق.